العنصرية مقابل كوفيد19 في تهديد البشرية
بقلم: فاطمة أبوسرير / صحافية ومترجمة

كان انتشار وباء كوفيد19 عالمياً  كمين أوقع بعض المجتمعات في مطب العنصرية، فارتفع منسوب خطاب الكراهية، وتوجهت أصابع الاتهام بتعمد نشر الوباء أو انتشاره بين فئات معينة على أساس عنصري، وغصت وقتها منصات التواصل الاجتماعي بمعارك التحريض والإدانة (ولازالت قليلاً حتى اليوم) متجاوزة المعلومات الطبية المعتمدة، فمن المستفيد ومن وراء تأجيج التناحر، ومحاولة تقديم الاختلاف على اللحمة الوطنية مما يصنع شروخاً تتمدد في الأوطان وقد لا تزول أبداً.

لا يمكن تسميتهم باسم، فهم مختلفون في كل مجتمع، لكن أقل ما يمكن وصفهم به أنهم: كائنات موجودة بيننا، ربما أحدهم جارتي، أو قريبك، فكرهم يؤدي إلى تمزيق الشعوب، ولاستمرارهم يعتمدون على إيقاع الخلاف وتصعيد الفرقة، بالإضافة إلى دعمهم للتقاتل الطائفي والعرقي، وكانت ايدولوجياتهم العنصرية المتطرفة مدخلاً وضع بعض الدول في مأزق في ظل انشغالها بمحاولة السيطرة على انتشار كوفيد19، مما سهل للعنصريين المتطرفين نشاطهم الساعي إلى تعميق الاختلاف، ولنكن منصفين فالعنصرية صراع مختلق وليس صراع حقيقي، كل ذلك واضح فهو عدو أزلي يقفز من سبب إلى آخر في الزيغان عن العدو الرئيسي، واستراتيجيته مبنية على التفكيك، وخلخلة الأوطان لذا فإن أساس انتصاره الغفلة، وأي مسار للكسب أسهل من تغذية مصالحه في هذه الفترة، فنشط العنصريون لإلقاء التهم هنا وهناك من منطلقات عرقية وطائفية، وتعزيز عدم انسجام بعض الأفراد مع الجماعات التي لا ينتمون إليها، وجذبهم بإبراز ذلك وقيادتهم إلى تكوين أفكار تدفعهم إلى الانشقاق عن الوحدة الوطنية والمزج بين مدى اختلافهم مع الآخر ونسب انتشار مرض وبائي، وجعل ارتفاعها أحياناً لدى الآخر أسس لتغذية مصالحهم، وخلق وتشكيل صراعات بحيث تكون آراؤهم الخاصة مستترة تحت مبررات منسوبة إلى مرض جسدي ينتشر بالعدوى، وتكرار ذكر الموال ذاته  لإثارة السخط، وإبقاء التوتر بين فئات المجتمع المختلفة سيد الساحة.

وبدلاً عن تحوير الصراع من البشرية مع المرض إلى البشرية مع بعضها البعض، يجب على الدول العمل على تشديد القوانين لحماية شعوبها بأطيافهم المختلفة والمتنوعة من خطر العنصرية المحدق بهم، وضمان منع تراكم الصراع بسبب الخلفيات الثقافية، وعدم تحميل أي مكون من مكونات الشعب جريرة انتشار وباء لا حول لهم فيه ولا قوة، وذلك لإيقاف الفوضى وتلاشي التمايز، وإحداث نقلة نوعية في التآزر العالمي للتغلب على كوفيد19، وربما الانعتاق من العنصرية قبله،

لكن لماذا نبحث عن قوانين جديدة بينما الردع الكافي للممارسات العنصرية سيكون عندما تضع الدول في اعتبارها «مبادئ المادة 3 من اللوائح الصحية العالمية» -والتي تعتبر حسب منظمة الصحة العالمية إجراءات احترازية من «الأعمال التي تعزز الوصمة أو التعصب»- عند اتخاذ تدابير وطنية استجابة لتفشي المرض!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى