ماذا يعني تقسيم سهم “أبل” للسوق والشركة والمستثمر؟
النشرة الدولية –
انهالت المفاجأت على مستثمري شركة آبل في الأسبوع الماضي بداية من الأرباح والإيرادات التي فاقت التوقعات وانتهاءً بإعلان قرار تقسيم السهم.
ومع حقيقة أن عمليات تجزئةأسهم الشركات الكبرى أصبحت نادرة بشكل كبير في السنوات الأخيرة، فإن قرار آبل أثار اهتماماً واسعاً.
انقسام مفاجئ للسهم
أعلنت الشركة المصنعة لجوالات أيفون في نهاية الأسبوع الماضي نتائج أعمالها عن الربع الثاني من العام الجاري، والتي نجحت في تجاوز توقعات المحللين.
وحققت آبل ارتفاعاً في الإيرادات إلى 59.7 مليار دولار في الثلاثة أشهر المنتهية في يونيو الماضي، مع صعود نصيب السهم من الأرباح لنحو 2.58 دولار، ليتجاوز كلاهما بسهولة تقديرات المحللين.
لكن الإعلان الأبرز تمثل في ذكر آبل أنها تعتزم تنفيذ عملية تقسيم للسهم على أساس أربعة إلى واحد، وهو ما سيدخل حيز التداول الفعلي في الحادي والثلاثين من أغسطس الجاري بالنسبة لمالكي السهم حتى نهاية يوم 24 من هذا الشهر.
وسيحصل كل مالك لسهم آبل على 3 أسهم إضافية، ليصبح في حوزته 4 أسهم كاملة بعد تنفيذ عملية التقسيم.
لكن مع ارتفاع عدد الأسهم المملوكة للمستثمر، فإن القيمة الإجمالية لاستثماره لن تتغير مع حقيقة أن سعر السهم سينخفض لـ25% من السعر الحالي.
ويعني هذا أن سعر سهم آبل الذي تجاوز 425 دولار بنهاية جلسة الجمعة الماضية، سوف يستهل جلسة يوم تنفيذ عملية التقسيم عند مستوى 106 دولارات تقريباً في حال استمر السهم في التداول عند نفس مستواه الحالي بالطبع.
ومثلاً إذا كان مستثمرا يمتلك 100 سهم حالياً في آبل بسعر 400 دولار لكل سهم فإن إجمالي استثماره يبلغ 40 ألف دولار، لكن بعد عملية الانقسام سيرتفع عدد الأسهم المملوكة له إلى 400 سهم مع انخفاض السعر إلى 100 دولار لكل سهم ما يجعل القيمة الإجمالية لحيازته دون تغيير عند 40 ألف دولار.
الأمر باختصار يشبه امتلاكك لورقة نقدية من فئة 100 دولار، فإذا قمت بتقسيمها إلى 5 ورقات من فئة 20 دولاراً فإن قيمة ما تمتلكه لن يتغير لكنك ستحصل على عدد ورقات نقدية أكثر فحسب.
عادة ما تكون عملية تقسيم أو تجزئة السهم مدفوعة بعوامل نفسية أكثر من كونها معبرة عن أي شيء فعلي خاص بالشركة أو أعمالها.
وبررت آبل قرار التقسيم برغبتها أن تكون حيازة السهم في متناول قاعدة أوسع من المستثمرين.
وإذا كان سعر السهم الذي يتجاوز 400 دولاراً يبدو مرتفعاً بالنسبة لمستثمري التجزئة، فإن تقسيم السهم يخفض السعر لمستوى أقل ويجعل حيازته ممكنة للأفراد الأقل قدرة مالية.
ومن الضروري التأكيد هنا على حقيقة أن تقسيم أي سهم لا يكون له تأثير فعلي على أساسيات الشركة أو القيمة السوقية لها، لكنه يؤثر نفسياً على المستثمرين المالكين أو الراغبين في امتلاك السهم.
ولا يجب الخلط بين الأسهم المجانية وعملية انقسام السهم، حيث أنه في الأولى يتلقى المستثمر أسهماًإضافية بنفس السعر المتداول، في حين أن التقسيم تمنح المستثمر أسهماً جديدة لكن قيمة حيازته تظل كما هي وإن كان مع عدد أكثر من الأسهم.
وأعلنت آبل أن عملية التجزئة لن يترتب عليها أي أثر فيما يخص ضريبة الدخل الفيدرالية على المستثمرين.
ورغم أن عملية الانقسام لن يكون لها تأثير على قيمة ما يمتلكه المستثمرون في آبل أو القيمة السوقية الإجمالية للشركة، فإنها ستؤثر على الوزن النسبي للسهم في مؤشر “داو جونز” الذي تعتبر الشركة أبرز مكوناته.
والمؤشر الصناعي الذي يتضمن أسهم 30 شركة أمريكية يعتبر مؤشر مرجح بالسعر، أي أن التحرك في أسعار الأسهم بالدولار وليس النسبة المئوية هو المحدد بصفة عامة.
وحالياً يعتبر سهم آبل الأكثر تأثيراً في حركة “داو جونز” بسبب سعره الأعلى، لكن بعد تنفيذ عملية الانقسام سيتراجع أثر السهم في المؤشر إلى منتصف الجدول.
وسيصبح سهم شركة “يونايتد هيلث جروب” الأكثر تأثيراً في حركة “داو جونز” بعد أن بلغ سعر إغلاق السهم يوم الجمعة الماضي 302 دولار يليه “هوم ديبوت” بسعر 265 دولاراً.
بينما في مؤشري “ستاندرد آند بورز 500″ و”ناسداك” لن يكون لانقسام السهم أثراً يذكر، حيث أن المؤشرين مرجحين بالقيمة السوقية والتي لن تتغير بالنسبة لآبل بعد الانقسام.
وتعتبر شركة آبل الأكبر من حيث القيمة السوقية بين الشركات الأمريكية بعد أن تخطت حاجز 1.84 تريليون دولار، يليها مايكروسوفت وأمازون على الترتيب.
عادة ما تشهد عمليات تقسيم الأسهم أثراً نفسياً إيجابياً لدى المستثمرين، سواء كان عبر زيادة الطلب من جانب المستثمرين الأفراد أو من خلال توقعات السوق لمزيد من الارتفاع جراء اتجاه الشركة لقرار الانقسام.
وتحولت شركة “آبل” لمؤسسة عامة في الثاني عشر من ديسمبر عام 1980، حينما تم طرح الشركة الأمريكية للاكتتاب العام مقابل 22 دولاراً للسهم الواحد.
ومنذ ذلك الحين تعرض السهم للتقسيم 4 مرات، ليصبح سعر الطرح العام بعد الأخذ في الاعتبارعمليات التقسيم 0.39 دولار.
وإذا كنت من المستثمرين أصحاب النظرة الثاقبة والذين امتلكوا سهم آبل قبل أول عملية تقسيم، فإن السهم الواحد سيتحول إلى 224 سهم نهاية الشهر الجاري.
وحدثت أول عملية تقسيم للسهم في يونيو 1987 على أساس اثنين إلى واحد، وهو ما تكرر مرتين بنفس التفاصيل في عامي 2000 و 2005.
بينما كانت عملية التقسيم الأخيرة لسهم آبل في عام 2014، وحينها حدثت على أساس سبعة إلى واحد بعد أن قفز السعر أعلى 700 دولاراً آنذاك.
وقبيل تنفيذ تقسيم سهم آبل قبل 6 سنوات كان السعر يبلغ 648 دولار تقريباً ليتحول إلى 92 دولاراً بعد الانقسام، لكن في اليوم التالي مباشرة ومع تسارع الطلب عليه صعد لنحو 95 دولاراً.
لكن بالطبع لا يعني انقسام أي سهم أن حدوث ارتفاع للطلب وزيادة للسعريعد أمرا مضمونا، بل أن هناك بعض الأراء التي تبرز سلبيات محتملة لهذا القرار.
فمن جهة، يرى محللون أن السعر المرتفع للأسهم يجذب المستثمرين المهتمين بالنظرة طويلة الآجل وليس الأفراد الذين قد يفضلون عمليات البيع والشراء الأكثر تتابعاً.
كما يعتقد أخرون أن السعر المرتفع للسهم يمنع التقلبات الحادة من خلال إبعاد مستثمري المدى القصير والمضاربين وغيرهم.
كما أن الهدف الأبرز لعملية تقسيم الأسهم والمتمثل في تشجيع الأفراد على الشراء قد لا يكون واقعياً في الوقت الحالي مع حقيقة أن معظم شركات الوساطة حالياً تفعل خيار الشراء الجزئي.
ويمكن لأي شخص أن يستثمر 10 دولارات فقط في شركة مثل آبل أو أمازون حالياً، حيث أنه غير مطالب بشراء سهم كامل وإنما يمكنه الحصول على جزء بسيط من السهم.
وظهر ذلك التطور جلياً في تراجع عدد عمليات التقسيم لشركات مؤشر “ستاندرد آند بورز” في السنوات الأخيرة والتي وصلت لـ5 حالات فحسب في 2017 وحالتين في 2018.
ويوجد العديد من الأسهم الشهيرة التي تتداول بسعر مرتفع حالياً مثل سهم أمازون والذي يتجاوز 3 آلاف دولار وألفابت عند 1487 دولار، ناهيك بالطبع عن بيركشاير هاثاواي التي يديرها “وارن بافيت” والتي يصل سعر سهمها لنحو 293 ألف دولار.
وفي النهاية، ربما لا يعكس قرار تجزئة سهم آبل تطورات فعلية على صعيد الأساسيات الخاصة بالشركة أو قيمتها السوقية، لكنه يمثل عودة لتوجه أصبح غير معتاد للشركات الأمريكية يداعب نفسية المستثمرين الصغار.