الولايات المتحدة تدخل على خط منتدى غاز شرق المتوسط… جبهة منظمة تستثني تركيا وسوريا ولبنان للسيطرة على أسواق الغاز

النشرة الدولية –

حضر منتدى غاز شرق المتوسط في محادثات رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي يزور اليونان لخفض التوتر المستجد مع تركيا، على خلفية النزاع حول التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط ولإعادة إحياء المحادثات الاستراتيجية الأميركية اليونانية في شأن الطاقة، بحسب تقرير للزميلة، جيسي طراد، نُشر على موقع “اندبندنت عربية”.

ومنتدى غاز شرق المتوسط الذي انطلق رسمياً في 22  سيبتمبر (أيلول) كمنظمة إقليمية، يضم سبع دول هي: مصر والأردن وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا وفلسطين.

وأعلن تأسيسه في يناير (كانون الثاني) 2019 بهدف تأمين حاجات الأعضاء من الطاقة وفتح أسواق جديدة والتعاون في استعمال وإنشاء البنى التحتية الضرورية بما يضمن الاستثمار الأفضل لموارد الغاز. ويشكّل التكتل الجديد منظمة قد تكون مشابهة لمنظمة “أوبك”، خصوصاً لجهة تنظيم قطاع الغاز.

وأبعد من الأهداف المكتوبة، يبرز واقع عدم انضمام تركيا وسوريا ولبنان إلى المنتدى، على الرغم من كون الدول الثلاث معنية بالغاز المتوسطي.

اليونان اللاعب الأبرز متوسطياً في مواجهة التصعيد

أسفت السفارة اليونانية في بيروت، وبتصريحات خاصة لـ”اندبندنت عربية” للأعمال العدائية المستفزة وغير القانونية التي تمارسها تركيا في شرق المتوسط، تحديداً في المياه الاقتصادية الخالصة لدولة قبرص، إضافة إلى الأعمال التي تشكّل تحدياً للسيادة اليونانية.

وأكدت اليونان أنها تسعى إلى أن تكون موارد الطاقة، التي شهدت سابقاً نزاعات، محفّزاً للسلام والتعاون.

لذلك، وإن كان المنتدى جبهة وتكتلاً متضامناً، إلا أنه يفتح أبوابه لأي دولة راغبة في الانضمام طالما تتشارك مع الدول السبع المبادئ الأساسية له.

وعبّرت جهات رسمية يونانية لـ”اندبندنت عربية” أن من أهم أهدافها جعل اليونان مركزاً رئيساً في المنطقة وبوابة لقطاع الطاقة.

وبيّنت أن العمل على إطلاق المنتدى رسمياً استمر عامين، وهو الأول في المنطقة الذي يجمع بين المنتجين والمستهلكين. وأكدت السفارة اليونانية أن أهداف المنظمة هي إرساء الاستقرار والازدهار في شرق المتوسط.

الولايات المتحدة حاضرة بقوة نفطياً عبر اليونان

سيطرت الطاقة على الاجتماع الأميركي اليوناني من خلال اتفاق لمراجعة الشراكة الاستراتيجية في الطاقة والأمن القائمة بين دول 3+ 1 (أي اليونان وقبرص وإسرائيل، زائد الولايات المتحدة)، وذلك في حوار رفيع المستوى أعلن عن تنظيمه في واشنطن عام 2021.

وأكد الجانب الأميركي عبر تصريحات بومبيو ترحيبه بإطلاق منتدى غاز شرق المتوسط ودعمه لاستكمال القسم اليوناني من خط الأنابيب عبر البحر الأدرياتيكي، ومناقشة الدعم المتبادل للربط بين اليونان وبلغاريا، ومشروع الكساندروبوليس لإعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال إلى غاز، وخصخصة مرفق تخزين الغاز تحت الأرض في كافالا ومشروع الربط بين اليونان ومقدونيا الشمالية.

وشدد بومبيو على الشراكة اليونانية الأميركية عبر إكسون موبيل مع توتال وهيلينك بتروليوم في التنقيب البحري في جزيرة كريت، إضافة إلى إمكانية الاستثمار الأميركي في قطاع الطاقة المتجددة.

سباق للسيطرة على أسواق الغاز

تعمل دول حوض المتوسط، لا سيما اليونان وإسرائيل وقبرص، على بناء أنبوب لنقل الغاز East med pipeline منذ الأعوام 2011- 2018، بحسب لوري هايتايان، مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وترى هايتايان في إنشاء المنتدى سباقاً للسيطرة على قنوات التوزيع والأسواق المحتملة في حوض غني باحتياطيات الغاز.

فدول المنتدى السبع تبحث عن حشد الجهود بما يؤمن المصلحة القصوى للأعضاء، فيما قد تختلف الاهتمامات.

إسرائيل ترحب

رحبت تل أبيب بإطلاق منتدى غاز المتوسط، واعتبرت وزارة الطاقة الإسرائيلية أنه يساعد على إحلال التعاون في العلاقات في المنطقة، وأنه سيسهم في تطوير قطاع الغاز في إسرائيل وصادرات الغاز إلى جيرانها وأوروبا ومناطق أخرى.

فالمشكلة في إسرائيل، بحسب هايتايان، بدأت مع بدء استخراج الغاز من حقل تمار عام  2013، إذ لم تجد إلا سوقها الداخلية، في ظل سعي لفتح أسواق جديدة تترافق مع الكميات الكبيرة المكتشفة في حقول جديدة، ككاريش وغيرها. من هنا، تبرز أهمية إنشاء المنتدى لإيجاد أسواق خارجية، خصوصاً أوروبية، إضافة إلى خفض قيمة الاستثمارات والكلفة الإجمالية للنقل عبر تقاسم المخاطر.

وتشير هايتايان إلى أن إسرائيل تتجه إلى فرض استعمال السيارات العاملة على الغاز في حلول عام 2030.

الأردن

يبرز الأردن كلاعب استراتيجي، على الرغم من عدم امتلاكه احتياطي للغاز، خصوصاً من خلال سياساته المنفتحة مع إسرائيل ومصر.

ويطرح الأردن رؤية مشتركة لإنتاج الكهرباء ونقلها، إذ تشكّل عمان مركزاً أساسياً للإنتاج، فيما يتم توزيع الفائض  عبر شبكات مشتركة إلى دول الجوار.

فلسطين 

انضمت فلسطين إلى المنتدى الذي يمثّل فرصة لإعادة إطلاق العمل في مياهها الإقليمية. فأول اكتشافات الغاز تمت عام 2000 فيGAZA Marine  من دون اتفاقية لتطوير الحقل.

غياب تركيا وسوريا ولبنان عن المنتدى

تعتمد تركيا في وارداتها من الغاز على روسيا وأذربيجان وإيران، وتختلف بالعمق على مبدأ ترسيم الحدود مع قبرص واليونان، ما يبرّر عدم اهتمامها بمنتدى شرق المتوسط.

فالمصالح التركية ترجمت توترات كبيرة استدعت تدخل الجانب الأميركي للتهدئة وإبعاد فرضية النزاع المسلح.

وهنا، يرى الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة والبيئة القابضة رودي بارودي أن التدخل الأميركي المستجد على خط الأزمة ضروري، خصوصاً أن تركيا واليونان عضوان في حلف شمال الأطلسي.

ويتوقع بارودي أن ينجح بومبيو في حل النزاع عبر تطبيق القوانين الدولية واتفاقية الأمم المتحدة للبحار لترسيم الحدود والجزر والمناطق الاقتصادية الخاصة، ما يصب في مصلحة الطرفين.

لبنان خارج الخريطة الغازية

تقع المناطق الغنية بالغاز في إسرائيل وقبرص ولبنان، في مياه عميقة ترتفع فيها كلفة الاستخراج، ما يجعل غاز المتوسط أقل جاذبية وتنافسية بالمقارنة مع الغاز الروسي، خصوصاً في ظل قدرة شركة غازبروم الروسية العملاقة على التسعير والإنتاج وامتلاكها بنى تحتية متطورة.

واقع استدركته الدول السبع عبر إنشاء المنتدى لامتلاك قدرة على المنافسة في الأسواق الداخلية والأوروبية. أما لبنان الذي رفض الانضمام إلى المنتدى بسبب وجود إسرائيل فيه، فسيصبح خارج المنظومة الغازية، لا بل سيصبح معزولاً ومن الصعب تسويق نفطه خارجياً، وفق هايتايان، التي تتخوّف من أن تطالب الشركات المنقّبة عن الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية باستعمال البنى التحتية المشتركة لدول المنتدى كون إنشاء محطات لتسييل الغازLNG  مكلفة جداً، ما من شأنه أن يحدّ من المشاركة الدولية في دورات التراخيص المقبلة التي قد يطرحها لبنان.

احتياطيات الغاز الأكبر في شرق المتوسط

تشير تقديرات دولية إلى أن احتياطيات منطقة شرق المتوسط تصل إلى نحو 122 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، فيما أهم الحقول وأكبرها هي:

– حقل ظهر: أكبر حقول الغاز في شمال الساحل المصري، اكتشفته شركة إيني الإيطالية عام 2015. وتقدّر احتياطيات الغاز فيه بنحو 30 تريليون قدم مكعبة.

– حقل تمار: يقع مقابل سواحل سوريا ولبنان وقبرص والأراضي الفلسطينية ومصر، على بعد 80 كيلومتراً غرب حيفا، ويحتوي على احتياطي من الغاز يبلغ 10 تريليونات قدم مكعبة.

– حقل ليفياثان الذي تستخرج منه إسرائيل الغاز الطبيعي، ويقع على قرابة 130 كلم غرب حيفا، ويحتوي على احتياطي من الغاز يبلغ قرابة 17 تريليون قدم مكعبة.

– حقل تانين التي تشير التقديرات إلى وجود احتياطي من الغاز فيه يبلغ 1.2 تريليون قدم مكعبة.

– حقل أفروديت الواقع في المياه الإقليمية القبرصية، ويحتوي على احتياطي من الغاز يبلغ نحو 8 تريليونات قدم مكعبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى