هل ينهي الذهب عام 2020 على قمة قياسية؟… مسيرته مع الوباء الأفضل بين فئات الأصول

النشرة الدولية –

يشهد الذهب أزهى أيامه منذ عدة سنوات متصدراً المشهد الاستثماري بفضل أزمة فيروس كورونا.

وكانت مسيرة المعدن الأصفر مع الوباء الأفضل بين فئات الأصول حتى الآن حيث تعززت الأسعار منذ بداية رحلة فيروس كورونا ورغم أن المعدن عانى بعض العثرات في منتصف الرحلة إلا أنه تمسك بالاتجاه الصاعد حتى تجاوز 1800 دولار للأوقية.

ومع تسوية تعاملات، الأربعاء، سجل سعر العقود الآجلة للمعدن النفيس 1820 دولار للأوقية وهو أعلى مستوى منذ سبتمبر/أيلول لعام 2011 عندما حقق مستوى قياسي مرتفع عند 1921 دولار، مما يجعل المعدن قريب من كسر حاجز أعلى مستوى في تاريخه.

وعادة يرتفع الذهب في أوقات الاضطرابات وعدم اليقين وهو ما يظهر بوضوح في ظل وباء ينهش في عظام الاقتصاد العالمي فضلاً عن التوترات الجيوسياسية والتجارية مما يزيد من الطلب على المعدن الأصفر.

وتواصل حيازة الذهب في صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة الارتفاع للشهر السابع على التوالي خلال يونيو/حزيران الماضي، فيما يوضح حماس المستثمرين المتفائلين “الثيران” الذي يتجاوز التشاؤم حيال الأمر “الدببة”.

وبحسب التقرير الشهري الصادر عن مجلس الذهب العالمي، فإن حيازة الذهب ارتفعت بنحو 104.3 طن، وهو ما يعادل 5.6 مليار دولار أو 2.7 بالمائة من الأصول تحت الإدارة.

وارتفع بذلك إجمالي الحيازة العالمية من الذهب في الصناديق المتداولة إلى مستوى قياسي جديد عند 3620.7 طن، حيث يشير مجلس الذهب العالمي إلى أن البيئة الاقتصادية والجيوسياسية تظل داعمة لاستثمارات الذهب.

ومن ناحية أخرى، واصلت البنوك المركزية حول العالم شراء الذهب خلال شهر مايو/آيار الماضي بوتيرة مستقرة نسبياً، حيث بلغ صافي المشتريات 39.8 طن.

وتعتبر هذه القراءة أعلى من المتوسط الشهري البالغ 35 طن في غضون أول أربعة أشهر من العام، بحسب مجلس الذهب العالمي الذي يتوقع أن تظل البنوك المركزية تسجل صافي مشتريات في العام الحالي، وإن كان بوتيرة أقل من العامين الماضيين.

وبالإضافة إلى الطلب على المعدن الأصفر الذي يعزز استمرار مكاسبه، استند العديد من البنوك الاستثمارية على عدة أسباب قد تقود الذهب إلى مستوى قياسي مرتفع هذا العام.

هل يقترب المعدن الأصفر بالفعل من أعلى مستوى في تاريخه؟ مثلما استفاد الذهب من الدعم المالي والنقدي الضخم منذ بداية جائحة كورونا، فإن استمرار الزيادة في حالات “كوفيد-19” وعدم اليقين بشأن التعافي الاقتصادي يهدد بخفض إنفاق المستهلكين ومكاسب الوظائف، وبالتالي الحاجة إلى تقديم المزيد من الدعم من قبل البنوك المركزية والحكومات.

ويعتزم الكونجرس الأمريكي تمرير حزمة تحفيزية إضافية قبل عطلة المشرعين الصيفية أوائل أغسطس/آب المقبل حيث لم يكن قانون المساعدات الاقتصادية الذي يبلغ 2.2 تريليون دولار كافياً لدعم الاقتصاد مع استمرار ضرر الوباء.

هذا فضلاً عن برامج إقراض الشركات التي يقوم بها الاحتياطي الفيدرالي مع تعهده بشراء كميات غير محدودة من السندات لدعم الشركات والاقتصاد.

قد يكون المزيد من دعم الاحتياطي الفيدرالي في الطريق، حسبما، قال عضو المركزي الامريكي “ريتشارد كلاريدا” في تصريحات لشبكة “سي.إن.إن”، إنه من المرجح أن يلجأ صناع السياسة إلى توجيه إضافي وشراء الأصول إذا كان الاقتصاد بحاجة إلى مزيد من المساعدة.

ويميل الذهب إلى الاستفادة من معدلات الفائدة المنخفضة وتدابير التحفيز واسعة النطاق من البنوك المركزية لأنه يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه تحوط ضد التضخم وتراجع قيمة العملة.

وهذه الأسباب المتشعبة من عامل رئيسي هو عدم اليقين بشأن الوباء، كانت كفيلة لتجعل العديد من البنوك الاستثمارية ترفع توقعاتها لأسعار الذهب بشكل حاد بل تتوقع الصعود إلى مستوى قياسي مرتفع.

ويقول “جايلز كوجلان” المحلل في “إتش.واي.سي.إم” لشبكة “سي.إن.بي.سي” الأمريكية إن البنوك الاستثمارية تشجع عملاءها من أصحاب الثروات العالية على تخصيص الذهب في محافظهم، الأمر الذي يشير إلى أننا لم ندخل في تعافي بعد الوباء حتى الآن”.

وعلى رأس ذلك، كتب “بول سيانا” كبير محللي “بنك أوف أمريكا” في مذكرة للعملاء في الشهر الماضي أنه إذا تمكن سعر الذهب من تجاوز مستوى المقاومة عند 1800 دولار للأوقية، فإن سعر المعدن النفيس يمكن أن يرتفع إلى أعلى مستوياته على الإطلاق عند 1920.70 دولار للأوقية والمسجل في عام 2011.

وأوضح المحلل أن التحليلات الفنية تشير إلى أن سعر الذهب قد يصل لمستوى تاريخي جديد في النصف الثاني من العام الحالي وخاصة في الربع الثالث، فضلاً عن أن هناك موجة تقود أسعار الذهب إلى 2000 دولار للأوقية بالفعل، مع سيناريو صعودي يتراوح بين 2114 دولار إلى 2296 دولار للأوقية في الفترة المقبلة.

وأرجع المحلل توقعات لارتفاع أسعار الذهب إلى الشكوك حول سرعة تعافي الاقتصاد العالمي مع استمرار زيادة قياسية لإصابات كورونا في الولايات المتحدة، مما جعل التعافي على شكل حرف “V” أقل احتمالاً في الوقت الحالي.

ويرى الاقتصادي محمد العريان كبير المستشارين الاقتصاديين في “أليانز” في تحليل عبر وكالة “بلومبرج” أنه مع إجبار المخاوف الصحية لعدد متزايد من الولايات على إيقاف عمليات الفتح أو إغلاق آخر وانسحاب بعض الشركات والأسر من الارتباطات الاقتصادية النشطة، تتشكل سحابة خلال الربع الثالث، مما يهدد عمق واتساع التعافي الاقتصادي.

كما يتوقع المحللون في بنك “جولدمان ساكس” ارتفاع أسعار الذهب إلى 2000 دولار خلال الـ12 شهراً المقبلة، مشيرين: “يميل الطلب على الاستثمار في الذهب إلى النمو في المرحلة المبكرة من التعافي الاقتصادي، مدفوعًا بمخاوف استمرار التراجع وانخفاض معدلات الفائدة الحقيقية.

واستمرارًا للنظرة المستقبلية الأكثر تفاؤلاً، توقع “أولي هانسن” رئيس استراتيجية السلع “ساسكو بنك” استمرار صعود أسعار الذهب في النصف الثاني من عام 2020، مرجحاً ارتفاعه لمستوى قياسي في السنوات القادمة.

وأوضح “هانسن” أن أسباب دعم ارتفاع الذهب في النصف الثاني من العام تضمنت “الحاجة السياسية” إلى تسارع التضخم لدعم مستويات الديون وزيادة وفرة المدخرات العالمية بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

في النهاية، البيئة الحالية تدعم استمرار ارتفاع أسعار الذهب وفقاً لغالبية التوقعات بداية من الركود الاقتصادي ومعدلات الفائدة المنخفضة وحتى الحوافز المالية والنقدية الهائلة التي تضاعف ميزانيات البنوك المركزية وفي مقدمتها الاحتياطي الفيدرالي، فهل ينهي المعدن عام 2020 على قمة قياسية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button