بلاد الشام ألف عام من حروب لم ولن تنتهي ..!!* صالح الراشد
النشرة الدولية –
سمعنا عن حرب المئة عام وحرب البسوس وغيرهما من الحروب، بل سمعنا وعشنا الحربين العالميتين اللتين إنتهتا وذهب كل المتخاصمين في طريق، فمنهم من ذهب في طريق الوحدة حتى مع أعداء الأمس والبعض ذهب في طريق الأحلاف التي لا تفكر في الحرب من جديد، ليبرز هنا سؤال يتردد صداه في أصقاع المعمورة ولم يعرف أحدٌ له جواب، لماذا بلاد الشام هي الأكثر معاناة بين دول العالم؟، فلم يكتب التاريخ بأن دول تعيش في حالة حرب منذ أكثر منذ ألف سنة إلا بلاد الشام التي عانت بشكل مستمر من الحملات الصليبية والتتار والأترك والإستعمار الفرنسي والبريطاني الذي نقل إرثه الإستعماري للإستعمار الصهيوني آخر معقل للإستعمار في العالم.
هي بلاد الشام التي قسمتها معاهدة سايكس بيكو إلى أربع دول بعد أن كانت دولة واحدة، ومنذ تقسيمها في مطلع القرن الماضي دخلت في حروب يشيب لها شعر الرأس، وكان أولها الخلاص من الإحتلال التركي لتأتي بريطانيا وتحتل الأردن وفلسطين فيما فرنسا احتلت سوريا ولبنان لضمان تغير الثقافة والإدارة بغية عدم توحيد المنطقة من جديد، ثم جاءت حرب 1948 ولحقتها حرب 1967، وطبعاً ما بينهما حروب متواصلة من المواجهات التي لم تتوقف لتأتي معركة الكرامة في عام 1968، ليتلوها حرب رمضان عام 1973، لتنتقل المواجهة إلى لبنان حيث حرب 1982 والحرب الأهلية وهنا حصلت دول بلاد الشام على راحة جزئية قبل حروب الصهاينة على لبنان وغزة التي إستمرت لمدة عشرين عاماً وحتى الآن، وحالياً لا تزال سوريا تعاني من ويلات الربيع العربي فيما زادت الإنقسامات في لبنان، بدورها فإن فلسطين بشقيها لم تهنأ بيوم واحد من الأمان والحرية، لذا فإن موسم الإستشهاد لم ينتهي في بلاد الشام حتى آخر الزمان بإنتظار الملحمة الكبرى التي ستقام على أرضها وسينزل السيد المسيح فيها وكذلك قيام الساعة سيكون على شواطئها بعد خروج نار آخر الزمان .
بلاد الشام هي أساس الحضارات في العالم وغاية كل المستعمرين في شتى عصور التاريخ، وحتى نكون منصفين فإنها تضم أريحا أقدم مدينة في تاريخ البشرية وأقدم عاصمة في العالم وهي دمشق، كما أنها كانت منبر العلم والمعرفة لذا يتحصن أبناء الشام بإرث تاريخي كبير جعل العديد من أبناء هذه الدول يرتحلون صوب بلاد العالم البعيدة ويثبتون جدارتهم لنجد أن العديد من أبناء هذه الدول أصبحوا رؤساء لدول أخرى، فالسوري كارلوس منعم قاد الأرجنتين لعشر سنوات ، فيما أصبح نجيب بوكيلة الفلسطيني الأصل رئيساً للسلفادور التي حكمها فلسطني آخر هو أنطونيو سقا كما حكم الهندرواس الفلسطيني كارلوس فقوسة ، بدوره تولى اللبناني ميشيل تامر رئاسة البرازيل كما حكم الإكوادور ثلاث رؤساء من اصول لبنانية وهم جوليو ثيودور وعبدالله بو كرم وجميل معوض، كما حكم خوليو سمير الإكوادور بعد ان فاز بالإنتخابات، بدوره حكم اللبناني سلفادور نصرالله جمهورية السلفادور فيما حكم الباراغوي لبناني آخر هو ماريو عبدو بينتيز وتولى اللبناني طارق زيدان منصب نائب رئيس فنزويلا .
ولم يقتصر إبداع ابناء بلاد الشام على تولي المناصب السياسية حيث برزوا في محافل عديدة منها الرياضة ومن أبرزهم في مجال كرة القدم لويس مصري ” تشيلي” كلاوديو حسين وخوليو أسد وداود غزال ولعبوا للأرجنتين وخوليو محمد وفاكادو سافا وماريو زاغالو الذين لعبو للبرازيل ولويس خمينيز ولعب للتشيلي وجميع هؤلاء من أصول فلسطينية، ولعب ميغيل لايون للمكسيك وهو من أصول لبنانية.
كما كان لمواطني بلاد الشام دور كبير في نهضة المنطقة العربية وبالذات الخليج العربي بالتعليم والمعرفة والطب، ولعبوا دورها هاما في تاريخ مصر وفي حرب 1956 وبالذات جول جمال كما قام سليمان الحلبي بقتل الفرنسي كليبر، ولا زالت فرنسا تحتفظ بجمجمة القاتل والمقتول، لتكون بلاد الشام منارة العلم في العصور القديمة والمتوسطة والحديثة، لذا يحاول العالم الغربي تمزيقها وشرذمتها حتى لا تعود دولة واحدة لأن بوحدتها تتوحد آسيا وإفريقيا وتعود هيبة العرب والمسلمين، لذا غرس فيها الخنجر الصهيوني الذي يسعى لتمزيق الأمة بمعاهدات تضمن أفول نجم العرب وهيبتهم وسطوع نجمة داود لتسيطر على المنطقة، ولم تنتهي أو تتوقف الحروب حيث يتوقع أن نشهد حرب جديدة على شواطيء بلاد الشام التي أصبحت كنز العالم.