اليمن .. كارثة جديدة تواجه المواطنين والسلطات تستغيث !

 

اليمن – محمد المياس –

تسببت السيول والفيضانات في اليمن بـ كارثة إنسانية جديدة راح ضحيتها العشرات من المواطنين بعد أن اجتاحت المدن والأرياف اليمنية فضلا عن اجتثاثها لـ مخيمات النازحين .

أصبح اليمنيون أمام كارثة حقيقية تضاف إلى الكوارث التي يعيشونها بسبب الحرب الأمر الذي فاقم من مأساتهم ومعاناتهم.

إحصائيات

أرقام كبيرة أعلنت عنها السلطات اليمنية لأعداد ضحايا السيول فضلا عن الأضرار والخسائر المادية وانهيار مئات المنازل على ساكنيها.

أعلن تقرير للجنة المكلفة من قبل محافظ محافظة مأرب عن 19 حالة وفاة منهم 17 طفلا، فيما تضرر 16 الفا و885 اسرة في سبع مديريات فقط هي(المدينة،صرواح ،مدغل،رغوان ،رحبة وحريب)، منها 3666 أسرة تضررت تضررا كليا واصبحت بالعراء، و 13219 أسرة تضررت تضررا جزئيا، حيث شملت الاضرار تدمير المساكن والمباني، وتلف المواد الايوائية والغذائية، وتدمير مصادر المياه والخزانات والصرف الصحي.

فيما أوضح بيان لوزارة الصحة في حكومة صنعاء (الغير معترف بها دوليا) يوم أمس (الإثنين)، أن عدد ضحايا الأمطار والسيول الأخيرة بأمانة العاصمة والمحافظات الواقعة تحت سيطرتها الذين تم نقلهم إلى المستشفيات بلغت 131 حالة وفاة و124 مصابا.

وبحسب البيان ” فقد تضرر 106 منازل ومنشآت خاصة وعامة كليا و156 جزئيا حتى 7 أغسطس الجاري، منها ما جرفته السيول أو تهدمت نتيجة الأمطار الغزيرة”.

النازحون الأكثر تضررا

الأسر النازحة التي شردت من منازلها بسبب الحرب هي الفئة الأكثر تضررا من هذه الكارثة بعد أن ضربت السيول مخيمات النزوح وأخذت أرواح العشرات منهم ورمت الآلاف منهم في العراء مرة أخرى.

أوضح تقرير للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين أن الأمطار الغزيرة التي شهدتها محافظات مأرب وأبين والضالع والمصحوبة بالرياح، تسببت بأضرار جسيمة في مخيمات النازحين وأدت إلى جرف كلي أو جزئي في مساكن 2242 شخصاً كإحصائية أولية في المحافظات الثلاث. وكشف التقرير عن أن ارتفاع منسوب المياه في حوض السد بمديرية صرواح غرب محافظة مأرب أدى إلى أضرار في مخيمات الصوابين، الورضة، ذنة العيال، وأراك.

وبلغ عدد الأسر المتضررة في المخيمات المذكورة 1340 أسرة، من بين 4871 أسرة نازحة في المديرية التي يقيم فيها النازحون في تجمعات بمنطقة حوض السد.

وشملت الأضرار، بحسب التقرير، غرق مبان وجرف خيام وإتلافها، وتضرر أكواخ 430 أسرة كليا، و1000 أسرة جزئيا، بالإضافة إلى تلف المواد الإيوائية وغير الغذائية لـ900 أسرة بشكل كلي و123 أسرة بشكل جزئي، في حين أن الأسر المتضررة بالمواد الغذائية جميعها تقريباً (1430 أسرة) ومثلها فيما يتعلق بتلف الحمامات وشبكات الصرف الصحي وخزانات المياه.

وفي محافظة أبين، تسببت الأمطار بأضرار في مخيمات حصن شداد، با شحارة، دهل أحمد، الطميسي، عمودية، سواحل، أرياف باجدار، النجمة الحمراء، النوبة ميكلان في مديريتي زنجبار وخنفر. وفي محافظة الضالع، قال التقرير إن الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة أسفرت عن أضرار بالغة في مخيم عسقة بمديرية الحشاء، حيث تسكن 60 أسرة نازحة.

من جهتها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الشهر الماضي إن ما لا يقل عن 33 ألف نازح في مخيمات جنوب اليمن فقدوا خيامهم وممتلكاتهم في الفيضانات.

أخدود المنخفض الجوي 

كارثة هي الأكثر ضررا على الزراعة والمزارعين والمواطنين منذ عقود حيث لم تشهد اليمن منذ فيضانات الثمانينات  هذا التغير المناخي الذي أدى إلى كارثة إنسانية وبيئية؛ ويعود ذلك كما وصفه مختصون يمنيون بـ “أخدود المنخفض الجوي ” المصاحب له أمطار متفرقة مختلفة الشدة بعضها غزيرة مصحوبة ‏بعواصف رعدية الأمر الذي أدى إلى تدفق سيول غزيرة .

مايزال الخطر محدقا

لا تزال بعض المحافظات تشهد هطول أمطار غزيرة حتى اللحظة وسط تحذيرات للمواطنين من الابتعاد عن أماكن تدفق السيول مع تحذيرات من انتشار سحب رعدية ضخمة في عددا من المحافظات اليمنية وفقا لصور الأقمار الصناعية.

ويتوقع مركز الأرصاد الجوية في اليمن استمرار هطول الأمطار في المرتفعات الجبلية والمناطق الساحلية، محذرا من تدفق السيول والانهيارات الصخرية، وقال “أن الارض تكون رطبة ومشبعة بمياه الامطار مما يسهل في تدفق السيول”.

ويحذر مركز الأرصاد “بعدم التواجد في مجاري السيول وبطون الأودية والحذر من الانهيارات الصخرية والطينية والانخفاض في الرؤية الأفقية في الطرقات والمنعطفات الجبلية، وحذر مرتادي البحر من الرياح الشديدة واضطراب البحر في مياهنا الإقليمية

انهيار مباني تراثية

لم تكن كارثة السيول والأمطار الغزيرة محصورة على أضرار بشرية كبيرة فحسب وإنما تهدمت عشرات المنازل بشكل كلي أو جزئي، وبينها مبان تاريخية في محافظة صنعاء الأمر الذي أثار مخاوف كبيرة من خروج مدينة صنعاء القديمة من قائمة التراث العالمي.

حيث أطلق ناشطون يمنيون، الخميس، هاشتاق على وسائل التواصل الاجتماعي ” #انقذوا_تراث_اليمن_الحضاري”، طالبوا فيه منظمة اليونسكو والمنظمات المعنية بالتراث بإنقاذ صنعاء المعروفة بـ”مدينة سام”.

كما وجهت الهيئة العامة للمحافظة على المدن والمعالم التاريخية في اليمن نداء استغاثة إلى المنظمات الدولية وخاصة اليونسكو، لإنقاذ مدينة صنعاء التاريخية التي تضررت جراء الأمطار.

وقالت الهيئة في بيان لها إن “مباني صنعاء القديمة التي صمدت لمئات السنين نكاد نفتقدها في أي لحظة، جراء استمرار هطول الأمطار الغزيرة وغير المسبوقة والتي نتج عنها انهيار شبه كلي لعدد من المباني مأهولة بالسكان”، حسبما نقلت عنها وكالة “سبأ” التي يديرها الحوثيون.

وأشار البيان إلى حدوث انهيارات جزئية للجدران الحاملة والأسقف بسور مدينة صنعاء الشمالي والجنوبي، مؤكدا أن “هذه المدينة العالمية توجه اليوم كارثة حقيقية تهدد وجودها”.

ووجهت الهيئة “رسالتها للعالم ليتحمل مسؤوليته تجاه إنقاذ هذا التراث الإنساني”، معبرة عن أملها “أن تجد هذه الاستغاثة تفهما وتجاوبا”.

فيما غرّد سفير اليمن لدى اليونسكو، محمد جميح، في إطار الحملة الشعبية، وقال “مدينة سام، واحدة من أقدم مدن العالم تتفلت من بين أيدينا”.

وأضاف: “انهيار مبنى تاريخي في صنعاء القديمة بفعل الأمطار. دعونا نفكر في حملة وهاشتاق يبلغ العالم، لإنقاذ تراثنا الحضاري المهدد في صنعاء وغيرها من مدننا التاريخية”.

ودعا جميح، في بيان صحفي، إلى سرعة حماية مواقع التراث العالمي في اليمن لمواجهة الآثار الناجمة عن السيول والأمطار التي شهدتها البلاد مؤخراً، وأدت إلى تأثر العديد من المواقع التاريخية، وخاصة المسجلة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

وقال السفير جميح في رسالة بعثها إلى المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، أودوراي أوزولاي، “إن الأمطار الغزيرة والفيضانات التي شهدها اليمن أدت إلى دمار طال عدداً من المواقع الأثرية في البلاد، وعلى وجه الخصوص المواقع الثلاثة المسجلة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي في صنعاء القديمة وزبيد وشبام حضرموت”.

وأكد جميح ضرورة لجوء اليونسكو إلى “صندوق طوارئ التراث العالمي لتسريع عمليات مواجهة الآثار المترتبة على الأمطار الغزيرة التي يشهدها اليمن، والتي أثرت على معظم مواقع التراث الإنساني في البلاد، وليس على المواقع المسجلة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي”.

مواطنون يشكون غياب السلطات

شكى مواطنون تجاهل السلطات الشرعية والغير معترف بها دوليا جراء كارثة السيول التي تسببت بخسائر بشرية ومادية في مختلف المحافظات اليمنية.

المواطن سلطان سيف، وهو نازح في محافظة مأرب شرقي اليمن، يشكو من غياب دور الحكومة الشرعية في إنقاذ النازحين من السيول وتوفير احتياجاتهم الأساسية بعد أن أصبح الآلاف منهم يعيشون في العراء مرة أخرى .

وقال سيف لـ”النشرة الدولية” أنه بات يسكن في العراء مشردا مع أسرته دون استلام أي مساعدات إغاثية من أي جهة.

وتعدّ الطرابيل حلاً مؤقتاً لتفادي الأضرار في ظل التقاعس من قبل سلطات الأمر الواقع (الحوثيين) والتي تعمل على زيادة معاناة المواطنين بدلاً من الوقوف معهم في محنتهم.

حيث نفذ شباب في مدينة صنعاء حملة شراء وتوزيع الطرابيل على عدد من المنازل بدعم من بنوك تجارية لاقت استحساناً لدى المواطنين كما تفاعل معها عدد من المتابعين.

مع ذلك شكا مواطنون من ارتفاع أسعار “الطرابيل” بمختلف أنواعها ومقاساتها ثلاثة أضعاف سعرها السابق قبيل تساقط الأمطار الغزيرة على محافظة صنعاء.

ووصل سعر المتر الواحد من الطرابيل إلى أربعة آلاف ريال بعد أن كان سعره لا يتجاوز 700 ريال وسط غياب دور سلطة الحوثيين في هذا الجانب أيضا.

استغاثة السلطات

غاب دور السلطات اليمنية ( الشرعية، والغير معترف بها دوليا) الفعلي في إنقاذ المواطنين من السيول والفيضانات واكتفت فقط بتوجيه نداءات الاستغاثة للمنظمات .

الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وجهت نداء استغاثة لمواجهة الأضرار الناتجة عن السيول والأمطار جراء المنخفض المداري الذي ضرب عدد من المحافظات في اليمن.

وطالب وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة عبدالرقيب فتح، منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن بتوجيه المنظمات الأممية لإرسال الفرق الإغاثية والإنسانية إلى المحافظات المتضررة وفقا لوكالة الأنباء اليمنية “سبأ” بنسختها في عدن والرياض.

كما طالب الوزير فتح المنسقة الأممية بتقديم المساعدات الإغاثية الطارئة للمتضررين، في مواجهة تداعيات واثار الأمطار والسيول.

من جهتها أعلنت “اللجنة الوطنية اليمنية لليونسكو” (تخضع لسيطرة الحوثيين)، السبت، تهدم 111 منزلا جراء السيول في مدينة صنعاء القديمة، خلال الأسابيع الماضية.

وتعد صنعاء القديمة إحدى أقدم المدن العربية، حيث تجاوز عمرها آلاف السنين وفق مؤرخين‎، وتم إدراجها عام 1986 ضمن قائمة التراث العالمي، من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “يونسكو”.‎

وناشدت اللجنة في بيان، “يونسكو” “التدخل العاجل لإنقاذ مباني مدينة صنعاء المسجلة في قائمة التراث العالمي من الانهيار والتدمير، ومعالجة ما لحق بها من أضرار جسيمة جراء الأمطار والسيول”، دون تفاصيل.

وطالب بـ”ضرورة الاستجابة السريعة وبصورة عاجلة للحيلولة دون وقوع كارثة كبيرة في هذا الإرث الإنساني والتاريخي”.

كما طالب البيان المنظمات الإنسانية إلى تقديم المساعدات الإغاثية الطارئة للمتضررين من السيول.

تسببت السيول الأخيرة بكارثة انسانية في مختلف المحافظات اليمنية لم تشهد البلاد مثيلا لها وأصبح اليمنيون يعيشون الجوع والبؤس والمأساة والسيول والفيضانات والأمطار الغزيرة لاسيما الحرب والصراع والأزمات ومع كل تلك الكوارث يلجأ الشعب اليمني كعادته إلى السخرية والنكته للخروج من الوضع الكارثي الذي يعيشه على مدى سنوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى