بعد إخراج العرب من الساحة النووية… «عقيدة بيغن» والدور على إيران!* حمزة عليان
النشرة الدولية –
لم تجد قناة “الجزيرة” الفضائية من عيوب على بدء تشغيل دولة الإمارات لأول مفاعل نووي يدعى “براكة” يقام في منطقة “الظفرة” بأبوظبي والقريب من أهم القواعد العسكرية هناك، سوى القول إنه قد يتسبب في مخاطر بيئية نتيجة حوادث قد يتعرض إليها، وفي بقعة جغرافية تنوء بالأزمات والصراعات قد ينتج عنها استهدافات تؤدي إلى تسرب إشعاعي من شأنه تهديد نشاط تحلية مياه البحر في الخليج العربي!
وبالرغم من الفرحة التي عمت العالم العربي لهذا الإنجاز الذي سيدخل الإمارات في النادي النووي السلمي” وسيعمل على توسيع قدراتها النووية ومصادر إنتاج الطاقة وبلوغها نحو 5.6 ميغاوات وإنتاج 25% من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية من المحطات الأربع المزمع الانتهاء منها قريباً، كانت أنظار المراقبين تفتح النوافذ لرؤية حال العالم العربي ومحيطه الجغرافي وعلى امتداد الشرق الأوسط في الملف النووي، سواء كان في إقامة المفاعلات النووية أم في السلاح النووي.
ففي نطاق استخدامات الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء والأغراض السلمية، أعلنت مصر البدء بمشروع محطة الضبعة عام 2017 الذي يضم 4 وحدات، وبمشاركة روسية وتكنولوجيا تنتمي إلى الجيل الثالث المطور بإقامة المفاعلات النووية، يعمل بالماء الخفيف وتتوافر فيه أعلى معدلات الأمان على مستوى العالم.
وعلى هذا المسار خطت السعودية في هذا الاتجاه عام 2017 وشرعت بالتحضير لمشروع مفاعلين نوويين يقعان على ساحل الخليج العربي بالتعاون مع كوريا الجنوبية باستخدم الجيل الرابع في بناء المفاعلات، والتي تتميز بكونها متعددة التطبيقات من إنتاج الكهرباء والمنتجات الحرارية.
وتحت سقف الطاقة النووية السلمية المقامة وفق معايير ومراقبة الوكالة الدولية للطاقة النووية ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية سيكون الأمر “محموداً” ومرحبا به، عند الغرب الأميركي وإسرائيل بالدرجة الأولى شرط ألا يتجاوز “عقيدة بيغن”! التي تقوم على الضربة الوقائية للتصدي لانتشار السلاح النووي في المنطقة، علماً أنها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك هذا السلاح وواحدة من أربع دول في العالم لم تعترف بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وهي الهند وباكستان وكوريا الشمالية.
وعلماً أنها أقرت مؤخراً بامتلاكها “مفاعلات” للاستخدام المدني! معتمدة على سياسة “الغموض والتعتيم النووية” وفوق هذا هي عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية!!
“عقيدة بيغن” حققت نتائج مخيفة على الأرض العربية، ففي عام 1981 قامت بتدمير “مفاعل تموز” (أوزيراك) العراقي النووي بأن رمت 8 طائرات “إف– 16” حوالي 16 قنبلة بثوان معدودة على المفاعل وسوته بالأرض لتعود سالمة إلى قواعدها! قبل هذا أقدمت على اغتيال العالم المصري د. يحيى المشد بباريس عام 1980 وأتبعته باغتيال 12 عالماً عراقيا بالفيزياء والكيمياء وكان ذلك في عهد صدام حسين!
“عقيدة بيغن” هذه رتبت وبسرية مطلقة أخطر وأهم عملية عسكرية واستخباراتية أطلقت عليها اسم “اللحن الناعم” ودمرت مفاعل دير الزور النووي السوري، وكان قيد الإنشاء بمساعدة علماء من كوريا الشمالية، وبواسطة 10 طائرات دكت المبنى ومحته عن وجه الأرض عام 2007 وأكملت المهمة باغتيال الرجل الذي وقف وراء المشروع، وهو الجنرال محمد سليمان عام 2008 أثناء جلوسه على العشاء بطرطوس في بيته المطل على البحر!
أما “النموذج الليبي” فتولت أمره الإدارة الأميركية واستطاعت أن تجبر معمر القذافي على التخلي عن برنامجه النووي وتفكيكه، بخطوة فاجأت العالم عام 2003، مقابل رفع العقوبات عنه واستئناف العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن، حتى غدت مثالاً للدول التي تملك سلاحاً نووياً كحال كوريا الشمالية التي تريد أميركا تطويعها كما فعلت مع القذافي، باستخدامها سلاح العقوبات والردع والتهديد!
“عقيدة بيغن” معناها ممنوع على العرب امتلاك السلاح النووي، فهي من يقرر ويسمح، ففي الأمس كان العراق ثم تبعته سورية وجاءت ليبيا بالمحطة الأخيرة، بقي الدور على إيران؟
كانت الرسائل التي أرادت إيصالها إسرائيل من وراء تلك الضربات، على العرب والمنطقة بأكملها، استيعاب الدرس، وبأنها لن تسمح بتأسيس قدرات نووية تهدد وجودها، فليس بمقدورها التسليم بمفاعل نووي عربي، فما بالك بمفاعلات إيران التي وضعت على الطاولة وتقوم بتهيئة المسرح المناسب لها للانقضاض عليها؟
فهل كانت استدارة العرب نحو استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية هي الحل الأمثل، كما فعلت مصر والسعودية والإمارات وحتى الجزائر، أم أن هذا التحول أفقدهم القدرة على التحكم في معادلة توازن الرعب النووي مع إسرائيل؟ أم أن فكرة الصراع مع هذا “العدو” انتهت وسقطت؟