تقرير للأمم المتحدة: كورونا يحبس 1.1 مليار شخص من سكان العالم في فقر مدقع

النشرة الدولية –

أشار تقرير حديث، إلى أن التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا قد تدفع 395 مليون شخص إضافيين إلى الفقر المدقع، وتزيد إجمالي من يعيشون على أقل من 1.9 دولار يومياً على مستوى العالم إلى أكثر من مليار شخص.

وقدم التقرير، الذي نشره المعهد العالمي لبحوث الاقتصاد الإنمائي التابع لجامعة الأمم المتحدة، عدداً من الاحتمالات تأخذ في الاعتبار خطوط الفقر المختلفة التي حددها البنك الدولي، من الفقر المدقع بالعيش على 1.9 دولار أو أقل في اليوم، إلى أعلى خطوط الفقر بالعيش على أقل من 5.5 دولار في اليوم.

وفي ظل أسوأ احتمال وهو حدوث انخفاض نسبته 20 في المئة في دخل الفرد أو استهلاكه، يمكن أن يرتفع عدد الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 1.12 مليار شخص. وإذا جرى تطبيق مثل هذا الانخفاض على حد 5.5 دولار بين الشريحة العليا من البلدان المتوسطة الدخل فقد يدفع ذلك أكثر من 3.7 مليار شخص، أو ما يزيد قليلاً عن نصف سكان العالم، للعيش تحت خط الفقر هذا.

وقال آندي سومنر، أحد المشاركين في إعداد التقرير، إن “الآفاق بالنسبة للأشخاص الأشد فقراً في العالم تبدو قاتمة ما لم تبذل الحكومات المزيد من الجهود على نحو سريع وتعوض الخسارة اليومية للدخل التي يواجهها الفقراء”.

وأضاف، “النتيجة هي أن التقدم في الحد من الفقر يمكن أن يرتد للوراء 20 إلى 30 عاماً وتجعل هدف الأمم المتحدة إنهاء الفقر كأنه أضغاث أحلام”.

كما وجد الباحثون من كينجز كوليدج بلندن والجامعة الوطنية الأسترالية، أن الفقر قد يتغير في توزيعه الجغرافي. فالمنطقة التي يتوقع أن تشهد أكبر عدد من الأشخاص المعرضين لخطر الانزلاق إلى الفقر المدقع هي جنوب آسيا، تقودها إلى ذلك بالأساس الهند المكتظة بالسكان، وتليها منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، حيث سيأتي منها نحو ثلث الزيادة. وقال البنك الدولي في تقرير أصدره قبل أيام، إنه يتوقع أن ينزلق ما بين 70 و100 مليون شخص إلى الفقر المدقع بسبب الوباء العالمي.

وقدر بنك التنمية الآسيوي، الخسائر الاقتصادية العالمية الناجمة عن جائحة كورونا بنحو 8.8 تريليون دولار، أو ما يقرب من 10 في المئة من الناتج الاقتصادي العالمي.

وأشار إلى أن توقعات التأثير الاقتصادي للفيروس في ظل فترة احتواء طويلة مدتها 6 أشهر ستكون أكثر من ضعف تقييمه في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين، وكذلك توقعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وأشار البنك، في تقريره المحدث، إلى أن الناتج الاقتصادي العالمي سيفقد 5.8 تريليون دولار، أي ما يعادل 6.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في ظل فترة احتواء قصيرة مدتها 3 أشهر.

وذكر أن الخسائر الاقتصادية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ قد تتراوح بين 1.7 تريليون دولار في فترة احتواء مدتها ثلاثة أشهر، و2.5 تريليون دولار في إطار سيناريو مدته 6 أشهر.

وأوضح التقرير أن الصين، بؤرة انتشار الوباء، قد تواجه خسائر اقتصادية تتراوح ما بين 1.1 تريليون دولار و1.6 تريليون دولار. وأكد أن “هذه الخسائر سيكون من الصعب تعويضها. فضلاً عن ذلك، لا يمكننا أن نستبعد إمكانية حدوث أزمة مالية، إذا لم يتم احتواء الوباء في الوقت المناسب لمنع حالات الإعسار والإفلاس الكبيرة”.

وبحسب التقرير، فمن المرجح انخفاض إيرادات التجارة العالمية بما يقدر بنحو 2.6 تريليون دولار، بفعل عمليات إغلاق الحدود والقيود المفروضة على حركة السفر وتدابير الإغلاق الوطنية. وأشار إلى أن التراجع في معدلات التوظيف على مستوى العالم سيتراوح ما بين 158 مليون إلى 242 مليون وظيفة، حيث ستشهد منطقة آسيا والمحيط الهادئ نحو 70 في المئة من إجمالي الخسائر.

وأوضح التقرير، الذي يشمل 96 اقتصاداً متضرراً من تفشي الوباء، الذي أصاب أكثر من 4 ملايين شخص حتى الآن، أن دخل العمالة في جميع أنحاء العالم سينخفض إلى 1.8 تريليون دولار، حيث ستواجه اقتصادات المنطقة تراجعاً بنسبة 30 في المئة.

وقال الباحث الاقتصادي محمود عنبر، إن دراسة البنك الآسيوي تأتي اتساقاً مع دراسة تقدّم بها صندوق النقد الدولي لحصر الخسائر الاقتصادية التي يمكن أن تنجم عن تداعيات كورونا، مشيراً إلى أنها تعد الأزمة الأخطر والأصعب منذ القرن الماضي، لأنها أصابت العالم كله في فترة متقاربة.

وأوضح لـ”اندبندنت عربية”، أن صندوق النقد الدولي تحدث عن حجم الخسائر الاقتصادية ووصفها بأنها تعادل اقتصاد ألمانيا واليابان، بما يعادل 7 في المئة من إجمالي الإنتاج العالمي. موضحاً أن هذا المرض أعطى حالة من الغموض من حيث احتوائه على المستوى الصحي وتداعياته الاقتصادية والخسائر التي ألحقها بكثير من القطاعات الاقتصادية.

وأشار إلى أن حجم خسائر الاقتصاد العالمي تتجاوز 9.7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، لكن هناك ما هو أخطر من هذه الخسائر، وهو تأكيد البنك الآسيوي على حالة عدم التأكد واليقين لتلك التداعيات الاقتصادية لكورونا.

وذكر أن الآثار السلبية للوباء تعتبر أزمة حدثت على مستوى العالم كله، تقريباً في توقيت واحد على عكس الأزمة الاقتصادية الأخيرة بالولايات المتحدة. متابعاً أن الدول النامية سوف تدفع ضريبة مزدوجة بسبب كورونا من الناحية الاقتصادية، وهي انتقال الصدمات الاقتصادية التابعة للدول المتقدمة عليها. وذكر أن مخاطر جائحة كورونا تتطلب المزيد من الإنفاق على القطاع الصحي، والأمور التي تحتاج إلى تنفيذ الطلب وتحديد خرائط الاستثمار، بخاصة في الدول النامية.

وقبل أيام، خفض صندوق النقد الدولي، توقعاته بشأن النمو العالمي في 2020 بعد انهيار الاستهلاك نتيجة التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا. وقالت المسؤولة بصندوق النقد الدولي، جيتا جوبيناث، إن انهيار الاستهلاك وبيانات أخرى واردة ستؤثر بشكل كبير في توقعات الاقتصاد العالمي.

وأوضحت أن البيانات الاقتصادية منذ أبريل الماضي تؤكد توقعات صندوق النقد لانكماش الناتج الاقتصاد العالمي 3 في المئة، وربما ما هو أسوأ، وقالت، “يبدو أن التوقعات ستزداد سوءاً”، مضيفه أن انهيار الاستهلاك من المرجح أن “يفضي إلى تعديلات بالخفض”. وأضافت، “لا دولة بمنأى، والأرقام التي تصلنا منخفضة على نحو غير مسبوق” مبينة أن المخاطر تهدد الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة على نحو خاص.

وأشارت إلى أن التعافي ممكن بعد تخفيف الإغلاقات الشاملة، إذا توافرت اختبارات كافية للكشف عن إصابات كوفيد-19، وتتبع مخالطي المصابين ووجود إجراءات حجر صحي ملائمة لمن يصيبهم المرض. وشددت أيضاً على أهمية توفير السيولة للدول المنكوبة جراء الأزمة، مشيرة إلى أن احتياجات الاقتصادات الناشئة والدول النامية ستتجاوز على الأرجح توقع صندوق النقد البالغ 2.5 تريليون دولار.

وتوقع صندوق النقد الدولي قبل شهر أن إغلاق الشركات وإجراءات العزل العام الرامية لإبطاء انتشار الفيروس سيدفعان العالم نحو أعمق ركود منذ الكساد الكبير عام 1930. كما توقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3 في المئة خلال العام الحالي، مع خسائر تصل إلى 9 تريليونات دولار، ثم سيشهد الاقتصاد العالمي انتعاشاً جزئياً في عام 2021.

وفي ظل التصور الأولي لصندوق النقد الدولي، الذي افترض أن آثار الجائحة ستنحسر في النصف الثاني من العام، فقد توقع أن النمو سينتعش إلى 5.8 في المئة خلال 2021.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى