انهيار غير مسبوق للريال اليمني مقابل الدولار

النشرة الدولية –

شهدت مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا انهيارا غير مسبوق في قيمة الريال (العملة المحلية) مقابل الأجنبية، مما ولّد أزمة اقتصادية ومعيشية كبيرة زادت من معاناة المواطنين بسبب الارتفاع الكبير لأسعار المواد الغذائية والسلع.

وعاودت شركات الصرافة في عدن، وبقية المدن الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، فتح أبوابها بعد أيام من إغلاقها بدعوة من جمعية الصرافين احتجاجا على تخطي سعر الدولار الأميركي حاجز 900 ريال.

ويقول محفوظ محسن أحد العاملين في شركة صرافة خاصة بعدن، إن إعادة الفتح جاءت بعد تطمينات من البنك المركزي بمعالجة التدهور السريع لقيمة الريال، وأيضا لتخفيف انتشار السوق السوداء لبيع العملة التي توسعت وقت الإغلاق.

ويرجع محسن أسباب الأزمة إلى قلة المعروض النقدي من العملات الأجنبية، مطالبا بضرورة توفير المركزي للنقد الاحتياطي من العملات الأجنبية، ويوضح أن قيمة الدولار الواحد في تعاملات مساء الثلاثاء مثلا وصلت إلى 920 ريالا، في حين وصلت قيمة الريال السعودي 242 ريالا محليا.

ويتفق معه عبد العزيز الصبري، أحد مسؤولي شركة صرافة في مدينة تعز، بأن سبب الأزمة هو توفر السيولة من العملة المحلية، وقلة العملات الخارجية وسط الطلب عليها من قبل التجار بهدف الاستيراد.

ويذهب علي اليافعي، أحد التجار في عدن، إلى أن أسباب الأزمة ترجع إلى المضاربة بالعملة من قبل شركات الصرافة وبعض المضاربين في سوق العملة.

ويعترف اليافعي أن الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والسلع الضرورية بهذه السرعة، رغم توفر السلع في السوق ومخازن التجار، يرجع لغياب الدور الفعلي للحكومة ودورها الرقابي في الحفاظ على استقرار الأسعار.

وقد ارتفعت قيمة المواد الغذائية في كل من عدن وتعز ومأرب وحضرموت والضالع ولحج وأبين وشبوة بنسبة 100% مما زاد من معاناة المواطنين المعيشية.

ففي تعز أغلقت المخابز أبوابها معلنة الإضراب عن العمل بسبب الارتفاع في أسعار الحبوب والدقيق، حيث زادت قيمة الكيس الدقيق من 12 ألفا إلى 24 ألف ريال.

وفي عدن، شهدت المدينة أزمة انعدام المشتقات النفطية في مدينة تعاني من انقطاعات طويلة للتيار الكهربائي وارتفاع تكلفة مستوى المعيشة فيها.

ويرجع متابعون هذه الأزمة إلى المواجهات الدائرة في محافظة أبين جنوب البلاد بين قوات الحكومة والمجلس الانتقالي الموالي للإمارات، غير مستبعدين وجود ضغوط اقتصادية من قبل السعودية لتحقيق أهداف سياسية تتمثل في تنفيذ اتفاق الرياض المراوح مكانه منذ شهور.

يعتبر الصحفي مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، أن من الأسباب الرئيسة لهذا الأزمة شح المعروض النقدي من العملات الأجنبية، لاسيما بعد انتهاء الوديعة السعودية وتراجع أسعار النفط، وتحويلات المغتربين.

ويقول نصر إن شح المعروض النقدي للعملات الأجنبية أدى إلى تراجع احتياطي البلد وكميات العملة الصعبة لدى المركزي والحكومة تزامنا مع حالة المضاربة في السوق، وإغراق السوق بكميات من النقود المطبوعة حديثا من قبل الحكومة.

وأوضح أن هناك مضاربة بكميات كبيرة على شراء العملة الصعبة بالسوق المصرفية، يغذي ذلك حالة عدم الاستقرار في عدن والحرب الدائرة بين الحكومة والمجلس الانتقالي في محافظة أبين، وغياب الأفق للحل السياسي لتنفيذ اتفاق الرياض، وهو ما ساهم في عدم استقرار الوضع النقدي.

ويقول أيضا إن دور المركزي والحكومة ضعيف جدا، ويكاد يكون مفقودا، فالحكومة خارج البلد وغائبة عن الفعل، وأصبح دورها والبنك المركزي هامشي للغاية.

ويؤكد نصر وجود فشل في معالجة هذه الأزمة، مما يتطلب تدخلا عاجلا لتغطية احتياجات السوق من العملات الأجنبية، ودعم التحالف مباشرة للحكومة في هذه اللحظة بالعملة الصعبة.

ويضيف “لابد من إجراءات حازمة وقوية لوقف المضاربة بالعملة، ووقف عملية طباعة جديدة للعملة المحلية، دون أن تكون هناك كمية كافية من النقد الأجنبي لتغطية احتياجات التجار لعملية الاستيراد”.

وحول دور شركات الصرافة، يقول نصر إنها جزء من الأزمة، لكن إذا وجدت هناك سياسة نقدية كفؤة وإجراءات شفافة ورادعة فسيتم معالجة هذه الأزمة بشكل جيد.

وحول مستقبل هذه الأزمة، يرى الصحفي أنه من الصعب التنبؤ بالمستقبل في ظل حالة الفشل الحكومي، وغياب الحكومة والمركزي، وعدم استجابة التحالف لنداءات المواطنين بالتدخل لإنقاذ العملة من الانهيار.

ويعتبر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي ذلك مؤسفا لارتباطه بالجانب السياسي والاقتصادي، ويعبر عن أزمة حكومية كبيرة، معتبرا هذا من أخطر الملفات التي تعكس ترهل الأداء الحكومي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى