فايننشال تايمز: ميسي .. شخصية وديعة وصامتة أم خلف الصورة ما وراءها؟
النشرة الدولية –
ميسي، أفضل لاعب كرة قدم في أي عصر، عاش طوال حياته المهنية تقريبا في بلدة كاستيلديفيلس غير المميزة، خارج برشلونة. أنا حاليا أكتب كتابا عن نادي برشلونة، وعندما قادني أحد السكان المحليين إلى منزل ليونيل ميسي في عصر أحد الأيام، أدركت ما يلي: الركيزة الأساسية لمدة 15 عاما من كرة القدم الرائعة بشكل روتيني يعيش حياة مملة.
على تلة بعيدة عن الشواطئ المحلية، اشترى ميسي منزل أحد الجيران وقام ببناء مجمع يشتمل على ملعب كرة قدم صغير. أشجار النخيل ونبات البوجانفيليا والجدران البيضاء توفر الخصوصية. يبدو وكأنه منزل مليونير عادي في مقاطعة أورانج.
تساعده زوجته أنتونيلا (التي عرفها منذ الطفولة في روزاريو، الأرجنتين) على إبعاد نفسه عن كرة القدم بمجرد انتهاء العمل. يقول إنه يربي ثلاثة أبناء صغار، يشعر “بالدمار” بحلول المساء وينام مبكرا.
في أيام المباريات، يتألق اللاعب البالغ من العمر 33 عاما في كامب نو، ثم ينتقل إلى المنزل في رحلة تستغرق 25 دقيقة على طول الطريق السريع شبه الخالي في منتصف الليل، وعادة ما يتقاسم السيارة مع جاره وصديقه المقرب لويس سواريز. بعد ثلاثة أيام، يفعل ذلك مرة أخرى.
كتب ميسي الثلاثاء إلى برشلونة يطلب السماح له بالمغادرة دون غرامات. منذ فوز بايرن ميونيخ على برشلونة 8-2 في 14 آب (أغسطس)، انهار النادي. يبدو أن هذا نهاية حقبة تحول فيها نادي برشلونة إلى نادي ميسي.
كان الاتجاه السائد في كرة القدم في ربع القرن الماضي هو أن لاعبي كرة القدم المتنقلين الذين هم من أصحاب الملايين، الذين يكاد يكون من المستحيل تعويضهم، كانوا يراكمون السلطة. لم يعودوا يقبلون المديرين الاستبداديين.
لكن لا يوجد فريق أخذ قوة اللاعبين مسافة أبعد مما فعل برشلونة. هذا لأنه لأعوام لم يكن لدى أي ناد لاعبون أفضل. ميسي وجيل إسباني استثنائي فازوا بلقب واحد على الأقل كل موسم من 2009 حتى 2019.
قبل ميسي، كان برشلونة يعيش بشكل متكرر في وضع تكون فيه المباراة التالية هي الأزمة التالية. أصبح هذا الأرجنتيني مظلة للنادي. جعل إدارة برشلونة سهلة نسبيا. في صباح اليوم التالي بعد كل فوز للفريق الأول على ريال مدريد، كان كل موظف في النادي يصل إلى العمل مرتاحا ومبتسما.
عاش ميسي وفقا للقول المأثور إن أفضل لاعب هو المسؤول عن النتيجة. عندما لا يلعب برشلونة يلعب بشكل جيد، يشعر ميسي أن على عاتقه يقع تغيير المباراة. إذا أعطى تعليمات تكتيكية لزميل في الفريق، أو خاطب الفريق في غرفة تغيير الملابس قبل انطلاق المباراة، فإن كلمته كانت قانونا حتى للمدرب الرئيس – وهو منصب تم شغله بأسماء منخفضة المستوى متوافقة مع ميسي منذ 2012.
غالبا ما يخطئ الغرباء ويظنون أنه صاحب شخصية وديعة وصامتة. داخل برشلونة، يخافه كثيرون. قال لي رئيس سابق للنادي: “لا يحتاج إلى التحدث. لغة جسده هي أقوى ما رأيته في حياتي. لقد رأيته وهو يلقي نظرة في غرفة تغيير الملابس يعرفها الجميع ويدركون من خلالها ما إذا كان موافقا على اقتراح ما أم لا. وهذا كل شيء. إنه أكثر ذكاء بكثير مما يظنه الناس – أو ما يوحي به إليهم”.
سألته: “ماذا يريد؟”. أجاب الرئيس السابق: “هو يريد كرة القدم”، ما يعني أن ميسي يريد لبرشلونة أن يلعب بالطريقة التي يريدها هو بالضبط.
ميسي لم يكن يحب أن تكون لديه السلطة بشكل خاص. كان يفضل أن يهتم مديرو ومدربو النادي بكل شيء – طالما أنهم يفعلون ما يريد. كان ينفي دائما وهو منزعج أن يكون له رأي في الانتقالات وتعيينات التدريب، وصحيح أنه لم يكن لديه حق النقض.
لكن كان برشلونة يأخذ في الحسبان رغباته في كل قرار كبير. في الصيف الماضي طالب بعودة البرازيلي نيمار، الذي بيع إلى باريس سان جيرمان في 2017. لم يكن لدى مديري برشلونة أي نية لتقديم 200 مليون يورو للحصول على رجل عرضة للإصابات يبلغ من العمر 27 عاما، لكنهم أمضوا شهرين تقريبا في التظاهر برغبتهم في الحصول عليه، حتى يتمكنوا في النهاية من إخبار ميسي، “آسفون، لقد حاولنا ولكن لم نتمكن من الحصول عليه”.
ميسي شعر بالاستياء. وهو يلقي باللوم على مجلس الإدارة في إفساد مهمة توظيف المواهب. أنفق برشلونة أكثر من مليار يورو على الانتقالات منذ صيف 2014، أكثر من أي ناد آخر، لكن انتهى به الأمر مع فريق بلاعبين ليسوا شبابا وخالين تقريبا من قيمة إعادة البيع.
هذا جزئيا لأن جيل ميسي تجاوز فترة إقامته التي كان فيها موضع ترحيب. فطالما أنهم من بين من يكسبون أعلى متوسط أجور في جميع الرياضات الجماعية، بين أقران لامعين، في أكثر بقعة ملائمة للعيش في أوروبا، فما الذي يجعلهم يغادرون؟ لقد خففوا تدريجيا عبء التدريب، وضغطوا بشكل أقل في المباريات وما زالوا يهزمون معظم المنافسين من حيث الموهبة والمعرفة الفنية.
هذه هي الطريقة التي جاء بها برشلونة لمواجهة بايرن مع ستة لاعبين خارج الملعب تبلغ أعمارهم 31 عاما وما فوق. كان ميسي يحذر منذ شهور من أن الفريق لم يكن جيدا بما يكفي للفوز بالألقاب.
وعندما كان يسأل عن مستقبله، كان يجيب دائما: “أهم شيء هو أن يكون لديك مشروع ناجح”.
يبدو برشلونة الآن غير قادر على بناء مشروع جديد. يعتزم النادي التخلص من الذين تجاوزوا سن الشباب – طلب من سواريز، 33 عاما أيضا، المغادرة – لكن لا يمكنهم شراء النجوم الأصغر سنا. وأكاديمية ماسيا للشباب التي كانت في السابق تتفوق على العالم، أنتجت لاعبا رائعا واحدا فقط خلال عقد من الزمن: تياجو ألكانتارا، الذي حطم برشلونة هذا الشهر وفاز بدوري أبطال أوروبا مع بايرن.
يبدو أن زواجا دام 20 عاما بين اللاعب والنادي قد انتهى. أسهم ذلك بقدر لا بأس به في السعادة العالمية.