“الشرق” وجهتنا وبيجينغ “مربط خيلنا”* حمزة عليان

النشرة الدولية –

مثلما راهن رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب على هبّة قروض وودائع تأتيه من الكويت وقطر، يفعل الشيء نفسه “حزب السلطة والعهد” – “حزب الله” – بدعوته التوجه شرقا نحو #الصين، كرافعة لإنقاذ البلد من أزمته الاقتصادية والمالية العصيبة.

 

وعلى عكس ما ذهب إليه عدد من المحللين السياسيين وبحسن نيه، بتحميل الدعوة مضامين أوسع وأكبر بكثير مما كان مستهدفاً…

 

فالشعار هنا اتخذ معنىً سياسياً بحتاً، في ظل العقوبات والحصار الذي يعاني منه هذا البلد من قبل الغرب وحلفائه الأوروبيين والخليجيين، هم أي أصحاب الدعوة يريدون القول إذا كانت أميركا قد أقفلت الباب على مساعدة لبنان فلنذهب إلى بكين وربما كانت أقرب إلينا!

 

هذه الدعوة أعادت الجدل حول “الدور” الذي يمكن أن يلعبه، كأن يكون جسراً للشرق في مواجهة الغرب؟ في الوقت الذي تناسى فيه هؤلاء أن إيران نفسها تخلت عملياً عن الشعار الذي رفعته بداية الثورة عام 1979 بأنه “لا شرقية ولا غربية”.

 

اليوم تسعى #إيران جاهدة إلى تقديم إغراءات للصين، لا يقدر لبنان عليها، ولا هي تتناسب مع تركيبته وحجمه الجيوسياسي، فقد نشرت جريدة “الجريدة” الكويتية بنود الملحق السري لصفقة ربع القرن كان البلدان اتفقا على عدم الإعلان عنها، وفيها تتعهد طهران بتحويل مسار طريق الحرير من الجزيرة العربية إلى أراضيها، وكذلك منحها تسهيلات عسكرية للوصول إلى قواعد في الخليج، إضافة إلى تسويق مناطق إيرانية وجلب سيّاح صينيين إليها لا تخضع لقيود الشريعة الإسلامية!

 

هذه الاستدارة نحو “الشرق الصيني” لها أسبابها وظروفها، وهي تندرج في سياق تركيب تحالفات دولية تستطيع طهران من خلالها الإفلات من العقوبات ونسج محور جديد ينازع المصالح الأميركية وتواجدها الاقتصادي والعسكري في الشرق الأوسط.

 

وعلى الخط الآخر، نراها تخطو نحو واشنطن بالسر أو بالعلن، لفتح الباب مجدداً، للجلوس على الطاولة والتفاوض حول نقاط خلافية حادة بينهما كالصواريخ البالستية، وتخصيب اليورانيوم والسلاح النووي.

 

فمسألة التوجه شرقاً أم غرباً لدى طهران تحدده اعتبارات المصالح بالدرجة الأولى ومستلزمات المواجهة كلاعب إقليمي دون التقيد بشعارات لم تعد على الأجندة السياسية.

 

لعل قراءة المشهد الصيني اليوم على الساحة الدولية من خلال مشروعها العملاق “الحزام والطريق” كفيل بأن يعيد السكة إلى مسارها الذي انحرفت عنه ويوقف الاندفاعة نحوها.

 

لقد وضعت الصين ثماني دول عرضة للمعاناة من الديون اقترضتها في إطار “مبادرة الحزام والطريق” بنحو 18 مليار دولار، منها باكستان وجزر المالديف وجيبوتي وطاجيكستان.

 

وقد تقع دول أفريقية في الطريق بهذا الفخ من الديون، من خلال منحها قروضاً ثقيلة لا تقوى هذه الدول على سدادها.

 

هذا الفخ استشعره مبكراً رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد، عندما ألغت بلاده ثلاثة مشاريع كبرى كانت ستمولها بكين، وسبقتها في ذلك سيراليون وباتت “المبادرة” متهمة بأنها مجموعة أفخاخ نصبت للبلدان الفقيرة التي ستستفيد من قروض تمنحها المصارف الصينية المخصصة لهذا الغرض.

 

“العولمة” على الطريقة الصينية أمامها عوائق وعثرات، قد تلجأ إلى “تحويرها” أي بخلق نموذج جديد ومختلف لطريق الحرير الذي أقيم على أنقاض طريق الحرير القديم، ويهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر استثمار مليارات الدولارات في البنى التحتية، ويشمل بناء مرافق وسكك حديد وطرقات ومناطق صناعية ومشاريع للطاقة، وهذه الأخيرة من أكبر المخاطر التي تتعرض لها، فهي ستزيد من مشاكل التلوث، باعتبار أنها ستعتمد بتوليد الطاقة على الفحم منخفض الكفاءة والمسبب لانبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون وهو أعلى من أي نوع آخر، يعني سيعمل على تدمير البيئة وليس تحسينها، وستقدم أضخم مشروع عرفته البشرية لبني تحتية رديئة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى