غو ناغاي واوسامو تيزوكا
بقلم: د. أفراح ملا علي

النشرة الدولية –

في بلاد الشمس المشرقة وزهور الساكورا التي تحيط وتحتضن جبل فوجي المقدس في غرب العاصمة اليابانية طوكيو، سنتطرق في هذا المقال اليوم، عن أهم أهرام الاقتصاد الياباني والأكثر تأثيرا بالعالم، إلا وهو رسوم المانغا والأنيمي الكارتونية.

أصل كلمة مانغا في الكانجي اليابانية، تنقسم إلى «مان» وتعني غير رسمي و«غا» وتعني رسم، وعند دمج الكلمتين يتحول المعنى إلى الرسومات السريعة، وكان ذلك للتفريق بينها وبين اللوحات التقليدية اليابانية، وأيضا الكوميك الغربي. في الوقت الراهن يتم تداول كلمة «مانغا» على أنها قصص مرسومة.

أول رسوم «مانغا» يابانية كانت في العصر الثالث ميلادي باسم «شوجوغيغا» وهي قصص تهكمية أبطالها حيوانات، للفنان «توبا نو سوجو» وكانت باللون الأبيض والأسود فقط. ولكن في حقبة «ايدو» من ١٦٠٣ إلى ١٨٦٨ كانت هناك حركة فنية تدعى «يوكي يوي» لرسومات تقليدية يابانية مع قصص وحكايات والتي كان الفنان «هوكوساي» أحد أهم مؤسسيها.

ولكن وفي العصر العشرين يتم توثيق أول «مانغا» بشكل رسمي على يد «راكوتين كيتازاوا» والتي كان أبطالها مزارعين بسطاء، يقررون السفر إلى طوكيو للسياحة ويتصرفون بشكل غبي ومضحك.

في ١٩١٧ تنتج اليابان قصة قصيرة للرسوم المتحركة شبيهة بديزني لمدة دقيقتين والتي تم اعتبارها «أنيمي» وهي من أصل كلمة «انيميشن» الانجليزية.

هنا يلمع نجم فنان المانغا «اوسامو تيزوكا» والذي يعد عراب المانغا اليابانية إلى العالمية فهو رسام جزيرة الكنز، استرو بوي، كوكي، الليث الأبيض، الفتى أو الأميرة ياقوت، بلاك جاك، فونيكس، بودا، دورورو.. الخ وهو أيضا من ابتدع الرسوم المتحركة ذات الأعين الكبيرة الواسعة والتي عرفت عالميا بـ «big eyes».

بعد رحلة عذاب طويلة مع مرض سرطان المعدة، وتحديدا في ٩ فبراير ١٩٨٩ بطوكيو يلفظ «اوسامو تيزوكا» أنفاسه الأخيرة بعد جملته الشهيرة للممرضة التي انتزعت منه عدة الرسم الخاصة به: أتوسل إليك، دعيني أعمل!

يتأثر «غو ناغاي» بفن ورسوم «اوسامو تيزوكا» بعد أن أهداه أخوه «ياسوتاكا» نسخة من رسوم سلسلة «العالم المنسي» والتي ابدع بتفاصيلها «اوسامو تيزوكا».

يغير مرض التهاب القولون محور حياة «غو ناغاي» ويتوقف عن الدراسة ويقرر بعد هذا المرض بأن يكمل مسيرة «اوسامو تيزوكا» برسم المانغا والأنيمي وأول من وقف ضد فنه هي والدته التي كانت رافضة تطلعاته بالفن وكانت تتواصل مع الناشرين سرا ليتم رفضه وعدم التعاقد معه.

وبعد تراكم الرسوم والأفكار الإبداعية الممزوجة بالإحباطات، من سن ١٥ حتى ١٩ يكتشف إبداعه فنان الأنيمي «شوتارو ايشينو موري» فيتحول في سن ١٩ إلى أحد أهم فنانين المانغا والأنيمي الياباني وازدادت شهرته بسبب فضيحة رسومه الجريئة والفاضحة والتي اعتبرها المجتمع الياباني دخيلة ومفسدة للأجيال، فحورب بشراسة بكنية عدو المجتمع ومفسد الأخلاق! فأصبح يتنقل بين شركات المانغا والأنيمي تحت مسمى مدرسة اللاحياء!

و في ١٩٧٠ يخترع شخصية مازنجر العظيم، وغراندايزر، والتي كانت بمنزلة انفجار بركان الإعجاب لعشاق الروبوتات والإلكترونيات باليابان فيعود يلمع نجمه من جديد عالميا.

لايزال «غو ناغاي» مبدعا بعمله حتى هذه اللحظة وخلاقا لشخصياته الخيالية مثل «سايلور مون» عن عمر ٧٤.

بالرغم من أن اقتصاد الأنيمي والمانغا باليابان تراجع قليلا بسبب توجه الجيل الياباني الجديد الى القراءة اكثر من الرسوم الكارتونية، إلا أنها وبالرغم من مرور الزمن تعد جميلة وعميقة ذات هدف أخلاقي وقيم ومبادئ عالية ساهمت في رقي الشعب الياباني.

دمتم برقي وجمال زهور الساكورا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى