جمعية المصارف اللبنانية تشارك رسمياً بالسوق السوداء للدولار* عزة الحاج حسن
النشرة الدولية –
عديدة هي سلوكيات مصارف لبنان وممارساتها، التي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر بتنشيط السوق السوداء للدولار. لكن الجديد بالأمر هو أن جمعية المصارف كمؤسسة تتعامل بالدولار، وفق قواعد السوق السوداء. وهي بذلك، تخالف تعاميم مصرف لبنان الساعية لضبط سعر الصرف، ومنع التلاعب بالعملة الوطنية. الأمر الذي يحتّم على النيابة العامة المالية التحرك باتجاه القيمين على جمعية المصارف، كما باقي تجار السوق السوداء من صرّافين وتجار شنطة.
إشتراكات باللولار أو الدولار
بتاريخ 10 تموز الفائت أقرّت جمعية مصارف لبنان موازنتها التقديرية، وسلّمت الإشتراكات لأعضائها للعام 2021. ومن المعلوم أن الإشتراكات يتم تحديدها بشكل متفاوت بين المصارف، بما يتناسب وميزانية كل مصرف، تُخصّص لتغطية نفقات جمعية المصارف لجهة الدراسات والأبحاث التي تجريها، وإصدار المطبوعات الدورية، وتغطية رواتب العاملين لديها، وحملاتها الإعلانية وغير ذلك من المصاريف.
لكن ما هو لافت أن لائحة الإشتراكات التي حدّدتها جمعية المصارف والتي قُسّمت فيها المصارف إلى 13 فئة، حسب حجم الميزانية لغاية 31 كاون الأول 2019، جرى تحديد المبالغ المالية فيها بالدولارين المحلي والخارجي. أي بالدولار الوهمي المتواجد في المصارف (أو الدولار اللبناني) والدولار “الفريش” (الطازج) أو الـfresh money. ولهذا الإجراء العديد من المآخذ والمخالفات.
تتفاوت إشتراكات المصارف في الجمعية (المستند المرفق) حسب ميزانيتها. وقد تم تحديد اشتراك صغرى المصارف على سبيل المثال بـ29 ألف دولار محلي لكل مصرف، أو ما يعادله من دولار خارجي (15 ألف دولار fresh money). وبـ393 ألف دولار لكبرى المصارف أو ما يعادله من دولار خارجي (fresh money) حدّدته الجمعية بـ203 آلاف دولار، فماذا يعني ذلك؟ وما هي المخالفات التي ارتكبتها الجمعية والمصارف في هذا الشأن؟
مخالفة واضحة
تحديد جمعية المصارف لاشتراكات أعضائها بالدولار المحلي أو بما يعادله بالدولار الخارجي هو محض إتجار في السوق السوداء. ولا يمكن وصفه سوى بالمخالفة الواضحة، وفق ما يؤكد مرجع مصرفي سابق في حديث إلى “المدن”. فممارسات جمعية المصارف بهذا السياق أي تعاملها بسعري الدولار المحلي والخارجي ومعادلتهما، يؤدي إلى خلق سوق سوداء شرعية بأيدي المصارف ومصرف لبنان! ومن غير المقبول على الإطلاق أن تسعّر المصارف أو الجمعية الدولار المحلي في مقابل الدولار الخارجي، أو “الفريش ماني”. وكان على جمعية المصارف تحديد قيمة مساهمة المصارف من “الفريش ماني” إلى جانب تحديد قيمة مساهمتها بالدولار المحلي. بمعنى أن عليها أن تحدد نسب المساهمات أو الإشتراكات من “الفريش ماني” والدولار المحلي بما يتناسب ومصاريفها وحاجتها لكل من الدولارين (المحلي أو الخارجي) ولا يحق لها على الإطلاق تسعير الدولار وفق مزاجها، إنما فقط وفق سعر المنصة الإلكترونية المشرّعة من مصرف لبنان، يقول المصدر.
هناك سعران للصرف فقط يجب أن تتعامل وفقهما المصارف هما السعر الرسمي المحدد من مصرف لبنان أي الـ1515 ليرة، والسعر المحدد عبر المنصة الإلكترونية أي نحو 3900 ليرة حالياً، يتابع المصدر، وليس للمصارف حرية تسعير الدولار بغير ذلك. فممارسات المصارف هي ما يؤدي إلى فوضى التسعير، وفوضى السوق، وتعزيز وتنشيط السوق السوداء بطريقة أو بأخرى. فالسوق السوداء هي التي يتجاوز فيها سعر صرف الدولار ذلك المحدّد في المنصة ومن قبل مصرف لبنان. ما يعني أن المصارف والجمعية بطبيعة الحال باتت متورطة بالسوق السوداء فعلياً.
تقصير مصرف لبنان
خطأ كبير آخر ترتكبه المصارف يتمثّل بالعروض التي تقدّمها لعملائها، ومنها تجميد الدولارات الطازجة أو الـ”fresh money” ومضاعفتها بنحو 2.1 من قيمتها إلى 2.9، بمعنى أن بعض المصارف تعمل على إيداع مبلغ من الدولار الطازج، 100 ألف دولار على سبيل المثال، ليتم تجميده لفترة لا تقل عن 3 سنوات، مقابل رفع رصيد العميل من 100 ألف إلى 290 ألف دولار محلي – أي وهمي – لا يمكن سحبه إلا بالليرة اللبنانية.
هذه الممارسات من قبل المصارف غير قانونية، وغير منطقية. ولا يمكن وصفها سوى بالسوق السوداء. ويدعو المرجع المصرفي السابق، النيابة العامة المالية إلى التحرك وتوقيف كل من يساهم بفوضى سوق الصرف، سواء من المصارف أو الجمعية. كما يرى أنه على مصرف لبنان المركزي أن يصدر تعميماً واضحاً بهذا الشأن، يمنع فيه معادلة الدولار الخارجي بالدولار المحلي. إذ لا يحق للمصارف أن تسعر الدولار الخارجي بالمحلي. كما لا يحق لها التعامل مع الدولارات وكأنها دولارات مزورة، فتسعرها كما يحلو لها.