الاحتلال الإسرائيلي ينفذ خطة ضمّ الأراضي في الضفة الغربية
النشرة الدولية –
يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم ينتظر الموافقة الأميركية لتنفيذ خطة ضمّ المستوطنات المُقامة على أراضي الضفة الغربية إلى سيطرته، ولم يتراجع عن الخطة التي لاقت معارضة كبيرة واعتبرتها منظمات حقوقية انتهاكاً صارخاً للأعراف الدولية، وترقى لجرائم حرب يعاقب عليها ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية.
وتتردّد معلومات أن إسرائيل بدأت فعلياً تنفيذ خطة الضمّ في مناطق متفرّقة من الضفة الغربية، بعيداً من الإعلان الرسمي، وذلك استناداً إلى قرارٍ صادرٍ عن مجلس المستوطنات الأعلى، يعطي الضوء الأخضر إلى المستوطنين ببدء المعركة وفرض واقع ميداني جديد، يتعدّى خريطة الضمّ الإسرائيلية وخريطة الدولة الفلسطينية في خطة السلام الأميركية.
وكان من المقرر أنّ يعلن نتنياهو في الأوّل من يوليو (تموز) الحالي بدء تنفيذ خطة الضمّ، على مساحة 33 في المئة من مساحة الضفة الغربية، لكنّه أجّل ذلك إلى وقتٍ غير مُسمى، بعدما رفضت الإدارة الأميركية إعطاءه الضوء الأخضر في التنفيذ.
وبحسب ما ورد من أعضاء اللجنة العامة للدفاع عن الأراضي الفلسطينية وسكان منطقة الأغوار، فإن إسرائيل أدخلت خطة الضمّ حيّز التنفيذ، وبدأت من الأغوار، إذ أزاحت الكتل الإسمنتية التي تفصل بين مناطق “أ” و”ب” و”ج”، ووضعت يافطات كُتب عليها “هذه المناطق خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، اقتراب الفلسطيني منها قد يعرّضه للخطر”.
وليست هذه المنطقة الوحيدة التي بدأت تل أبيب ضمها إلى سيطرتها، ففي مدينة بيت لحم، استولت السلطات على 700 دونم زراعي في محيط جبل الفرديس، وسيّجتها بأسلاك شائكة، ومنعت الفلسطينيين من دخولها. وفي المدينة ذاتها، جرفت الآليات الإسرائيلية مساحات من أراضي المواطنين الفلسطينيين في قرية الكيسان، لصالح توسيع حدود مستوطنة ايبي هناحل.
كذلك نصبت السلطات الإسرائيلية عدداً من البيوت المتنقّلة (كرفانات) بالقرب من قرية الكيسان على مساحة 50 دونماً، واقتلعت عشرات الأشجار ووضعت مكانها عشرات الأعمدة الكهربائية، لصالح مخطط استيطاني يخدم مستوطنتين مقامتين على جزء من الأراضي.
في السياق، يقول مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد أريج سهيل خليلية، “خلال الشهرين الماضيين، تزايدت وتيرة مصادرة الأراضي بالقوة من جانب المستوطنين وبناء البؤر الاستيطانية بشكل غير طبيعي ومقلق. وهناك تسع بؤر استيطانية على الأقل أُقيمت في الضفة”.
ويؤكّد عضو اللجنة العامة للدفاع عن الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية عبد الهادي حنتش أنّ “هناك قراراً من مجلس المستوطنات الأعلى (يشع) ببدء هذه المعركة. والهدف من ذلك أن يفرض المستوطنون واقعاً جديداً يتعدّى خريطة الضمّ وحتى خريطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بمعنى أن ما يتم احتلاله يتم تثبيته لاحقاً”، مشيراً إلى أنّ الإجراءات الإسرائيلية في مدينة بيت لحم وضواحيها تهدّد بتهجير سكان تلك المناطق، البالغ عددهم نحو 800 نسمة.
في مدينة بيت لحم أيضاً، ضمّت إسرائيل 526 دونماً من أراضي بلدة نحالين لصالح مجمع غوش عتصيون الاستيطاني وبناء 5200 وحدة استيطانية لصالح مستوطنة أبو غنيم و3000 وحدة أخرى في مستوطنة جفعات همتوس.
وفي مدينة الخليل، افتتح المستوطنون كافتيريا لهم في ساحات المسجد الإبراهيمي. وأصدرت السلطات الإسرائيلية أمراً بمصادرة أراضٍ في المدينة بهدف إنجاز مشروع تهويدي يشمل إنشاء مصعد ومسار خاص.
أما في نابلس وسلفيت، فاقتلعت القوات الإسرائيلية أكثر من 200 شجرة زيتون على مساحة 12 دونماً وفرضت سيطرتها الكاملة عليها، ومنعت الأهالي من الوصول إلى المكان.
وفي القدس، سيطرت تل أبيب على أرضٍ بالقرب من باب المغاربة، بحجّة تحويلها إلى المنفعة العامة. وهدمت ثلاثة مخازن بحجّة تخطيط بلدية القدس لإقامة طريق للمشاة. وأخطرت السطات الإسرائيلية بإخلاء عشرات الدونمات من أراضي المواطنين في العيسوية.
وبحسب خليلية، فإنّ “إسرائيل بدأت عملية الضمّ الواقع من دون الدخول في موجة الإعلان، لكنها بدأت فعلياً ذلك في المناطق الجبلية من الضفة بمصادرة الأراضي وتحويلها إلى الصندوق القومي اليهودي”. ويلفت إلى أنّ “إسرائيل منذ البداية تخطّط لعملية ضمّ شاملة، لكن الإجراءات على الأرض تشير إلى أنها ستقوم بعملية الضمّ بحسب الأولوية والأهمية، بدءًا من التكتّلات الاستيطانية الضخمة، لا سيما حول القدس، مثل جفعات زئيف ومعالي ادوميم وغوش عتصيون، حتى تعلن من خلالها ما يُسمّى بالقدس الكبرى.
وفعلياً، بدأت إسرائيل عملية الضمّ بعد مشروع قانون قدمه لوبي أرض إسرائيل إلى الهيئة العامة في الكنيست، بضرورة تطبيق القوانين على جميع المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، وفرض سيادة على المستوطنات بموجب المخطط الذي وضعه مجلس المستوطنات.
ويتوقع خليلية أن “تتوسّع عمليات التجزئة في الضمّ خلال المرحلة المقبلة”، ملاحظاً أن “إسرائيل تحاول تغيير القوانين المعمول بها في المنطقة ج، وتحويلها من قوانين عسكرية إلى مدنية كما في أراضيها، كي تتمكّن من إعادة تصنيف جزء كبير من الأراضي وتغيير تسجيلها”.
حوالى 75 ألف مستوطن يعيشون في أكثر من 500 مستوطنة وحوالى 230 بؤرة استيطانية، وتعتبر منظمات حقوق الإنسان بما فيها منظمة بتسليم الإسرائيلية أن الاستيطان وحوادث التخريب ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم انتهاكاً صارخاً للحقوق المدنية.
ويقول المقرر الأممي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة مايكل لينك إنّ ممارسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين تُعدُّ إهانة للعدالة ولسيادة القانون، فيما اعتبرت منظمة العفو الدولية إقامة المستوطنات جريمة حرب.
نقلاً عن “اندبندنت عربية”