مغربيات يتحدين مشقات البحر بحثا عن “الذهب الأحمر”

النشرة الدولية –

تحترف نساء من مختلف الفئات العمرية مهنة الغوص في أعماق البحر في مدينة الجديدة غرب المغرب، بحثاً عن الطحالب الحمراء، مصدر الجيلاتين النباتي المستعمل في مجالات صناعية عدة. ولحماية “الطحلب الأحمر” من الاستنزاف، فرضت وزارة الفلاحة المغربية مجموعة شروط وحددت كميات معينة، ما أثّر في دخل نساء البحر وضاعف معاناتهن، بحسب تقرير نشره موقع “اندبندنت عربية”.

“الغوص في أعماق البحار والبحث عن الطحالب، حرفتي التي تعلمتها من والدتي ووالدي. أعتبر البحر مورد رزقي الوحيد”، هكذا تقول حبيبة (44 سنة)، التي تعمل في الغطس واستخراج الطحالب الحمراء في ضواحي مدينة الجديدة غرب المغرب.

كما يوجد عدد كبير من النساء قبالة شاطئ سيدي بوزيد، حيث يعملن في مجال الغطس في أعماق البحر ويعرضن الطحالب البحرية التي يجمعنها، تحت أشعة الشمس لتجفيفها وبيعها في مقابل زهيد.

ويُطلق على الطحالب، أسماء مثل الخز، الربيعة والذهب الأحمر. ويسهم ساحل مدينة الجديدة بـ80 في المئة من الإنتاج الوطني من الطحالب الحمراء. وتُضيف حبيبة “هذه المهنة ليست سهلة والنساء مُعرَضات للخطر وأمراض، لكن ليس بيدنا حيلة سوى تأمين لقمة العيش”.

تُغطي النساء وجوههن بالقبعات للحماية من أشعة الشمس الحارقة، وتقول عائشة (32 سنة)، “أعمل منذ سنوات في استخراج الطحالب، أغطس في أعماق البحر وأبحث خلف الصخر عن الطحالب الحمراء وأواجه صعوبات عدة لكن أتحمل، لأنه ليس لدي بديل سوى هذا العمل الصعب”.

وتُضيف عائشة “الشركات الكبرى هي المستفيد من خيرات البحر، بينما نحن بالكاد نبيع القليل من الطحالب لسماسرة بثمن بخس. في السابق كان الوضع أفضل في البحر نعمل لساعات طويلة ونبيع من دون أن يحدد لنا أحد الكميات المسموحة، لكن في السنوات الأخيرة نعمل لأيام محدودة، ما أثر في حياتنا جميعاً”.

وحذر “معهد الدراسات البحرية” في المغرب في عام 2009 من اختفاء هذه النبتة البحرية بسبب استنزافها. وكانت وزارة الفلاحة والصيد البحري المغربية، وضعت عام 2010 برنامج حماية يُطلق عليه استراتيجية “هاليوتيس”، التي تهدف إلى النهوض بقطاع الصيد البحري وتنظيم استغلال الثروات البحرية المغربية.

ولحماية “الطحلب الأحمر”، فرضت وزارة الفلاحة شروطاً وحددت كميات معينة وفترة راحة بيولوجية من ثلاثة أشهر، إضافة إلى مراقبة صارمة على المنتجين والمصدّرين.

ويقول عبد الكبير، وهو غواص على شاطئ سيدي بوزيد في مدينة الجديدة، إن “النساء يتعرضن للاستغلال المادي، ويستيقظن أحياناً في الساعة الرابعة صباحاً للغوص في عمق البحر، لاستخراج الطحالب الحمراء، كما تضاعفت معاناتهم بسبب تراجع الطلب على منتجاتهن”. ويُضيف المتحدث ذاته “تبيع النساء الطحالب مقابل 8 يورو للكيلو بعد تجفيفها. يغطسن أفضل من الرجال، تعلموا هذه الحرفة قبل هيمنة القطاع الخاص على البحر، ونحن كشباب تعلمنا هذه الحرفة منهن”.

واحتل المغرب في السنوات الأخيرة المركز الثالث عالمياً في انتاج الطحالب بعد الصين وتشيلي. وتحظى النساء الغواصات باحترام أهالي المدينة. ويقول عبد الكبير في هذا الصدد “عملت والدتي في الغوص وتعلمت منها الحرفة، وأنا حالياً أعيل أسرتي من العمل في الطحالب، جميع جيراننا يعملون في البحر وليس لدينا دخل آخر”.

وعلى الرغم من التحديات التي تواجه النساء في استخراج الطحالب، لا سبيل لنساء المدينة غير الغطس في أعماق البحر.

في السياق ذاته، يقول عبد الإله، وهو صياد في مدينة جديدة، إن “وضعية النساء الغواصات صعبة، لا سيما المسنات من بينهن، لأنهن يستخرجن الطحالب بصعوبة، ويتحملن انخفاض درجة الحرارة وبرودة البحر، ويستخدمن وسائل تقليدية، ويبذلن جهداً كبيراً في الغوص وإيجاد الطحالب وتجفيفها، وبيعها خلال موسم شراء الشركات لهذه المادة”.

يشار إلى أن وزارة الزراعة والصيد البحري المغربية، كانت حددت الإنتاج الأقصى بـ6040 طناً سنوياً، 20 في المئة منها مخصصة للتصدير خاماً. وبلغ رقم تعاملات قطاع الطحالب في المغرب حوالى 350 مليون درهم (31 مليون يورو).

وكانت الحكومة المغربية منحت العاملين أكثر من 250 بزة وقنينة أوكسجين حديثة للغوص، وفرضت تراخيص وتدريبات على العاملين في استغلال الطحالب الحمراء ومجموعهم 9000.

 

وتابع عبد الإله “نساء الطحالب يحظين باحترام الجميع، ونحن كرجال نعمل في البحر، نُقدرهم على شجاعتهن وصبرهن، وما يتحملن مقابل 20 يورو لليوم”.

وتُعتبر شواطئ مدينة الجديدة إحدى أغنى الشواطئ العالمية بالطحالب الحمراء، التي تُستخلص منها مادة “أغار أغار”، التي تُستعمل في صناعة الجيلاتين النباتي، والأدوية ومستحضرات التجميل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى