ملادينوف يحذر من التداعيات الخطيرة الناجمة عن إنخفاض التنسيق الإسرائيلي الفلسطيني
أخبار الأمم المتحدة –
دعا نيكولاي ملادينوف الإسرائيليين والفلسطينيين إلى العمل مع الأمم المتحدة لضمان استمرار التنسيق المدني والأمني لمنع انتشار فيروس كورونا، مشيرا إلى أن على الطرفين واجب حماية أرواح ومصادر رزق المواطنين.
وفي إحاطة افتراضية أمام مجلس الأمن لبحث الوضع في الشرق الأوسط، بما فيها القضية الفلسطينية، قال الممثل الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط إن الفلسطينيين والإسرائيليين يعانون من أزمة ثلاثية معقدة تساهم في عدم الاستقرار.
وأضاف يقول: “أزمة صحية متنامية حيث يكافح كلاهما لاحتواء الارتفاع السريع لحالات كوفيد-19، وأزمة اقتصادية متزايدة مع إغلاق الشركات وارتفاع البطالة.. ومواجهة سياسية متصاعدة مدفوعة بتلويح إسرائيل بضمّ أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، والخطوات التي اتُخذت من القيادة الفلسطينية كردّ على ذلك، من بينها وقف التنسيق الأمني والمدني”.
إعادة فرض الإغلاقات
ولاحتواء الجائحة، أعادت السلطة الفلسطينية فرض القيود على الضفة الغربية وبعض الإغلاقات في أكثر المحافظات تضررا. كما أعادت إسرائيل فرض قيود على التجمعات وبعض الأعمال غير الأساسية، وفرضت إغلاقات على بعض المناطق. وتظل الحركة بين إسرائيل والضفة الغربية وغزة مقيّدة، كما ظل معبر رفح بين غزة ومصر مغلقا في كلا الاتجاهين منذ 15 أيّار/مايو الماضي.
وقال ملادينوف: “أدّى رفض السلطة الفلسطينية قبول العائدات التي تحوّلها إسرائيل إلى مفاقمة الأزمة المالية وأثرت على تقديم الخدمات. كما أعاقت قدرة المرضى على السفر من غزة للعلاج خارج القطاع، وأدت إلى تأخير في إيصال المساعدات الإنسانية والمستلزمات الضرورية للاستجابة لكوفيد-19 وغيرها من الخدمات الصحية الأخرى”.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن الأمم المتحدة تعمل مع جميع الأطراف لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية دون عوائق، وتوصلت إلى اتفاقيات مع السلطة الفلسطينية لتقديم استثناءات وتنسيق عمليات التوزيع الإنسانية. كما توصلت مع إسرائيل إلى تبسيط إجراءاتها الإدارية، مع مراعاة أزمة كوفيد-19.
وتابع يقول: “يساورني القلق أيضا من انخفاض مستوى التنسيق عمّا كان في بداية العام، عندما ضربت الموجة الأولى من الفيروس. قد يكون لهذا الوضع تداعيات خطيرة على القدرة على التحكم في انتشاره وتأثيره على حياة الناس”، مؤكدا أن الأمم المتحدة ستواصل العمل على تلبية الاحتياجات الإنسانية والصحية للمنطقة.
التدهور الاقتصادي والأمني
وأعرب ملادينوف عن مخاوف من عدم قدرة الحكومة الفلسطينية على دفع رواتب مستقبلية أو الاستمرار في أداء مهامها في الأشهر المقبلة، مشيرا إلى أن تعليق التنسيق أعاق قدرة قوات الأمن الفلسطينية على التنقل بين مناطق “ب” و”ج” في الضفة الغربية، مما يقوّض فرض القيود المرتبطة بكوفيد-19.
وبحسب الأمم المتحدة، فقد استمر العنف اليومي في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. وخلال فترة التقرير قُتل فلسطيني واحد على يد القوات الإسرائيلية، وأصيب 65 فلسطينيا، من بينهم عشرة أطفال، وجنديان إسرائيليان في حوادث متفرقة.
وهدمت السلطات الإسرائيلية 48 مبنى يملكه فلسطينيون (39 في منطقة “ج” و14 مبنى في القدس الشرقية)، بسبب عدم وجود التصاريح الإسرائيلية اللازمة والتي يستحيل أحيانا حصول الفلسطينيين عليها. وهدم الفلسطينيون خمسة مبانٍ بأيديهم بعد أن تلقوا أوامر بهدمها. وقد أدت عمليات الهدم إلى تشريد 34 شخصا، من بينهم 17 طفلا.
الوضع في لبنان مقلق
وأثار ملادينوف مسألة الوضع الاقتصادي في لبنان، وقال: “مع ارتفاع التضخم وانخفاض سعر الليرة اللبنانية أمام الدولار، ومع الإرهاق الذي أصاب قطاعي الصحة والتعليم، وزيادة المخاوف المتعلقة بانعدام الأمن الغذائي، فإن الحكومة وصندوق النقد الدولي يواصلان المحادثات لتقديم حزمة مساعدات”.
وبموازاة ذلك، يشهد لبنان زيادة في عدد حالات الإصابة بكوفيد-19 مع توثيق 2،542 حالة حتى 15 تموز/يوليو الجاري.
وأضاف ملادينوف: “تتطلب شراسة الفيروس وخسائره البشرية والاقتصادية المدمرة تدابير استثنائية، وإجراءات يجب أن تتجاوز العمل السياسي المعتاد. يجب إعطاء الأولوية للجهود الفورية للحد من الفيروس وتخفيف آثاره”.
عدم تنفيذ الضم ليس “بشرى”
وألقى دانييل ليفي، رئيس مشروع الشرق الأوسط الأميركي، كلمة أمام مجلس الأمن حذر فيها من أن عدم قيام إسرائيل بتنفيذ خطة الضم حتى الآن لا يعتبر “بشرى” يجب مباركتها. وقال: “إن التحدي الجماعي لا يتمثل فقط بكيفية الحيلولة دون الضم، ولكن أيضا كيفية معالجة الاحتلال ومشاكله المتجذرة”.
ودعا ليفي إلى ضرورة محاسبة إسرائيل على سياساتها “اللاقانونية والسلبية” مشيرا إلى أن الإفلات من العقاب لن يؤدي إلى تغيير إيجابي، داعيا إلى الحفاظ على حقوق الإنسان والتمسك بحل الدولتين. وقال: “إن حل الدولتين لا يجب أن يكون تعبيرا مطاطيا.. إذ إن دولة ناقصة تعني أن الاحتلال مستمر”.
تدمير حلم الدولة
وفي كلمته، أوضح خليل الشقاقي، مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله، أن هذه واحدة من أكثر اللحظات المربكة والمحبطة للمجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني. وقال إنه بحسب استطلاعات الرأي، لم يعد أكثر ثلاثة أرباع الفلسطينيين يعتقدون أن دولة فلسطينية ستقوم في السنوات الخمس المقبلة.
وأضاف يقول: “ينقسم الفلسطينيون بين رغبتهم في إنهاء الاحتلال ومسؤوليتهم في تأمين الطعام وخاصة في ظل أزمة كـوفيد-19 لاسيّما في قطاع غزة”. وأشار إلى أن المستوطنات تجعل من قيام دولة فلسطينية أمرا غير عملي.
وحول خطة الرئيس الأميركي ترمب، قال الشقاقي: “إذا تم تنفيذها، فستؤدي إلى حل دولة واحدة، وفيها ستُنكر الحقوق الأساسية للفلسطينيين. إن خطة ترمب ترسل رسالة للفلسطينيين والإسرائيليين مفادها بأن حل الدولتين بعيد المنال وربما تم دفنه”.
إسرائيل تحث على تنفيذ خطة ترمب
من جانبها، شددت نوا فورمان، نائبة السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة على أن خطة ترمب هي “فرصة حقيقية” لجلب السلام والأمن للشرق الأوسط، وتمثل نظرة واقعية ونهجا براغماتيا لإنهاء النزاع على حدّ تعبيرها.
وقالت: “يجب على المجتمع الدولي أن يحث الفلسطينيين على ألا يضيّعوا فرصة أخرى. لا يجب تبني روح الخطة لمجرد أنها تمثل أكثر حل واقعي منذ عقود، ولكنها ترسل رسالة قوية يجب أن تُسمع في الشرق الأوسط مفادها بأن المواقف المتصلبة لن تقود إلى السلام”.
ودعت الفلسطينيين إلى التوقف عن رفض السلام والعودة إلى طاولة المفاوضات.
ضم غير قانوني متواصل
وسلطت القائمة بالأعمال بالإنابة للمراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، فداء عبد الهادي ناصر، الضوء على سياسة “الضم غير القانوني” التي تقوم بها إسرائيل خاصة في القدس الشرقية، إذ بعد أسبوع يكون قد مرّ 40 عاما على ضمّ القدس الشرقية.
وقالت: “عزلت سياسات إسرائيل التمييزية الفلسطينيين وأبقتهم في 13% من المدينة.. وخلقت السلطة القائمة بالاحتلال إجراءات قسرية تقوم على هدم المنازل وسحب الإقامات ومنع لم الشمل كلها مصممة لترحيل الفلسطينيين القسري.. وحاصر المستوطنون المدينة من الداخل والخارج، هذه سياسات من الضم ونزع الملكية تسير ببطء وهي صامتة وعنيفة”.
ودعت ناصر العالم إلى عدم التغاضي عمّا تقوم به إسرائيل على الملأ، مشيرة إلى أن إسرائيل لا تعتزم إنهاء الاحتلال القائم منذ 52 عاما وصنع السلام. “إسرائيل تريد من عدم شرعيتها أن يصبح واقعا لا يمكن عكسه”.