فرسان القديس يوحنا* د. أفراح ملا علي

النشرة الدولية –

في أواخر القرن الحادي عشر وحتى القرن الثالث عشر بدأت حملات وحروب دينية دموية على يد الفرسان تحت شعار وراية الصليب المسيحي من أجل الدفاع عن الأراضي المقدسة والدفاع عن الدين المسيحي والتي أطلق عليها فيما بعد بالحملات الصليبية.

يصبح العنف نمطا متداولا وتبدأ معه هجرات الأوروبيين إلى الأراضي المقدسة، والتي بدورها تسببت في انتقال العديد من الأمراض وانتشار رهيب للقوارض كالفئران والحشرات نتيجة الجثث المتعفنة والدماء المراقة في أرض المعركة التي يسميها الإنسان بالمقدسة.

كان لابد من البدء بإيجاد حلول جذرية، والأخذ بعين الاعتبار حماية المدينة المقدسة ذات الشوارع الضيقة والتي تنصهر فيها ثلاثة أديان، المسيحية واليهودية والإسلام. انها القدس عروس المدائن.

الحملة الصليبية الأولى تنتهي في سنة 1099 ويتم تأسيس دير القديس جوان باوتيستا بنفس السنة، ليكون مكان استراحة الحجاج المسيحين وزوار المدينة المقدسة. وأيضا كمصحة للمرضى، حيث تم بناء مستشفى متكامل داخل هذا الدير لمعالجة المرضى بالمدينة تحت إشراف وقيادة رهبان القديس بينيتو والذين يتميزون بلون المسوح الأسود.

بالرغم من العمل الشاق والمساعدات الطبية التي قام بها رهبان الدير للمرضى والجرحى، إلا أن الحروب مازالت مستمرة بفرسانها وعدد الجرحى في ازدياد. فأصبح من الصعب نقل الجرحى من أرض المعركة إلى الدير أو إرسال رهبان بسطاء للمساندة. فقام كبير الراهبين في الدير جيرارد توم، بتأسيس فرقة عسكرية صليبية محاربة تسمى الفرقة الاسبتارية، فرقة القديس يوحنا، في مالطا. والتي تأمر كل منتسبيها من الشباب بتعلم جميع الفنون الحربية وأكبر قدر ممكن من علوم الطب. فهدف تأسيس هذه الجماعة هو حماية المسيحين في القدس وحماية المدينة، تحت شعار «دفاعا عن الدين ومساعدة الفقراء».

ولكي تعكس هذه الجماعة روح التواضع بين المسيحيين، كان يرتدي منتسبيها ملابس حربية بسيطة غامقة ومزينة بصليب أبيض كبير على الصدر والدرع والخوذة فقط. وفي 1136 زاد عدد أعضاء ومنتسبي فرقة القديس يوحنا، فساهم ذلك بتواجد أراض جديدة وقصور. فتصبح وبشكل رسمي الفرقة العسكرية الأقوى والأشرس والأكثر شهرة. حيث إنها شاركت في حصار عكا الذي فرضه الصليبيون بقيادة ريتشارد قلب الأسد ضد الأيوبيين بقيادة صلاح الدين الأيوبي، والذي أمر بإعدام كل الحامية المسلمة بعد استسلامها. وشاركوا أيضا في معركة أرسوف الشهيرة والتي بسبب هتافاتهم «للقديس جرجيس» زعزعوا ثقة الجيش المسلم والتي هزم فيها صلاح الدين الأيوبي أمام ريتشارد قلب الأسد.

في 1278 بدأت الفرقة العسكرية بتغيير الزي العسكري إلى اللون القرمزي بالأخص بين القادة، وفي سنة 1530 استقرت في مالطا حتى 1798، بسبب هجمة من نابليون بونابارت وهو في طريقه إلى مصر بطريقة مراوغة وبحجة استراحة جيشه بالميناء.

يتغلغل الفرسان ويكبر نفوذ هذه الفرقة العسكرية حتى يصبح أعضاؤها أحد نبلاء وجزء مهم من العائلة الحاكمة البرتغالية، وأيضا البرازيلية.

ينتقل فيما بعد كل فرسان فرقة القديس يوحنا إلى روما ويستقرون هناك حتى يومنا هذا. يصب هدف هذه الجماعة حاليا في العلوم الطبية ومساعدة المرضى حول العالم وتجديد العلاقات الديبلوماسية بين الدول بدون أي تدريبات عسكرية، بهدف ونوايا نبيلة لإنقاذ البشرية.

دمتم بمستقبل مشرق..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى