إلاّ رسول الله …، نعم ولكن كَيف ؟!* د. سمير محمد ايوب

النشرة الدولية –

 

إضاءة لا بد أن تقال ….

ألإساءاتُ الشَّرِسةُ، والتشويهاتُ المُتَثائِبة، ضد الإيمانِ والمؤمنين وبيوتِ الله، وآخرُها ما حصل في فرنسا ضد الإسلام والمسلمين، وقبلَها ما حصل ضد المسيحية والمسيحيين في العراق وسوريا وسيريلانكا، وضد المسلمين في بورما ونيوزيلاندا، هي إساءاتٌ ليست الأولى ، ولن تكون الأخيرة في نوعها وتنويعاتها. إنَّها عناقيدٌ في مساقاتٍ مشبوهةٍ، ليست منعزلةً عن تواطئٍ سياسيٍّ متآمرٍ، ولا بعيدة عن الاعيب التقاسمٍ لمصالح متحركة. تتعمد بتوتير العلاقات بين الناس، وتأجيج التغاضب العنصري بينهم، إلهائَهم وإشغالَهم بتبادل غاراتِ الانتقام المُستَفِزِّ، ورفعِ أسقف التطرف في دهاليزه البدائية .

وأنا أُسَلِّمُ سلَفا، بحقِّ كلِّ مؤمنٍ يُهانُ دينُه أو رموزُه ، أنْ يغضَبَ لكرامَتِه وأشارِكُ بقوة في هذا الغضب ، أتمنى على كلِّ المؤمنين برسالات ربهم ، المُحبَّين لأنبيائِهم ورُسلِهم ومعابدهم ، ويريدون الانتصارَ لحقوقهم، أن يَعلَموا بأنَّ إرادة الله قد شاءَت، أنْ لا يجتمعَ الناسُ على دينٍ واحدٍ، وأنَّ الله وأنبياءَه ورسله، عليهم أطيبُ الصلوات والسلام، ليسوا بحاجةٍ لِمَنْ يُدافعُ عنهم. فمهما أساء مُتَعَمِّدُ الإساءة ، فلنْ يُضِرَّالله بشيءٍ، ولا أيّا منْ رسالاتِه أو أنبيائه أو رسله .

ولكن ، قبل أنْ تأخذَ أيَّا منكم، تنويعاتُ الحَميَّةِ، وما قد يترتب عليها من لَغَطٍ أو أفعالٍ مأزومةٍ، ويغرقَ في مُستنقعاتِ الشَّتمِ والَّلطمِ والرَّجمِ ، وقبل أن يُسْتَنْزَفَ غَضبُه، ويَتكاتَف مع المُطالبة بالثُّبورِ وعظائمِ الأمور، كالمُقاطَعاتِ الساذَجَة او الواهمة ، أتمنى على كلِّ منْ يعيش على هذا الأرخبيل العربيِّ وفضاءاته المُتنافرة ، أن يعلم َبموازاةِ غضَبِه ، أننا في ظلِّ ما نعيش من حقائقِ الأمرِ الواقع ، لسنا بقادرين على تحقيق أيّ شيء مما تطلبون من فعل . ببساطة ، لأن كل مناحي حياتكم، تعتمد عليهم هناك، غذاؤكم ، دواؤكم، كساؤكم، تعليمكم، ثقافاتكم، ومتعكم ، وخمركم وعطر نسائكم ، منهم . ولا تنسوا أن الكثير من مطاراتكم وموانيكم ومياهكم واقتصادكم واتصالاتكم وسلاحكم بين أيديهم . الحصيفُ منكم ، يعلم أسباب هذا العجز والمُسبِّبين له.

للخروج مِنْ ثُنائيّات الغضب المُثقَلِ بالعَجْزِ ، أتمنى عليكم أيضا، أن تسألوا فيما تسألون، عن الأسبابِ التي تقود البعضَ للأساءةِ لأيِمانِكم ولرموزكم، أهو الجهل، ألحقد، العنصرية ؟! أمْ الكثيرَ مِنَ المدسوسِ على مَوروثِكُم البشري في التّدَيُّن، والمشبوهِ منْ أفعالِ المَحسوبينَ عليكم؟! إسْألوا وتَساءلوا مِنْ أين يستَقون الكثيرَ منْ هذه التُرَّهاتِ الكاذبة؟ وما هي مرجعياتهم في هذا التشويه؟! مع العلم أنَّ القرآن الكريم، وسيرة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ، والراشدين من الخلفاء ، تُكرِّسُ وتُعلي عناقيدا كبرى وتفصيلية، منَ الخُلُقِ العظيمِ المتسامح والناهي عن الاعتداء على أحدٍ، إلاّ رَدَّا على اعتداء .

أظنُّ أنَّ المُهتَمِّين بِوَعيِ الناس، المُستَظِلِّين بأيٍّ من الرسالات السماوية، يعرفون أنَّ المسيئين الحقيقيين، هم كدودِ الخلِّ مِنْهُم وفيهم، قبل أنْ يكونوا في مكانٍ آخر. وأنَّ عليهم قبل الغضب من المسيئين الظاهرين، التصدي للمتفلتين من غلاتهم، والرد على ما تُبْطِنُ مُراوحاتهم المُختزلة من شبهاتٍ مكتومة، تَستولِد تصرفاتٍ مَجنونة ، ومُحاصرة منابع التَّشدُّدِ والتأويلِ المُتزمِّت ، بالتوقّف لتدبُّرٍ مُعمَّقٍ لحقائق الإيمان والمقاصد الشمولية لرسالاته السماوية، الهادية بتسامح لا ظلم فيه ولا استهانة ولا عنف، والتبصُّر المسؤول في التبعات التي تثقل فضاءاته ، والقيم الأخلاقية الضابطة لجزئياتها في سياقاتها العامة والخاصة. وبلا خجَلٍ أو وجَلٍ، مواصلة المراجعة لتصحيح المزاعم والمُلَوِّثاتِ ، وفرزِ الغثِّ منَ السمين. ليبتعد المؤمنون عن مزادات الأصوات الناشِزَة ، المُنْدَسَّة تحت عباءات الإيمان المُمَكْيَج ، والابتعاد عن منطق الأفكار البغيضة الساعية إلى تعميمِ الخسائر ، عبر عنصريةٍ تُواجِه عُنصريةٍ ، وإساءةٍ بإساءة ، وسُباباً بِسبابٍ، فشُرورُ العَنْصرَة ، إرهابٌ حارقٌ تحتَ الرماد .

على العقلاء على ضفاف الإيمان ، أنْ يُبَيِّنوا لكلّ منْ يسعى لتجسيد حبه لله ولرسله وأنبياءه ، أنّ هناك مروحة واسعة من الأخلاقيات بهذا الشأن، من الضروري التأدُّبَ بها. وأنَّ المُروءة تقتضي ، العمل بها بإتقان. والصدق في تقبل الآخر بلا استعلاء. والتوسُّعَ في مساحاتِ حبِّه له ، واحترامه والحفاظ على حقوقه. وأنَّ التَّنافُس لا يكون إلاّ بالتَّفوق بالعلم النافع والعمل المفيد . إنْ عَرَفْتم ربَّكم حقَّ المعرفة ، تُحبونه وتَخشونَه وتَرْجونَه . وساعَتَها تُدرِكون تماما، أنَّ لا فضلَ لِمؤمنٍ على مُؤمنٍ إلا بالتَّقوى، وأن تقوى الله دائما خيرٌ وأبقى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى