عندما قال بن غوريون “أغلب اليهود لصوص”* حافظ البرغوثي
النشرة الدولية –
يتراقص يهود متدينون على إيقاع موسيقى رقصة الدحية الشعبية الفلسطينية دون انتظام في صفين متقابلين كما هي في الأصل، ولكنهم ينطقون بلغتهم أثناء الرقصة البدوية الفلسطينية في أحدث سطو قام به اليهود من تراث الشعب الفلسطيني. وقد تزامن هذا السطو مع صدور كتاب لمؤرخ إسرائيلي حول عمليات نهب وسرقة ممتلكات البيوت العربية في سنة 1948 والتي شاركت فيها قوات العصابات الصهيونية والنساء والمسنون، فالكل بعد تهجير العرب من مدنهم وقراهم نقلوا موجوداتها إلى منازلهم، ولم يتركوا شيئا في المنازل التي احتلوها وأقاموا فيها بدلا من سكانها المهجرين.
ومنذ بداية الكيان الإسرائيلي عمدت حكومة إسرائيل إلى تهويد أسماء القرى والمدن العربية، سواء بدءًا من المدن والقرى وصولا إلى الجبال والينابيع والسهول والأنهار باختلاق أسماء جديدة أو بتحريف الأسماء العربية. ومثلما فرض الإسرائيليون على كل يهودي مهاجر التخلص من اسمه عند وصوله واختيار اسم يهودي جديد فإنهم عمدوا إلى تغيير أسماء الأماكن في فلسطين ، في محاولة لخلق مسميات جديدة على الأرض تمحو الأصل. كما أنهم بعد احتلال الضفة والجولان عمدوا إلى تغيير الأسماء أيضا وسرقوا أسماء القرى لإطلاقها على أي مستوطنة قريبة منها. ولا أبعد كثيرًا حيث يمكن لأي فلسطيني أن يرى التزوير أينما تلفت بناظريه من حوله، فعلى مقربة من مكان قريتي كان هناك حرج شجري زرع في مطلع الخمسينات وأقام الاحتلال فيه مستوطنة بعد سنة 67 فغير اسم الحرج أو الغابة من حرج النبي صالح نسبة إلى القرية المجاورة إلى نيفي تسوف، ولا أعلم نبيًا بهذا الاسم، وهناك على مقربة منه نبع عين ريا فتم تحويله إلى اسم عبري. وقد درج جنود الاحتلال على سرقة المال والذهب عند مداهمة منازل الفلسطينيين منذ احتلال الضفة وغزة، بهدف اعتقال أحدهم أو أثناء تفتيشها بحجج أمنية، ونادرا ما يتم اتهام الجنود لأنهم يغطون على بعضهم. وتنتشر في أرجاء الضفة لافتات تشير إلى المستوطنات الجديدة المستوحاة من القرى العربية في الأغلب، لكن الإحتلال أطلق على مناطق الضفة أسماء جديدة وفقا لتقسيماته المناطقية. فسرقة الأسماء بديهية بعد سرقة الأرض والتراث والمطبخ والملابس الشعبية والتطريز. وقد اعترف مؤرخون وأثريون جدد من الإسرائيليين بتزوير التاريخ والآثار، لعل أهمها ثلاثية البروفسور شلومو ساند، وهي ثلاثة كتب عن اختراع شعب واختراع أرض واختراع عرق، وكان أقدم المؤرخين الجدد وهو بيني موريس الذي انحاز مؤخرًا إلى أقصى اليمين إعترف بأن والده تولى مهمة تزوير أسماء القرى الفلسطينية لاستبدالها.
بقي هناك وكلنا كفلسطينيين نعرف السلب والنهب الذي تعرضت له القرى والمدن الفلسطينية بعد حرب 48 لكن أن يعترف مؤرخ يهودي بذلك فهو الجديد في الأمر، حيث أصدر المؤرخ آدم راز كتابًا إسمه “سرقة الممتلكات العربية في حرب الاستقلال” وقال إن السلطات الإسرائيلية أغمضت عيونها، وبهذا شجعت السرقة، رغم كل الإدانات والنفاق وعدد من المحاكمات المحكة، وباتت السرقة هدفًا وطنيًا لاستكمال عملية العرب والاهتمام بألا يخطر ببال الـ 700 ألف فلسطيني الذين تم طردهم، عودة التطهير العرقي بشكل سريع لمعظم البلاد من أبنائها إلى بيوتهم،حتى قبل أن تستكمل إسرائيل هدم معظم البيوت ومحو أكثر من 400 قرية عن وجه الأرض، وجاءت هذه السرقة الجماعية لتفريغها حتى لا يكون للاجئين أي سبب للعودة. لم يكن السارقون مدفوعين فقط بالطمع القبيح بممتلكات مسروقة بعد الحرب، ممتلكات من كان عدد منهم جيرانهم في الأمس، وليس فقط بالجشع والسعي إلى الثراء السهل بسرقة الأدوات المنزلية وزخارفها الثمينة، بل خدموا – عن قصد أو غير قصد – مشروع التطهير العرقي الذي حاولت إسرائيل عبثًا نفيه طوال الوقت من، حتى أن بن غوريون الذي تزعم سرقة الأرض اشتكى في جلسة لحزبه من أن أغلب اليهود لصوص وهذا القول يشير إلى أن عمليات سرقة محتويات المنازل العربية كانت ظاهرة عامة. ولم تسلم المصانع والمساجد والكنائس من النهب وبرر بعض البهود السرقة بأنها إنتقام من المحرقة النازية، فما علاقة النهب النازي بالعرب؟!.