الإندبندنت: اردوغان يشغل كبار جنرالات الجيش بحروب خارجية لإستنزافهم بدلا من الانقلاب عليه

النشرة الدولية –

قالت صحيفة ”الإندبندنت“ البريطانية إن وراء نهج الاستعراض العسكري الذي انخرط فيه الرئيس رجب طيب أردوغان خارج الحدود، هو في إشغال كبار جنرالات الجيش بحروب خارجية متصلة تستنزفهم ولا تترك لهم مجالا للانقلاب عليه، بحسب ما نشره موقع “إرم نيوز” الإخباري.

وتنقل الصحيفة البريطانية عن محللين متابعين لنظام الرئيس أردوغان، قناعتهم أن ما حصل في المحاولة الانقلابية للجيش التركي قبل أربع سنوات، أشعل رعبا داخليا لدى أردوغان بهواجس الخوف من أن تتجدد المحاولة الانقلابية، وترتب على ذلك برنامج استباقي اتخذ ثلاثة أشكال من إبقاء الجيش في حالة استنزاف موصولة، كما يقول التقرير.

الإجراء الأول الذي اعتمده أردوغان بعد المحاولة الانقلابية، كان التطهير الهائل في صفوف الجيش، وذلك بهدف إعادة تموضع دور الجيش في الحياة السياسية التركية، واجتثاث قدرته على تهديد الرئاسة.

الخطوة الثانية بعد تنظيف القوات من جميع أتباع فتح الله غولن ومعارضيه الآخرين، كما يقول التقرير، أراد بها أردوغان ”إعادة تشكيل الجيش على صورته شخصيا“.

وكان ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، أن أردوغان سمح لحلفاء حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه شخصيا، بتشديد قبضتهم على المناصب العسكرية الحساسة.

ويقول التقرير: ”لم يكن التطهير عملية تهميش الضباط ذوي الميول السياسية المختلفة فحسب، بل كان محاولة أسلمة الجيش أيضا،“ كما يلحظ التقرير.

غزو الدول العربية

الخطوة الثالثة، في صراع العسكر والمدنيين، والتي ترتبت على أسلمة الجيش، كانت بالتوسع في إشغال الجنرالات بالحروب والتدخلات العسكرية الخارجية في الدول العربية، وهو ما حصل في سوريا ويجري الآن في ليبيا وأيضا في شمال العراق، بدعوى ملاحقة حزب العمال الكردستاني.

files-iraq-turkey-kurds-conflict

ويُدرج التقرير في هذا النهج الذي اعتمده أردوغان لإبقاء الجنرالات ”أعدائه المحتملين“ في حالة استنزاف متصل، ما فعله من إنشاء قواعد عسكرية في أفغانستان وقطر والصومال، ومن إرسال مستشارين ومرتزقة إلى ليبيا، ومتابعة مساعيه للمنافسة على مواقع عسكرية في السودان وتونس.

ويشير التقرير إلى أن أردوغان يشرف حاليا على أكبر استعراض عسكري تركي في الخارج منذ العصر العثماني.

2020-06-Turkey-1

ونقلت ”الإندبندنت“ وجهات نظر محللين متابعين للشأن التركي، تقول إن هناك جانبا آخر خفيا لدعاوى أردوغان لإعادة إحياء الامبراطورية العثمانية، وهو إبقاء الجيش غارقا في صراعات معقدة بالخارج من أجل أن يضمن عدم انقلاب الجنرالات عليه في الداخل.

وأشار التقرير إلى أن الكثير من المحللين تغيب عن بالهم هذه النقطة التي يريد منها أردوغان إنهاء التهديد بالانقلاب عليه، نهاية جذرية ”مرة واحدة وإلى الأبد ”.

2020-06-Erdogan_military_fatigues

ولأجل ذلك يستخدم تكتيك ”إبقاء الجيش مشغولا بعمليات متكررة، وتحالفات دائمة مع الميليشيات في سوريا وليبيا، مع إدامة الأزمة مع اليونان ودول الجوار بإشراك الجيش في عمليات التنقيب عن الغاز القبرصي في البحر الأبيض المتوسط“؛ فاستنزاف الجيش في الخارج يعني إلغاء أي مساحة سياسية محلية قد يرغب الجنرالات في الاستيلاء عليها.

تغيير هوية الجيش

ويشير التقرير الى أن الجيش التركي يمر الآن بأكبر تغيير ثقافي منذ مصطفى كمال أتاتورك؛ وقد سلطت الغارات الأخيرة في سوريا الضوء على صعود الجنرالات الذين لا يعتقدون أن البقاء في صف الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في مصلحة تركيا.

وبدلا من ذلك، يؤكد العديد من المحللين الأتراك أن أولئك الذين يريدون تعاونا عسكريا أعمق والمزيد من صفقات الأسلحة مع روسيا سيطروا بشكل كامل على عملية صنع القرار في الجيش.

وقد ظهر ذلك في لغة أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد إسقاط الطائرة الروسية من طراز  ”اس يو 24“ في عام 2015 على الحدود مع سوريا، ثم في الهجمات الكاسحة على  الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة في سوريا، ودفع الجنرالات لشراء نظام الدفاع الجوي الروسي ”اس400“ على الرغم من الاحتجاجات المتكررة من الغرب.

الجنرالات الإسلاميون الجدد 

يقول تقرير الإندبندنت إن تحدي الولايات المتحدة أصبح عملا بطوليا بين كبار الجنرالات الأتراك، وطريقة لإرضاء قائدهم العام، الذي زرع قيادات إسلامية جديدة للقيام بمهمة تغيير هوية الجيش، باعتباره ركيزة العلمانية في بلد إسلامي.

turkish-president-erdogan-arrives-for-a-meeting-in-istanbul

كما أن هؤلاء الجنرالات الإسلاميين الجدد، يقدمون خدمة كبيرة لأردوغان من خلال وضع الميليشيات الإسلامية والجماعات المسلحة المتحالفة مع تركيا في صميم أي صراع، وضمان حصولهم على مقعد في طاولة أي حل سياسي، والمساعدة في ضمان  ولاءات طويلة المدى تجاه تركيا في المناطق الأكثر اضطرابا.

ويخلص التقرير  إلى أن ”الهدف الاستراتيجي لأردوغان هو تغيير تركيا والشرق الأوسط“، مضيفا أن تحقيق هذا الهدف قد يستغرق بعض الوقت، لكن الخطر الوشيك الذي تواجهه تركيا هو رؤية الجيش يعاد بناؤه على صورة أردوغان، ليصبح أداة استبداد وتحريف وتطرف، وهو ما تدفع الدول العربية المجاورة ثمنه، وستدفع تركيا ثمنا أكبر منه“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى