الخارجية المصرية تعزو لجوئها لمجلس الأمن للموقف الأثيوبي غير الإيجابي أحادي الجانب
القاهرة – النشرة الدولية –
قالت الخارجية المصرية، إن قرارها اللجوء إلى مجلس الأمن تم “على ضوء تعثر المفاوضات حول سد النهضة نتيجة المواقف الإثيوبية غير الإيجابية، والتي تأتي في إطار النهج المستمر في هذا الصدد على مدار عقد من المفاوضات المضنية”.
وأضاف الخارجية في بيان لها “أن إثيوبيا تواصل إصرارها على المضي في ملء سد النهضة “بشكل أحادي بالمخالفة لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في 23 مارس 2015، والذي ينص على ضرورة الاتفاق حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، ويلزم أثيوبيا بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب”.
وكان وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارغاشيو صرح يوم الجمعة أن ملء السد سوف يبدأ مع موسم الأمطار في يوليو، حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق، واتهم مصر بمحاولة “فرض إملاءات والسيطرة حتى على التطورات المستقبلية على نهرنا”.
لكن السؤال الذي يطرحه المصريون الآن، هل يستطيع مجلس الأمن حل هذه الأزمة المستمرة منذ 10 سنوات، والتوصل لاتفاق يرضي الأطراف الثلاث.
أشوك سوين، رئيس منظمة اليونسكو للتعاون الدولي في مجال المياه ومدير كلية الأبحاث حول التعاون الدولي في مجال المياه بجامعة أوبسالا السويدية عبر عن تشاؤم حيال الموضوع ، وقال: “من غير المحتمل أن يوافق مجلس الأمن على طلب مصر، وأنه لن يتدخل لحل هذه القضية”، بحسب ما نقلت وكالة “ميديا لاين”.
وقال: “من المشكوك فيه تمامًا أن جميع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن سيتوافقون على قرار في هذه الأزمة، لا سيما في سياق الخلافات المستمرة والأعمال العدائية بين اثنين من الأعضاء: الولايات المتحدة والصين”.
وصرح سوين أن المخاطر كبيرة بعد إعلان أديس أبابا تعبئة السد دون إجماع مسبق بين جميع البلدان المعنية، قائلا: “تحتاج إثيوبيا إلى بدء تشغيل السد فقط بعد إبرام اتفاق مع السودان ومصر. إن أي عمل أحادي من قبل إثيوبيا سيؤدي إلى حالة صراع عالية مع مصر ويمكن أن يؤدي أيضا إلى تدهور علاقاتها مع السودان. وقد يعرض السد لهجمات من القوات المصرية”.
كانت الولايات المتحدة قد حاولت في وقت سابق من هذا العام التوسط، لكن إثيوبيا لم تحضر اجتماع التوقيع على الاتفاق في فبراير، واتهمت إدارة الرئيس دونالد ترامب بالانحياز لمصر.
مبادرة أفريقية
من جانبه، ذكر ويليام دافيسون، كبير المحللين لإثيوبيا في مجموعة الأزمات الدولية، أن المحادثات الحالية توقفت لأسباب متنوعة، بما في ذلك أسئلة حول شرعية الاتفاقات السابقة وطبيعتها الملزمة.
وصرح لوكالة ميديا لاين: “لا يمكن للطرفين التوصل إلى اتفاق بسبب عدم وجود توافق في الآراء بشأن الوضع القانوني لأي اتفاق، والتفاصيل النهائية لكيفية تعبئة السد أثاء فترات الجفاف، وكيفية حل النزاعات المستقبلية”.
وأضاف أن إثيوبيا ليست مستعدة للتوقيع على أي شيء يحمي الحصص المطالب بها لمصر والسودان من مياه النيل أو بأي حال من الأحوال يرقى إلى ما تعتبره اتفاقية لتقاسم المياه.
وذكر دافيسون أن بلاده تريد الاحتفاظ بالحق في تعديل إرشادات ملء وتشغيل السد مع تغير الظروف، ولا تريد أن تكون الاتفاقية الكاملة لقواعد إدارة السد ملزمة بموجب القانون الدولي، قائلاً “بدلاً من أن تخضع أي نزاعات مستقبلية للتحكيم الدولي الملزم، فإن إثيوبيا تريد أن يأتي القرار من المناقشات بين الأطراف”.
وأكد أن إحدى الطرق للتعامل مع مخاوف الجفاف لدى الأطراف الأخرى هي شرح الكيفية التي ستعمل بها خزانات مصر والسودان وخزان السد، مشيراً إلى أن إثيوبيا قد تكون أكثر قابلية للتوصل لاتفاق إذا كانت مبادرة بقيادة أفريقية.
غير قابل للتفاوض
بينما يرى محمود فاروق، منسق برنامج شراكات المجتمع المدني في واشنطن العاصمة، والمدير التنفيذي السابق للمركز المصري لدراسات السياسة العامة، أن مصر تريد اتفاقية إلزامية تمنح القاهرة بعض السلطة على إمدادات المياه.
وأخبر الوكالة أن “المصريين يريدون أن يكون لديهم اتفاق ملزم قانونا يتضمن آلية حل ملزمة وأن يشمل إجراءات التعبئة أثناء سنوات الجفاف الطويلة”، مضيفاً “رفضت إثيوبيا كلا العنصرين وتريد إبرام اتفاقية غير ملزمة تترك مصر بورقة توجيهية ولكن بدون اتفاق على الإطلاق”.
وتابع “منح إثيوبيا السيطرة الكاملة على مياه مصر أمر غير قابل للتفاوض بالنسبة للمصريين”.
وبدأت إثيوبيا في 2011 ببناء السد الذي يتوقع عند الانتهاء منه أن يصبح أكبر سد كهرمائي في إفريقيا.
وتعثرت المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول السد. وفشلت الدول الثلاث في التوصّل إلى اتفاق بينها، ولا سيّما على آلية تقاسم المياه.
وتقول إثيوبيا إن الكهرباء المتوقع توليدها من سد النهضة الذي تبنيه على النيل الأزرق لها أهمية حيوية من أجل الدفع بمشاريع تنموية في البلد البالغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة.
لكن مصر تقول إن السد يهدد تدفق مياه النيل التي ينبع معظمها من النيل الأزرق وقد تكون تداعياته مدمرة على اقتصادها ومواردها المائية والغذائية.