انهار السد.. أمير الدبلوماسية في ذمة الله والأمة تبكيه!* صالح الراشد

النشرة الدولية –

انهار سد الأمة في وقت لا يوجد عربي إلا ويحتاج حكمته.. انهار السد فيما القضايا والمشاكل كقطع الليل تتدفق على الأمة ولا تجد من يوقفها.. انهار السد وانتقل أمير الكويت الشيخ، صباح الأحمد الصباح، إلى الرفيق الأعلى، وهو الذي كان يحتوي كل الصراعات الأخوية، وينتصر فيها للحق ويحمي الضيعف من القوي.. انهار السد بعد أن تصدى لكل المصائب والمصاعب، ليتصدع من داخله وهو يشاهد الأمة تنزف دماً وتتمزق وتخرج عن رشدها وتصاب بنجون تنفيذ الأوامر حتى غدا الأشقاء أعداء.. انهار السد الذي وقف عظيماً شامخاً في وجه الإمتداد الصهيوني في منطقة الخليج، لتصبح الأمة والخليج على وجه التحديد كمن فقد أباه وشيخه ومعلمه.. انهار السد ومعه ارتعب أشراف الأمة من قادم الايام بعد وفاة شيخ الدبلوماسية العربية القادر على إمساك العصا من المنتصف، والقادر على وضع الأمور في نصابها الصحيح.

الخبر لم يكن مفاجئاً لكنه نزل كالصاعقة على أمة تبحث عن شخص قادر على إيجاد الحلول للقضايا ويقف في وجه الظلم، الخبر كان صعباً رغم معرفة الجميع بمرضه، وصعوبة الأمر أنه تعامل بمنتهي العقلانية مع قضايا الأمة وفي مقدمتها حصار قطر، وموقفه الثابت الواضح من القضية الفلسطينية وهذه مواقف أجبرت الكثيرين على عدم تجاوز حدود الأخوة العربية، بل إن الكثير من خبراء الأمة يُجزمون أن تراجع حالته الصحية فتح الباب أمام الراغبين في التطبيع مع الكيان الصهيوني،  كون هذا الأمر لم يكن ليحصل لو أن الرجل الحكيم في كامل صحته، كما حاول جاهداً دفع الأمور في ليبيا صوب الحوار، لكن الراغبات الجارفة عند البعض واستقوائهم على العرب بالعرب أوقف مخططاته لإنهاء الصراع، وكان داعماً واضحاً للشعب السوري في قضاياه الوطنية، ورغم جميع هذه القضايا وقيام البعض بتلويث يديه بالدم العربي إلا أنه رفض أن تتلوث يد كويتي واحد بالدم العربي المُحرم.

انهار سد الأمة ولن تجد من ينظم روافدها ويقف كالأسد دفاعاً عن قضاياها، فالكويت كانت تستمد حكمة المواقف من فكر الأمير الراشد، وهذه الافكار انعكست على أبناء الكويت لتكون مواقفهم عظيمة ترفع الرأس العربي، فالتجارة السياسية ليست في دمائهم كون دمائهم مليئة بالإنسانية بقوة فعل قائد العمل الإنساني العالمي الشيخ صباح الأحمد الصباح، وزرع في الكويت الإصلاح ومنح المرأة حقوقها وكرس حرية التعبير حتى غدت نهج حياة، لتصبح الكويت واحة الحرية والديموقراطية في منطقة الشرق الأوسط وأصبحت مضرباً للمثل في مواقفها التي تعبر عن صدق الإنتماء.

هذه هي الكويت في عصر أميرها، وهذا الوطن العربي في عهد صاحب الرؤيا المستقبلية الذي ساهم في حماية الأمة، وبغيابه سيردد عقلاء الأمة في قادم الايام حين تدلهم الخطوب وهي كثيرة وتحيط بالأمة كإحاطة السوار بالمعصم:

سَيَذْكُرُني قومي إذا جَدَّ جِدُّهُمْ،

وفي اللّيلةِ الظَّلْماءِ يُفْتَقَدُ البَدْرُ

رحم الله أمير الإنسانية والدبلوماسية والإخاء والمحبة والسند العربي العربي، رحم الله الشيخ صباح الأحمد الصباح وأسكنه فسيح جنانه، متمنين للكويت أن تبقى على العهد بقيادة التوافق العربي، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى