الرياضة للإنسانية وليست للصهيونية* صالح الراشد
النشرة الدولية –
مخطيء من يعتقد أن الرياضة لغة لجميع البشر والكائنات كونها لغة المحبة والإنسانية ، ومن يفتقد لهذه اللغة فلا حاجة لأن يكون ضمن أجندات الرياضة، ففي القديم حين كانت رسالة الرياضة واضحة للجميع، تم منع بعض الدول من استضافة البطولات كونها تمارس العنف والحروب ضد آخرين، بل تم إبعاد يوغسلافيا من نهائيات أوروبا بعد تأهلها بسبب دورها في حرب البلقان ولأنها لا تحترم حقوق الإنسان، ورفض العديد من النجوم خوض مباريات على بعض الملاعب كونها تحمل ذكريات سيئة في التعذيب وإنتهاك حقوق الإنسان، كما رفض يوهان كرويف المشاركة في كأس العالم التي أقيمت في الاردجنتين كون حاكمها خوخي فيديلا ديكتاتور من طراز رهيب.
وفي السنوات الماضية أعوام المباديء والقيم تم رفض وجود الكيان الصهيوني في القارة الآسيوية لأنه يحتل فلسطين، ولأن العالم يُدرك قدرات الدكتاتوريين والدول الإرهابية في استخدام كرة القدم للترويج لأنفسهم وأنظتهم، كما فعل الألماني هتلر والإيطالي موسوليني وفرانكو الإسباني الذين استفادوا من قوة الرياضة وأهميتها، وهذا دور قام ويقوم به العديد من الزعماء الدكتاتوريين والدول الإستبدادية وظهر ذلك في كأس العالم الأخيرة في موسكو وقبله أولمبياد بكين، لذا فإن آخر الدول الإستعمارية في العالم تسعى جاهدة للتواصل الرياضي مع الدول العربية وبعد أن فشلت تحولت للأوروبية من أجل إستغلال القوى الناعمة للرياضة.
واليوم تغير الحال وأصبح من يقف في وجه أعداء الإنسانية ظالم وغير إنساني، وهذا ما حصل مع ماليزيا التي رفضت مشاركة الصهاينة في بطولة العالم للسباحة فتم سحب البطولة منها بدلاً من مكافأتها، فشعوب العالم تحفظ اسماء اللاعبين أكثر من الزعماء والفرق أكثر من الدول، لذا يريد الكيان الصهيوني أن يجد لنفسه موطيء قدم في شتى البطولات العالمية حتى يرفع علمه الزائف، ويثبت للعالم أنه دولة قائمة بحد ذاتها وأنها ليست كيان غاصب لأراضي الغير، وهذا ما تروج له العديد من الدول الأوروبية التي تلتقي فرق الكيان رغم إتخاذها موقف شجاع برفض اللعب في ملاعب المستوطنات.
الحال تغير وفق أجندة اليوم وبدأت العلاقات العربية مع الكيان الصهيوني تتزايد والتطبيع على اشده، ورغم ذلك رفضت الفرق الرياضية الإنخراط في أي إتفاق مع دولة الكيان التي تفرض شروط وضغوطات كبيرة على الرياضة الفلسطينية، وتحدُ من حركة لاعبيها بغية قتل القوى الناعمة التي تسعى فلسطين لاستغلالها وللترويج لنفسها ، لكن المعادلة تغيرت وبدأت بعض الإتحادات العربية توقع إتفاقيات مع الإتحاد الصهيوني لكرة القدم بصورة مفاجئة وغير متوقعة بمباركة الفيفا، وهي التي رفضت معاقبة الكيان رغم تجاوزاته الكثيرة، لتثبت للجميع بأن الفيفا لا يؤمن بشرعية قضايا الدول بل يؤمن بقوة القوى الضاغطة.
إن توقيع الإتفاقيات مع الكيان الصهيوني لن تجعل الشعوب العربية تتسابق إلى التطبيع كون شعوب الأمة أخذت قراراها بعدم التطبيع، وأدركت هويتها وأن قلبها يهفو صوب فلسطين العربية، لذا فإن التطبيع مهما صفق وسَوَقَ له الكثيرون سيبقى بين الحكومات ولن يكون بين الشعوب.