خريطة أحلام تركيا التوسعية في بحر إيجة و”المتوسط”
النشرة الدولية –
في الوقت الذي يؤكّد فيه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عدم وجود مطامع توسعية لدى أنقرة في المنطقة، تستمر بلاده في محاولة التمدد والسيطرة براً وبحراً على حد سواء، لاسيما في الآونة الأخيرة بعدما تزايدت الانتهاكات التركية للمياه الإقليمية المجاورة، تنفيذاً لمخطط “الوطن الأزرق” (Mavi Vatan) بالتركية.
ويقصد بهذا المصطلح، الهيمنة على المنطقة الاقتصادية الخالصة، المياه الإقليمية المجاورة، والجرف القاري، أي شرق المتوسط، البحر الأسود، وبحر إيجة، ما يسمح لها استخدام كافة الموارد البحرية بحرية أكبر. ويعتبر اللواء المتقاعد، جيم غوردنيز، أول من استخدام عبارة “الوطن الأزرق”، رئيس الوحدة المسؤولة عن خطط وسياسات تركيا البحرية عام 2006.
ويضع أردوغان هذا المخطط في قائمة أولويات سياساته الخارجية، ما ينعكس على التنقيب عن الغاز، إرسال سفن حربية، فضلأً عن خطابات متشددة بخصوص السيطرة على مساحات مائية تابعة للاتحاد الأوروبي.
من جهته، كشف اللواء المتقاعد، في حديث لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، أنّ هدف الوطن الأزرق الوصول إلى منطقة عازلة واسعة تبلغ ما يقارب 180 ألف ميل مربع من البحر، تمتد إلى ما وراء الجزر اليونانية قبالة الساحل الغربي لتركيا.
وشدد غوردنيز على أنّه “لا يمكن إهمال البحار مرة أخرى، لا يمكن إبعادنا عن الجغرافيا السياسية للبحر الأبيض المتوسط ، وحضارة البحر الأبيض المتوسط”، متسائلاً حول كيفية “مقاومة الأعداء الذين يريدون أن يروا تركيا غير ساحلية”.
ووفقًا لسينم أدار، باحث في مركز دراسات تركيا التطبيقية في برلين، أنّ “مفهوم الوطن الأزرق لم ينطلق إلا بعد محاولة الانقلاب ضد حكومة أردوغان عام 2016، إذ عمد الأخير إلى تشكيل تحالفاً سياسياً مع القوميين وشرع في سياسة خارجية أكثر عدوانية شهدت انخراط القوات المسلحة التركية في النزاعات من شمال العراق إلى ليبيا”، بحسب الصحيفة أيضاً.
وقال إنّ “أنقرة خلصت بعد محاولة الانقلاب إلى أن البلاد مهددة، ولا يمكننا الوثوق بشركائنا الغربيين، علينا أن نساعد أنفسنا”.
وأشار أدار إلى أنّ “الخلاف بين القادة الأتراك حول ما إذا كان يجب التأكيد على الدبلوماسية مع اليونان أو الاستمرار في الاعتماد على القوة العسكرية”، مضيفاً أنّ “نقطة خلاف أخرى هي علاقة تركيا بمصر، إذ يجادل البعض، بما في ذلك غوردنيز، بأنه يجب على تركيا إصلاح العلاقات مع الحكومة المصرية المدعومة من الجيش، والتي تعتبر خصمًا في الأزمة الحالية”.
وفي الأشهر الماضية، تسببت سفينة أبحاث تركية توترات عسكرية مع اليونان، بعدما كانت تستكشف رواسب النفط والغاز في المياه المتنازع عليها بينما ترافقها سفن البحرية التركية، فضلاً عن اصطدام سفن تابعة للبحرية اليونانية والتركية في منتصف أغسطس الماضي، ما زاد المخاوف من اندلاع حريق أوسع.
وأدى الصراع إلى تقسيم المنطقة إلى معسكرات متناحرة، ووضع تركيا وليبيا في مواجهة تحالف تقوده اليونان وقبرص والإمارات العربية المتحدة ومصر. وقفت فرنسا إلى جانب اليونان، وتجد الولايات المتحدة نفسها عالقة بين حلفائها في حلف الشمال الأطلسي (الناتو).
أما مصر، فوقعت مع اليونان اتفاق ترسيم حدود، أغسطس، وهو الأمر الذي تعتبره أنقرة حصاراً قانونياً يحدّ من قدراتها التوسعية، ما دفعها إلى عرض اتفاقية اختصاص بحري، بحسب ما نقلته صحيفة “ديلي صباح”، الأسبوع الماضي، عن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو.
ويأتي الاتفاق البحري الذي أبرمته تركيا مع إحدى الحكومتين المتحاربين في ليبيا العام الماضي، والتي تسعى من خلاله إلى توسيع نطاق السلطة القضائية التركية في منطقة البحر الأبيض المتوسط جنوب جزيرة كريت، دلالة واضحة على أثر هذا المخطط في السياسات الخارجية والعسكرية لأنقرة، وفقاً للصحيفة الأميركية.
بدوره، وصف رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، اتفاق تركيا مع ليبيا بأنه “غير قانوني”، مستشهداً بسلسلة من الإجراءات “الاستفزازية” التي قام بها أردوغان، بما في ذلك التنقيب عن النفط والغاز في المياه المتنازع عليها.
وفي سياق متصل، بدأ مفهوم “الوطن الأزرق” بالانتشار بين المجتمع التركي، إذ دخل في بعض الإعلانات الترويجية، بالرغم من أنّ غالبية الشعب التركي يعارض الصراع العسكري في شرق البحر المتوسط، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته، مؤخراً، مجموعة الأبحاث التركية “Metropoll “.