هواة الصيد الجائر في لبنان يتباهون بقنص الطيور المهاجرة… يعتبره الناشطون البيئيون جريمة
النشرة الدولية –
انتشرت في الآونة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات نشرها بعض الصيادين اللبنانيين المتباهين بأعداد الطيور التي أطلقوا النار عليها وأردوها، والتي كان أغلبها من اللقلق وحوام العسل الأوروبي إذ أنها عادة ما تكون أولى الطيور العابرة.
ما يعتبره هؤلاء الصيادون احتفالا، يعتبره الناشطون البيئيون جريمة، لذلك أطلقوا صيحة استنفار طالبوا خلالها الأجهزة الأمنية بالتحرك وتطبيق القانون بحق كل مخالف.
منذ أيام، تولى أحد الناشطين في مجموعة “درب عكار” نقل أحد صقور حوام النحل كان قد عثر عليه مصابا بجناحه في أعالي بلدة عكار العتيقة، وتسليمه إلى مركز معالجة وتأهيل الطيور للاهتمام به ومعالجته.
عبدالهادي صعب من مجموعة “درب عكار”، أشار إلى أن “محافظة عكار تضم أحد أهم ممرات الطيور المهاجرة في لبنان، فبسبب موقعها الجغرافي على خط الهجرة الأساسي تلزم أسراب الطيور المهاجرة بأنواعها المختلفة بالمرور عبرها، والاستراحة أيضا في بيئاتها المتنوعة بما يتناسب مع كل نوع”.
وقال “بعض أنواع الطيور المائية تفضل الهجرة على خط الساحل العكاري حيث المصادر المائية متوفرة، بينما بعضها الآخر يفضل سلوك الممرات الداخلية الجبلية بما تحويه من غابات تشكل استراحة لها خلال هجرتها الطويلة من أوروبا إلى أفريقيا وبالعكس”.
وأكد صعب على “ضرورة حماية هذه الطيور عبر تأمين خطوط الهجرة الأساسية، والخطوة الأولى يمكن أن تتضمن دراسات تحدد مواقع خطوط الهجرة الأساسية ومناطق استراحة الطيور المهاجرة ليتم التركيز على حمايتها من الصيد الجائر وأي عامل آخر قد يؤثر على حركة الهجرة هذه، كقطع الأشجار مثلا أو التلوث الصوتي، وقد تعلن هذه المناطق محمية أو تكلف الوزارات المعنية أو البلديات حمايتها بشكل دائم”.
ميشال صوان أحد المشرفين على مركز إنقاذ ومعالجة وتأهيل الطيور الجارحة، قال “لقد أُنشئ المركز على أرض يملكها المربي فادي حبيب عام 2008، والذي يولي من وقته اهتماما كبيرا بالطيور وإطعامها، وأنا أتولى عملية نقلها إلى المركز ومعالجتها”.
ولفت الدكتور صوان إلى أن “لبنان يشهد موسمي هجرة للطيور في فصلي الخريف والربيع، وهو يحتل أحد أهم خطوط الهجرة في العالم، ثاني أكبر خط هجرة للطيور بالعالم، لأنه يجمع طيور أوروبا بمجملها بممر فوق لبنان لتتوزع إلى أفريقيا”.
وأضاف “أحد أبرز هذه الخطوط يمتد ربيعا على الساحل وخريفا في المناطق الجبلية، فالطيور الجارحة تبدأ في فصل الصيف، من منتصف أغسطس، مع حوام العسل الأوروبي، ومعه تعبر طيور مرزة المستنقعات وقليل من نسور الحيات، وتتصاعد حتى 15 سبتمبر حيث تبدأ النسور تعبر مثل النسر المرقط الصغير، والنسر المرقط الكبير، ونسور البادية، مع مرور مستمر لحوام العسل الأوروبي”.
وتابع “ما بين 26 و30 سيتمبر، تعتبر أيام الحد الأقصى للعبور، وابتداء من أول أكتوبر تبدأ مرحلة عبور النسور الكبيرة كالنسر الأسود، والنسر المرقط الكبير ونسر السمك صاحب الذيل الأبيض الذي لوحظ عبوره للمرة الثانية فوق لبنان والنسر الغريفوني الأوراسي”.
وقال صوان “نستقبل في مركزنا كل الطيور الجارحة التي تتعرض للاعتداء بإطلاق النار عليها أثناء عبورها، إضافة إلى طيور اللقلق، والبجع لكن استضافتها مكلفة، فكل يوم تستهلك كل منها 5 كيلوغرامات من لحوم الدجاج وتحتاج إلى بركة مياه. كما أن الطيور التي تتم معالجتها والتأكد من سلامتها يعاد إطلاقها من جديد. ومهمة المركز إعادة اللياقة البدنية التي تحتاجها الطيور الجارحة للبقاء كونها طيورا سريعة وصيادة”.
وأضاف “القسم الأكبر من الطيور الموجودة لدينا تعاني إعاقات جسدية، فبعضها فقد نظره ونطمعه يوميا باليد، وبعضه معطوب الأجنحة ومنها من لم ينبت على أجنحتها الريش مجددا. وبعض الطيور التي باتت صحيحة لا نستطيع إطلاقها لأنها بحاجة للهبوط من أجل الاقتيات على الجيف في البرية، وعندما تحط للأسف، تتعرض لإطلاق النار من جديد، ولهذا نبقيها في المركز. هناك مشكلة كبيرة تتمثل بالصيد العشوائي غير الذي يمكن السيطرة عليه، وإمكانية تسفيرها للخارج عملية مكلفة جدا. لذا نبقي الطيور المعاقة في المركز، وهي تفد من مناطق عدة مثل البقاع والجنوب وعكار وزغرتا وطرابلس”.
وتابع “تقع كلفة استضافة الطيور ومعالجتها وإطعامها على نفقة المركز، وأحيانا نتلقى مساعدة بسيطة من السفارة البولندية، ومساعدات زهيدة جدا من بعض الجمعيات. كما أننا نعاني أحيانا، من صعوبة في تأمين الطعام، إذ غالبا ما نطعم هذه الطيور الجارحة الدجاج، ما عدا النسر الأسود الكبير (فتحة جناحيه بحدود الـ4 أمتار) والنسر الذهبي ونسر السمك التي تأكل اللحوم، كما أن الأسعار مرتفعة للغاية”.
وأردف “لدينا رغبة دائمة في توسيع حركة عملنا إلا أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة تعيقنا جدا، ونحن عاجزون عن إنشاء أقفاص كبيرة لاستضافة الطيور الكبيرة ومعالجتها، كما أننا نعاني من صعوبة كبيرة في تأمين طبليات الخشب كقاعدة لتحط عليها هذه الطيور الكبيرة حرصا على مخالبها”.
وختم “أما الطيور التي تنفق لدينا، فنقوم بتصبيرها للاستفادة منها في المحاضرات التوعوية العلمية التي نقوم بها، ولإجراء فحوصات الحمض النووي عليها خدمة للأبحاث العلمية والدراسات الخاصة بهذه الطيور”.