الدول العرجاء لا تنهض بشعبها..!!* صالح الراشد
النشرة الدولية –
سقطت العديد من دول العالم لأنها قامت على ساق واحدة وعطلت الساق الأخرى أي “عرجاء”، وبالتالي فشلت في النهضة العمراينة والسكانية والإقتصادية كونها أغفلت بقية فئات المجتمع، وحولتهم إلى جزء مهمش وبالذات في الحياة السياسية، لنجد أن التاريخ حافل بالعديد من حالات السقوط، فالدول التي قامت على النبلاء لم تكمل وجودها كون غالبية الشعب كانوا مجرد رقم، والأرقام الهامشية لا تقدم ولا تؤخر وبالذات إذا لم يكن لها رأي ومشوره، مع العلم ان الغالبية العظمى تتكون من الصامتين والمهمشين، ومن بين هؤلاء من يملكون الخبرات التي تتفوق على خبرات الذين يديرون البلاد، وفي هذه الدول لا يكون الإختيار حسب الكفاءة والخبرة بل حسب نظام إدارة الدولة.
وتنبهت الدولة العباسية لهذا الأمر مبكراً حين أصبح الحكم تحت سيطرة البرامكة ، الذين تخلص منهم هارون الرشيد لحماية الدولية، ولجعل الدولة العباسية مملكة للجميع وليس لمجموعات إقطاعية، وسارت أوروبا على الدرب الخاطيء حين جعلت الدولة بيد عدد محدود من المقربين فخرج “الأسطورة” روبن هود للدفاع عن حقوق الشعب، ولم تتعلم هذه الدول حيث قامت بوضع الحكم بيد مجموعات محددة على أسس عقائدية لتسقط من جديد، وفي العصر الحديث سقطت ألمانيا حين كان النازيون هم قادة المجتمع ويتولون جميع مناصب الدولة وكذلك أسقطت الفاشية إيطاليا، ولم تتعلم روسيا من الدروس السابقة فجعلت المناصب حكراً على أعضاء الحزب الشيوعي، وكذلك فعلت العراق وسوريا اللتين منحتا المناصب للبعثيين فقط، وفي مصر كانت القيادة لأعضاء الحزب الوطني الديموقراطي، وفي لبنان تقاسمت الأحزاب والأحزاب فقط المناصب، وبالتالي فقد أصاب هذه الدول مرحلة من الهبوط السريع والتغيرات المريعة، كون غالبية الشعب وبالذات المفكرون مستبعدون.
ولم تتعلم العديد من الدول العربية من الخطيئة الكبرى بالسير بدولة عرجاء للنهضة، فاليمن تحتكر المناصب لسكان اليمن الشمالي فيما الجنوبي يقبع في الظل، وكذلك الأمر في فلسطين حيث المناصب لأهل الضفة فيما سكان غزة يعانون، وهناك نوع أقسى من العرج كونه قائم على الإستبعاد حسب المذهب الديني وهذا قد يوصل البلاد إلى مرحلة الشلل، ففي إيران والعراق أصبح من النادر أن تجد مسؤولاً في مركز مهم من اصحاب المذهب السني، وهذا أمر يحصل في دول الخليج التي تمنح الأولوية لاتباع المذهب السني على الرغم من أن الجميع في تلك الدول يحملون جنسية الدولة، لكن يبدو أن الجنسية لا تمنح المواطن حقوقه كاملة، حيث تقتصر على آداء الحقوق والواجبات فيما المكتسبات تذهب للغير.
لقد تعلمت الدول الأوروبية الدرس وتعاملت مع إدارة البلاد بكل حرفية بحيث أصبح الأفضل هم من يتولون المناصب وليس أتباع الحزب الحاكم، فهناك أدركوا معنى أن الوطن للجميع، فتقاسمت المعارضة والحكومة مناصب الدولة من وزراء وسفراء ومدراء ومخططين، فيما كانت الأولوية في الجامعات والوظائف الحكومية للأفضل والأجدر، وبالتالي إعتدل الميزان وسارت الدول بقوة صوب النهضة والعمران، فيما من يسيرون على سياسة الساق الواحدة لا زالوا مكانهم يبحثون عن حلول لقضاياهم فلا يجدونها لأنهم لم يختاروا الأفضل، وبالتالي سيدفع الجميع ثمن تجارة الجهل والتعصب.