حزب الله اللبناني يعرقل تشكيل “حكومة سعد الحريري”… بعيدة عن المبادرة الفرنسية

النشرة الدولية –

ظهرت عقد في مسار تشكيل الحكومة اللبنانية، بعد كثير من الأجواء الإيجابية التي ظهرت آخر الأسبوع الفائت، وعلى رأس هذه العقد مطالبة حزب الله بوزارة الأشغال ما أثار تساؤلات حول أهمية هذه الحقيبة الخدماتية، بعد أن كان قد تولى الصحة في حكومة تصريف الأعمال الحالية، وحولها إلى مركز حزبي كما يقول مراقبون.

ليس بالمبالغة وصفهم بالجيش، فانتظامهم وعددهم وانتشارهم إضافة إلى التزامهم المهمات الموكلة إليهم وصرامتهم في أداءها أقرب إلى الأداء العسكري منه إلى الوصف الذي يطلق عليهم، “المتطوعون”، يغزو بهم “حزب الله” أبرز الإدارات في وزارة الصحة اللبنانية، دون حسيب أو رقيب، مستغلاً أزمة كورونا وحاجة الدولة اللبنانية للمؤازرة البشرية واللوجستية في مواجهة هذه الجائحة.

وأجمعت مصادر مطلعة على ملف تشكيب الحكومة، لصحف لبنانية عدّة، على أنّ وزارة الصحة للحزب التقدمي الإشتراكي بينما يتمسك الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) بوزارة المالية.

أما العدل والداخلية والدفاع، فمن نصيب “التيار الوطني الحر ” ورئيس الجمهورية، ميشال عون، حلفاء الحزب المقربين، في ظل مطالبات شعبية بمحاسبة القضاء لمسؤولين وسياسين  لتورطهم في حادثة المرفأ وقضايا فساد أخرى.

تشكيلة بعيدة عن المبادرة الفرنسية

ودخلت عملية تشكيل حكومة الرئيس المكلف، سعد الحريري، بورصة الأسماء، وهنا تعرضت للعرقلات، ما يثبت نوايا الحزب في فرض تشكيلة  تناسب مصالحه تحت طائلة العرقلة، كما فعل مؤخراً مع مصطفى أديب، الذي رفض منح وزارة المالية للثنائي الشيعي  تمسكاً بالمبادرة الفرنسية التي اشترطت حكومة اختصاصيين تولى إليها مهمة إنقاذ البلاد من الأزمة المالية.

بعد انتهاء كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي كشف فيها عن مخازن أسلحة “لحزب الله” في منطقة الجناح في جنوب بيروت، وحديث الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عن مصنعين آخرين في حيّ الليلكي، وفي منطقة الشويفات، جنوبي العاصمة أيضاً، سارع الأمين العام للميليشيا اللبنانية، حسن نصر الله، لنفي المعلومات، داعياً وسائل الإعلام اللبنانية إلى لكشف على  احد المواقع.

واشترط الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي زار لبنان مرتين في أقل من شهر واحد بعد الانفجار الضخم في المرفأ،  قيام إصلاحات جديّة في لبنان لمساعدته ماليا في محاولة لإنهاء الوضع الاقتصادي الصعب، في الوقت الذي تنسف التشكيلة الحكومية الحالية، إن صحّت التسريبات، بنود المبادرة برمتها.

تسهيل عمليات التهريب

وتخوف متابعون، من وجود نية لدى حزب الله بالاستفادة من هذه الحقيبة الخدماتية، التي تسّهل عليه عمليات التهريب عبر المرافىء والمطار، دون توريط أحد من حلفائه، لاسيما بعدما فرضت الخزانة الاميركية عقوبات اقتصادية على وزير الأشغال السابق، يوسف فنيانوس، لـ”تسهيل أعمال الحزب”، علماً أنّه تابع لتيار “المردة”.

من جهته، اعتبر أستاذ القانون الدولي، طارق شندب، في حديث لموقع “الحرة”، أنّ “منح أي وزارة لمليشيا حزب الله سيضع الحكومة اللبنانية برمتها أمام عداء دولي، بالأخص إذا كانت وزارة الأشغال، التي يستفيد منها مالياً، وخير دليل على ذلك قيام واشنطن بإنزال عقوبات على فنيانوس لقيامه بتقديم تسهيلات للمليشيا”.

وأضاف أنّ “الأشغال هي حقيبة  خدماتية فيها الكثير من الأموال والمساعدات والتي قد تذهب للحزب المعروف بالفساد وسيطرة المفسدين الذين يتبعون له”، مشدداً على أنّ  “هذه الخطوة تضع لبنان في مواجهة المجتمع الدولي”.

تلزيمات مرتقبة ودوافع أمنية

من جهتها، اعتبرت الكاتبة والمحللة السياسية، منى فياض، في حديث لموقع “الحرة”، أنّ “هناك تلزيمات مرتقبة لإعادة بناء انفجار مرفأ بيروت، ما يدفع الحزب للسيطرة على هذا الملف من خلال وزارة الأشغال، فضلاً عن منفعة أمنية ينتظرها من توليه هذه الحقيبة تحديداً”.

“وزارة داخل وزارة الصحة”

وأشارت فياض إلى أنّ “حزب الله شكّل وزارة داخل وزارة أثناء توليه حقيبة الصحة، إذ أمسك ملف فيروس كورونا لأشخاص تابعين له، بالإضافة إلى احتكار استيراد فحوصات الكشف عن المرض (PCR)، واستيراد أدوية غير مطابقة للمواصفات العالمية من إيران بأسعار مرتفعة لإنقاذها من أزمتها المالية”.

وأكّدت أنّ “أي وزارة تعطى لأفراد السلطة تشكل خطراً على البلاد، إذ لا بد من حكومة تجمع اختصاصيين مستقلين”.

هيمنة على القضاء

وعن مطالبة رئيس الجمهورية ميشال عون بوزارات بينها العدل، لفتت فياض إلى أنّ “تولي عهد عون لوزارة العدل ينذر بمزيد من التوظيفات والتعيينات غير القانونية، والقرارات الاستنسابية التي تخدم مصالحهم”.

يسعى فرقاء السلطة في لبنان إلى تأليف حكومة سريعاً بالاتفاق فيما بينهم تكون مهمتها الأساسية، تحصيل ما يُمكن تحصيله من المليارات التي أقرها مؤتمر سيدر لمساعدة لبنان والتي تبلغ حوالي 11 مليار دولار، هي كفيلة، إذا ما وصلت بالكامل، بانفراجة مرحلية قد لا تتعدى السنة بحسب ما يقول اقتصاديون.

وكذلك أكّد شندب  أنّ “وزارة العدل مفترض أن تكون غير خاضعة للسياسة باعتبار أنّ القضاء يجب أن يكون مستقلاً، ولا سلطة لوزير العدل على المحاكم، إلا أنّه في الواقع يتحكم في كل التفاصيل، لاسيما في عهد ميشال عون، الذي وضع النيابات العامة تحت إملاءات الوزارة، وهو أمر مخالف للقانون والدستور”.

وشدد على أنّ “ملفات قضائية أخرى يجب أنّ تكون مستقلة لاسيما ملفات النيابات العامة المالية والتميزية، لأن الفساد المستشري في البلاد يستدعي تحقيقا مع مسؤولين، وهو الذي لا يمكن أنّ يحصل بهذه الحالة”.

“لا تنازل عن الصحة”

بدوره، أعرب المحلل السياسي، علي الأمين، في حديث لموقع “الحرة”، عن عدم أمله بحكومة جديدة تنهي أزمة البلاد الاقتصادية، معتبراً أنّ حزب الله لن يتخلى عن وزارة الصحة التي يستطيع منها الاستفادة بسهولة لوجود هيئات وجمعيات عدّة تابعة له يمكنها العمل في ملف كورونا وغيره.

وعلّق الأمين، عبر حسابه في موقع “تويتر”، على تسريبات التشكيلة الحكومية قائلاً  إنّ “أطراف السلطة في لبنان لا يكترثون للمواطنين”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى