اكتئاب!* د. ناصر أحمد العمار

النشرة الدولية –

لأول مرة بعد غزو الكويت في (1990/8/2) لم يتمكن الكويتيون من السفر صيفا، بل ان في سنة الغزو كان البعض يقضي إجازته خارج البلاد.

لقد أجبر فيروس كورونا المصطافين على البقاء في الكويت والاكتواء بلواهيب صيف (2020م) ليعلن الفيروس الخبيث البقاء معنا، ولا أحد يعرف متى (يفارج عنا) إلا الله، بعد أن تمكن من أن يفعل بالبشرية ما لم تتمكن منه أعتى أسلحة الدمار الشامل، وأفظع الكوارث الطبيعية، وأخبث الهجمات الإرهابية، فتأثيره على حياتنا كان وسيكون أشد وطأة، وأطول مدة، من تأثير كل ما واجهناه.

فيروس كورونا (طاح على بلاوينا) وعرف نقطة ضعفنا، فعلى مستوى علاقاتنا الإنسانية، لا يمكن لأي تكنولوجيا أو وسيلة تواصل اجتماعي أن تعوضنا عن حاجتنا لمعانقة من نحب، أو (تقبيل رأس والدينا) أو مصافحة أقاربنا، أو يجد لنا بدلا من تجمع دواويننا، أو المشاركة في الأفراح أو الأتراح، ولا يمكن للتعليم عن بُعد، مهما تطورت الخوارزميات المتعلقة به، من تعويض استفادة الطفل في فصل دراسي واحد مع زملائه!

وقد تمكن هذا الوباء من أن يمحو فينا قسرا «سنين» طويلة من عاداتنا الاجتماعية وتقاليدنا، حتى صلواتنا الخمس وكذا صلاة الجمعة (صليناها في بيوتنا) بعد أن اختبأنا بها حتى اختلناها يوما كهوفا، لكن بعد أن قرب انتهاء موسم السفر والسياحة الصيفية الذي اعتدناه، طرح هذا السؤال نفسه بقوة (معقولة السنة ماكو سفر وشنو راح يصير فينا)؟

يعني، هل ستتمكن بنا الأمراض النفسية مثل الاكتئاب كما ادعى ويدعي البعض؟ أقول لأمثال أولئك المتذمرين: احمدوا الله على ما أنتم فيه، فالأمور لم تصل إلى هذا الحد، بل يستوجب علينا أن ندرك رحمة الخالق علينا، ونعي مدى عطفه ورعايته، الاكتئاب والعياذ بالله بعيد كل البعد عنا بفضل من الله، كثير من الناس يصفون وضعهم بالمكتئب نتيجة حظر التجول والقيود والإجراءات الاحترازية، وفوق كل هذا (ماكو سفر) أيها المتشائمون، أنتم من يجلب لنفسه الأمراض جلها، وتوقعون أنفسكم في شباك ومصيدة الاكتئاب فالأخير لا يختار مرضاه! فلابد من إدراك الواقع حتى تستوعبوا ما أنتم به من حال، ان الشعور بالمرض إحساس يتصف بالانهزامية والانكسار والانسحاب والاستسلام المؤدي إلى الانصياع والانعزال والتقوقع في زوايا الفشل ورفض الواقع، الاكتئاب (الذي تدعونه) يعاني المصاب به من اضطراب عقلي، وشعور بخيبة الأمل، وإحساس بالتعب، وحدة المزاج الاكتئابي ينطوي على مشاعر سلبية مثل الحزن، ويبدو المستقبل في عين المكتئب قاتما وتافها.

وتصبح الأمور الباعثة على المرح غير مفرحة بسبب فقدان بهجة الحياة، والمكتئب يسيطر عليه الجمود والإرهاق، ويفقد الثقة بالنفس محطما لذاته وتقديرها، كما تسيطر عليه أفكار مثل الدونية والتفاهة، ولا يثق في قدرته على البقاء. ينتقد ذاته دون أسباب معقولة أو الشعور بذنب لا أساس له. لديه أفكار متكررة عن الموت. قد يصبح الشخص المكتئب إما مشلولا وإما شديد النشاط بشكل مقلق.

أقول للضعفاء: إذا عندكم نفس هذه الأعراض، شافاكم الله وعافاكم، ثقوا بربكم أولا ثم بأنفسكم، ماكو سفر هالسنة، اقعدوا في الكويت ولا تكتئبوا! (فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون) «النحل – 114».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى