“طلب زواج” يعكس عنوسة الفكر ..والوصايا المجتمعية.. وادعاء كشف الحياء* عبير العربى

النشرة الدولية –

ضجة إعلامية  كبيرة رافقت إعلان “مها أسامة” فتاة ال32 عاما عن رغبتها في الزواج من شاب جاد ،عبر السوشيال ميديا وأصبحت الفتاة الأكثر تداولا والأكثر تعليقا أيضا، وما بين داعم للفكرة من منطلق إنها حرية شخصية وحلم مشروع قوبل بالتأييد ودعوات بالتوفيق ،وبين رفض كبير  واعتبارها جرأة غير مقبولة -ومكشوفة الحياء- ليكون أول رد فعل عملي على ما أعلنت الفتاة هو اقالتها من وظيفتها ،لتخرج “مها أسامة” مجددا عبر صفحتها الشخصية فيسبوك وتعلن عن خسارتها لوظيفتها وكأنها على يقين بأن القادم أفضل، وكأنها على موعد مع الأمل وتحقيق ما تراه آجلا أو عاجلا في تجاهل لكل جاهل بالتعبير عما تمنت.

وكأن الفتاة راغبة الزواج الجاد، كانت تعلم في ظل مجتمع لا يؤمن كثيرا بالحريات وخاصة تلك التي تخص وتتعلق بالمرأة لن تمر مرور الكرام، لكنها رغبتها التي أعلنت  عنها باحترام  ووعي ،ولم تخرج عن السياق العام ، وإنها أيضا لم تلجأ إلي ما يسمى بتطبيق ” التيك توك” وتخرج فيديوهات غير لائقة ،كانت حققت من ورائها شهرة كبيرة، لذا لم يكن الفيديو غرضا في الشهرة ولكنه كان حلما مشروعا ترغب في تحقيقه.

وفي هذا السياق الجدلي، ورغم ماحاط بها من شبهات مختلقة، فإن الفتاة بكل تأكيد، لم تخالف قواعد المجتمع، فهي لم تخرق القواعد المجتمعية، ولم يكن تعبيرها عن احتياجها مستفزا للقيم والعادات والتقاليد، وجاء تعبيرها انعكاسا لرغبتها في الارتباط ولم يكن مبتزلا، بل أعلنت عن رغبة جادة، قائلة: من يريدني سيبحث عني، لتكون وسط هذا الوضوح المتأدب ضحية مجتمع ذكوري يحاسب المرأة والفتاة عن أدق التفاصيل، حتى وإن لم تكن خارجة عن المألوف، ورغم أن ما نشرته مها  أسامة لا يحاسب عليه القانون لأن ليس به تجاوز أخلاقي أو مجتمعي، ولكن القانون المجتمعي قرر فصلها من عملها كنوع من العقاب والتهذيب ، إن مثل هذه الأمور وإن كانت تنم عن أزمة مجتمعية، فهي تشير إلي أن الفتيات لا تزال لا تقبل الوصايا المجتمعية ،والتوجه الذكوري في الحكم على تصرفاتها وحرياتها والإعلان عن مشاعرها، وأن الفتاة تتحرك نحو نزع القيود، وتجاهل  الهجوم، بل أصبحت هى التى تعلن عما تراه وسط مجتمع ملغم بالانتقادات والاتهامات، وهو ما يؤكد قوة المرأة خلال المرحلة الحالية.

لم يقف الأمر عند ذلك فقط بل كان هناك رأي آخر للفتيات عبر العديد من جروبات الفيسبوك، ومنصات السوشيال ميديا ، مستنكرات حملة الهجوم الواسعة على فتاة طلب الزواج، مؤكدات إن خروجها بعرضها هذا ليس فيه ما يسيء لها ولا لفتيات مصر ،فما تتمناه جموع البنات في السر ربما تمنته هي في العلن، فحلم الزواج هو حلم جماعي لكل بنت مهما كانت ومهما بلغت من قوة وسند ودعم ، ماجهرت به مها علنا هو سر خافت الحديث لكل البنات.

وأؤكد أن ما حدث من تبعات لهذا الأمر أراه استمرار رحلة معاناة المرأة مع  عنوسة الفكر،وليست عنوستها ،وجفاء المشاعر التي تضخ يوميا في شرايين هذا المجتمع ضد أي صوت يرتفع للمرأة بما لا تهوى ذكوريته وأفكاره ، ولن تكون مثل تلك الحملة القاسية تراجع في الإعلان المشروع عن أحلام البنات.

أيها- المجتمع الذكوري- متدني الفكر، مفرط السلطة، أرفع يدك فلا مجال للوصايا علينا، لن تكون هناك وصايا على صانعات الأمل والنجاح والأهداف، سنعلن جمعا ما ترتاح له عقولنا ،ويرتبط بمشاعرنا، وما يحلو لنا تحقيقه، ما دمنا لا نريد بذاتنا إلا خيرا ،وسلاما ،ونجاحا ،وتألقا ، ولن تزيدنا المواجهات الضاربة في صميم الرغبة المشروعة، سوى دعمنا للأمام أبيتم أو ارتضيتم، لن نكون سوى ما أردنا، وما فرضته علينا أرادتنا لا إرادتكم، لا تخافون من مواجهات النجاح والإعلان عن الرغبات، لا تخافون نجاحنا وتقدمنا، لا تخافون أن يكون التقييم في الاختيار لا يشملكم ولا يضع البعض منكم في خانة الاهتمام، وعدم الاختيار، سنعيش أحرار الفكر والرغبة والأهداف، سننشد ما يحلو لنا ،لأننا لا نريد بنا وبكم إلا خيرا، وبمجتمعنا عزة وفخرا، نرسمه بملامح باسمة مشرقة،  نعلن بما تغفله أننا نريدك شريكا به داخل حلم يسعك، وأنت أول من يرفضه.

نقلاً عن موقع “الميدان” الإخباري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى