البنتاغون.. يحذر من “جرائم المرتزقة السوريين” في غرب ليبيا
إنجي مجدي –
خلال أقل من شهرين، أصدرت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” تقريراً يحذر مجدداً من جماعات المرتزقة السورية في ليبيا، وأن التنظيمات الإرهابية تشدد قبضتها على مناطق متعددة في أفريقيا، على الرغم من الجهود المستمرة التي تبذلها الولايات المتحدة وحلفاؤها لتقويض قدراتهم والحد من انتشارهم.
وقال سين أودونيل، المفتش العام بالبنتاغون، في تقريره النصف سنوي، الصادر الأربعاء، إن الولايات المتحدة وشركاءها الدوليين أحرزوا تقدماً محدوداً على صعيد مكافحة الإرهاب في أفريقيا، مشيراً إلى انتكاسات ضد العناصر المنتسبة إلى كل من تنظيمي القاعدة وداعش. وحذر التقرير من المخاطر المتزايدة في شمال أفريقيا، وتحديداً تنظيم داعش في ليبيا، التي كانت هادئة نسبياً حتى مايو (أيار) الماضي.
داعش في ليبيا
وقال أودونيل: “استأنف داعش في ليبيا هجماته الصغيرة في المنطقة الصحراوية الجنوبية”. ويتفق ذلك مع تقرير حديث للأمم المتحدة، يستند إلى معلومات استخباراتية للدول الأعضاء، أفاد بأن تنظيم داعش في ليبيا لديه على الأرجح بضع مئات من المقاتلين. وأعرب المسؤولون الأميركيون عن مخاوف متزايدة من أن الحرب الأهلية المستمرة في ليبيا، وتدفق الآلاف من المرتزقة والمقاتلين الأجانب، قد يخلقان ظروفاً تسمح لداعش بالازدهار.
وذكر التقرير إن تواجد آلاف المرتزقة السوريين الذين ارسلتهم تركيا إلى ليبيا للقتال في صفوف الميليشيات المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، التي يرأسها فائز السراج، من المرجح أن يقوض الأمن ويولد ردود فعل عنيفة من الشعب الليبي. كما أعرب عن قلقه إزاء الوجود المتزايد للمرتزقة الروس الذين يقاتلون لصالح خصوم السراج.
وبحسب أجزاء من التقرير نشرتها وسائل إعلام أميركية، فإن تركيا أرسلت إلى ليبيا ما لا يقل عن 5000 مرتزق سوري عملوا بشكل وثيق مع أنقرة في الحرب الأهلية السورية، إذ أُرسلوا لمساعدة الميليشيات المتحالفة مع طرابلس في قتال قوات القائد العسكري المتمركز في الشرق خليفة حفتر. ولفت إلى أن أنقرة نشرت أيضاً مئات عدة من القوات النظامية بما في ذلك المشغلون والفنيون لأنظمة الدفاع الجوي التركية المنتشرة في غرب ليبيا.
سرقة واعتداءات جنسية
وقالت القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، إن التقارير المتزايدة عن السرقة والاعتداءات الجنسية وسوء السلوك من قبل المرتزقة السوريين في المناطق الغربية من ليبيا من المرجح أن تزيد تدهور الوضع الأمني وتولد رد فعل عنيفاً.
ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن عدداً متزايداً من المقاتلين السوريين قد يكون لهم صلات سابقة بالمنظمات الإرهابية، على الرغم من أن العديد منهم يقاتلون على الأرجح في ليبيا لأسباب مالية أو شخصية. وبحسب وكالة الأسوشيتدبرس، وصفت أفريكوم هؤلاء المرتزقة الذين يقاتلون مع حكومة الوفاق، بأنهم “عديمو الخبرة وغير متعلمين ودوافعهم للقتال تأتي بناء على وعود براتب كبير”، وأشارت إلى أن الشركة العسكرية التركية الخاصة “سادات” أشرفت على نقل أجور المرتزقة ودفعها.
ومنذ أواخر أغسطس (أب) الماضي، تواجه حكومة السراج احتجاجات شعبية واسعة في العاصمة ومناطق أخرى في غرب ليبيا، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، والتي ردت عليها ميليشيات طرابلس بفتح النار بالأسلحة واختطاف بعض المتظاهرين.
النفوذ الروسي
وقال التقرير إن هناك قلقاً داخل الجيش الأميركي حيال النفوذ الروسي المتزايد في ليبيا من خلال دعم الجيش الوطني الليبي بمرتزقة روس توظفهم شركة فاغنر الروسية للأمن. وأشار إلى أنه منذ انتشارها الأولي في ليبيا عام 2019، وفرت الشركة طائرات قنص مسيرة، ما أدى إلى “خسائر كبيرة” في صفوف الميليشيات المتحالفة مع طرابلس.
وفي مايو أتهم البنتاغون روسيا بإرسال ما لا يقل عن 14 طائرة حربية إلى قاعدة جوية وسط ليبيا، زاعماً أنها أعيد طلاؤها في سوريا لإخفاء أصلها. لكن موسكو نفت الاتهامات وأصرت على أن “الجيش الروسي لا يشارك في أي عمليات في ليبيا بأي شكل من الأشكال”.
الإرهاب يتمدد في أفريقيا
على الصعيد الأفريقي، ذكر التقرير أنه بدلاً من إبطاء الجماعات الإرهابية، فإن انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، منح العديد منهم فرصاً جديدة للتوسع. وكتب أودونيل أن “الوباء أدى إلى تفاقم العديد من الظروف الأساسية التي تعزز نمو المنظمات المتطرفة العنيفة، بما في ذلك انعدام الأمن الاقتصادي والغذائي”، مشيراً إلى التقييمات التي أجرتها الأمم المتحدة بأنه في بعض المناطق “استفادت هذه الجماعات من الفيروس لتقويض سلطة حكومة الولاية ومواصلة هجماتها”.
التحذيرات حول صعود بارز لتنظيمي القاعدة داعش في أفريقيا ليست جديدة، إذ حذر الجنرال ستيفن تاونسند، قائد القيادة الأميركية في أفريقيا، المشرعين الأميركيين قبل أشهر من أن هذين التنظيمين “في صعود” ويزدادان طموحًا. وقال في مارس (آذار) الماضي، “إذا تمكن داعش من إقامة خلافة جديدة، أو القاعدة، فسوف يفعلان ذلك”. وفي تقرير صدر في يوليو (تموز) الماضي، أفاد المفتش العام في وزارة الدفاع بأن النشاط الإرهابي في أفريقيا “يفوق الجهود الأميركية والأوروبية والأفريقية لمكافحته”.
إحدى المناطق التي تثير القلق هو شرق أفريقيا، حيث يقول المسؤولون العسكريون الأميركيون إن ما يصل إلى 10000 عنصر من حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة ما زالوا يتمتعون بحرية الحركة، ما يمكّنهم من تنفيذ هجمات يصفها تقرير المفتش العام بأنها “على مستويات عالية تاريخياً.” ووجدت البيانات التي تم جمعها بواسطة مشروع “بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح” (ACLED) أن حركة الشباب نفذت 608 هجمات خلال الأشهر الثلاثة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، مقارنة بـ 568 هجوماً خلال الربع الأول.
وأعرب المسؤولون العسكريون الأميركيون عن مخاوفهم بشأن غرب أفريقيا، حيث تمكنت القاعدة والجماعات التابعة لتنظيم داعش من توسيع عملياتها في منطقة الساحل الغربي إلى المناطق الشمالية من دول ساحلية عدة. وقالت القيادة الأميركية في أفريقيا إن كلاً من تنظيمي داعش وبوكو حرام استفادا من انتشار فيروس كورونا، ما تسبب في “دمار” في المجتمعات التي أُجبرت على الحجر الصحي.