من الذاكرة عن «فرحتنا المنقوصة».. أيضاً* خالد أحمد الطراح

النشرة الدولية –

غاب عن ذهني سهواً حين نشرت مقالي قبل يومين «الفرحة الثقافية المنقوصة» ذكر التكريم الذي حظي به الأخ علي اليوحة، الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون السابق في 15 مايو 2019 من مؤسسة لوياك، وهي جهة كويتية غير ربحية.

فقد كان عنوان الأمسية «شكراً فارس الثقافة والفنون»، وسط حضور متنوّع من المهتمين وأعضاء الأسرة الثقافية الكويتية والعربية من محبي وشركاء #لوياك، حين احتضنت أركان المدرسة القبلية، مقر #لوياك، أمسية «شكراً»، ضمن أجواء مفعمة بالمودة والوفاء.

تألّقت الأخت الفاضلة فارعة السقاف، رئيسة مجلس ادارة «لوياك»، بكلمة وجدانية، عبّرت فيها عن التقدير والعرفان، باسم «لوياك»، للأخ الفاضل علي اليوحة، فمثل هذه اللفتات لا تصدر عادة عن جهة تدفع نحو أفول نجوم الثقافة والمبدعين ووأد آفاق التنمية الثقافية في الكويت وخارجها أيضا.

كلمة أسرة «لوياك» كانت بمنزلة رواية سلسة لمسيرة مهندس كويتي، نذر نفسه منذ 2011 حتى أبريل 2019، لاستكمال رحلة الاستنارة، بالمحافظة على إنجازات الماضي وإثراء المستقبل، على الرغم من حجم العثرات، التي استمدت قوتها من أطراف تتشدق شكلاً بدعم الثقافة والحريات، في حين واقعياً الدعم ذهب لمن لا يفرق بين الأموات والأحياء من البشر!

نقلت أمسية # لوياك الشكر باسم أطفال مخيّمات اللاجئين في لبنان وشعب اليمن الذبيح، الذي أبى دفن الإبداع في النفوس حتى في ظروف الحرب التي تمزّق شعب اليمن الشقيق في شماله وجنوبه منذ سنوات.

وقد برهن الزمن على الدور الإنساني المميز لمؤسسة #لوياك في هذه الظروف العصيبة، التي يمر بها لبنان الشقيق إثر تفجير مرفأ بيروت.

الخصم والحكم

استخلصت من ردود فعل كثيفة وتعليقات مباشرة وعبر «تويتر»، لم يكن أحدها سلبيا، وعلى مستويات مختلفة من مفكرين وأدباء وكتّاب ومهتمين بالشأن الثقافي، أن الثقافة في الكويت فعلاً مستهدفة من قبل الخصم والحكم، وهو وزير الإعلام والنائب محمد الجبري منذ رئاسته أهم جهة ثقافية، في حين السيرة الذاتية للوزير لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالثقافة.

لكن القرار الحكومي لا يقوم أساساً على البعد الثقافي والرؤية العميقة لمنابر الاستنارة، فمن آخر الأولويات الرسمية الاهتمامُ بالثقافة في الكويت، كما كانت عليه في زمن روّاد الفكر والأدب والثقافة.

تبيّن أن المعركة لم تكن محصورة ضد الأخ علي اليوحة بعينه كمواطن، وإنما ضد المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كمظلة ثقافية رسمية للدولة، وتبيّن أن هناك غصات تكابدها ضمائر وحسرات تئن منها العقول الكويتية على مستقبل الثقافة في الكويت.

فهناك بحر من الهيئات والمؤسسات ذات المزايا الاستثنائية، من حيث الرواتب وامتيازات أخرى لا تحصى، التي جرى إنشاؤها عشوائياً، وجرى منحها دعماً وأولوية لا يمكن القبول بهما مهنياً أو كضرورة عمل حتمية أو احتياج سياسي ملحّ!

بينما المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ظل طوال تاريخه ومنذ التأسيس في عام 1973 يترنّح يميناً وشمالاً منذ انتقال تبعيته من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الى وزير الإعلام في عام 1994 بسبب الأهواء والأمزجة الوزارية، حتى ظل حبيساً لوزارة الإعلام حتى في أوج عطائه وسطوع نجمه في سماء الثقافة العربية والدولية.

مقابل كل التحديات التي شهدها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، لم يشهد برأي المجلس تراجعاً مثلما حصل منذ تولي الوزير الجبري الحقيبة الوزارية.

فهناك تعيينات وقرارات غير حصيفة إطلاقاً، عصفت بمسيرة المجلس الوطني وإصداراته الثقافية القيمة، التي هي بمنزلة سفراء للثقافة في الكويت.. مسيرة نحو مقبرة الحبر.

اليوم، الثقافة في الكويت، للأسف الشديد، بيد من يجهل التاريخ الثقافي وقيمته الوطنية!

أشكر كل من تفاعل مع مقالي السابق؛ فقد وجدت نفسي بين فرحة منقوصة لدى قاعدة واسعة لشرائح وفئات شعبية كويتية.. إنها فرحتنا المنقوصة.

نقلاً عن جريدة “القبس” الكويتية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى