طلعونا من المسلسل المكسيكي اللي إحنا فيه* أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

وأنا أقرأ قضايا الفساد التي نعيشها، أشعر وكأنني أشاهد حلقات من مسلسل مكسيكي على «نتفليكس»، الا ان الاحداث أصبحت تجبرنا على القبول بأننا نعيش واقع فساد للأسف.

فلا نكاد نستوعب فضيحة فساد ونحاول معرفة متسببيها، حتى نصحو على فساد آخر، وفضيحة أخرى.. والغريب ان معظمها، ان لم يكن جميعها، مرتبط بفساد اداري او مالي متعلق بوزارة الداخلية، عبر عناصر من هذه الوزارة، ولكن ان يصل الامر الى ان نخشى وجود عين متربصة بنا في حساباتنا على شبكات التواصل الاجتماعي.. فهذا لا يسكت عنه.

فما شهدناه مؤخرا من تسريبات فيديو لقيادي وابن قيادي من الأسرة، وما يحمله المقطع من شبهات تنصت على حسابات شخصية سواء حسابات وهمية او حسابات لأشخاص معلومين، أمر يجب ألا يمر مرور الكرام، فمثل هذه الفضائح المدوية، في دول تحترم ديموقراطيتها.. تستوجب استقالات حكومية متتالية، حتى تبين للشعب احترامها له، فماذا ننتظر بعد، وأي فضيحة جديدة بانتظارنا أكبر من فضيحة الدخول في حساباتنا الشخصية، فمن الممكن ان يتعرض أي شخص للتجسس في يوم من الأيام.. فهل ننتظر ان تزرع أجهزة تجسس في بيوتنا أيضا! فمبدأ المحافظة على الخصوصية ثابت لا يتجزأ.

المحزن في الامر ليس فضيحة التجسس بحد ذاتها، بقدر ما ان الفضائح المتتالية اوجدت ازمة ثقة، بيننا وبين مؤسسات الدولة، فكيف نعيد بناء الثقة بيننا وبين الحكومة التي يفترض منها ان تكون درع حمايتنا، فالمفارقة، اننا كشعب، في دولة مؤسسات، يفترض ان نلجأ لوزارة الداخلية للشكوى في حال تعرضنا لتجسس او مضايقة او واجهنا فسادا ما هنا وهناك، الا اننا نعيش حالة مختلفة، فلمن نشتكي ان كانت العلة في الجهة التي يفترض ان توفر لنا الحماية؟ ولمن نلجأ؟!

والى أي مدى سيستمر عناصر في الداخلية في تجاوزاتهم، كي لا نظلم الشرفاء منهم، فالامر لا يقتصر فقط على التجسس، بل سمعنا عن تورطهم في قضايا غسل أموال، وتعد على المال العام، وهروب متهمين ومجرمين.. وكأننا في دولة يحكمها متنفذون.. «مو رادين» لا على دستور ولا على مؤسسات.. ولا قانون! فما الذي يمنحهم هذه القوة التي تعطي انطباعا ان «الكويت ملك لهم» يفعلون بها ما يشاؤون؟ لماذا يظن بعض أبناء الأسرة ان كونهم «شيوخا» يستطيعون فعل ما يحلو لهم.. حتى التجسس علينا؟!

ولكوني انسانة واقعية، لا احبذ التباكي على احداث مضت، وإلقاء اللوم على فلان وعلان، بل يجب اتخاذ خطوات جدية وفعلية.. أولا ومن دون أي تردد، محاسبة المقصرين، وفقا للقانون، حتى يكونوا عبرة لآخرين قد يقودهم نفوذهم للنهج الفاسد نفسه و«الدوس ببطن القانون».. ثم تمكين الاكفاء والوطنيين والاصلاحيين محلهم، وإصلاح الخلل الكامن في بعض القوانين والثغرات والقرارات التي تمكن ضعاف النفوس هؤلاء من استغلالها لممارسة فسادهم..

تعبنا فسادا، وكأننا في مسلسل مكسيكي، وما نطلبه بسيط للغاية.. طبقوا الدستور والقانون، بلا محاباة، فالكويتيون يستحقون وطناً جميلاً بلا فساد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى