“يوميات” شربل داغر ترتاد الآفاق
النشرة الدولية –
رغم أنني أعرف الكاتب اللبناني الدكتور شربل داغر منذ نحو أربعين عامًا، التقينا خلالها في رحاب مدن عربية وأوروبية كثيرة، فإن علاقتنا لم تتعمق إلا في رحاب المدينة التونسية الرائعة “القيروان” عندما دعتنا الشاعرة جميلة الماجري مديرة بيت الشعر هناك للمشاركة في دورة 2019 لمهرجان ربيع القيروان الذي كان من ضيوفه أيضًا: الشاعر المصري جمال بخيت، والشاعرة المغربية لويزا بولبرس، والكاتب البريطاني العراقي الأصل حكمت الحاج.
فعلى امتداد هذا المهرجان العريق كنا نتحرك معًا إلى الفضاءات الثقافية والمواقع الأثرية ومتاحف القيروان بصحبة مضيفتينا الشاعرة جميلة الماجري، والعازفة وأستاذة الموسيقى حميدة الحليوي، حفيدة الصديق الحميم لشاعر تونس الخالد أبي القاسم الشابي. وما أمتعها جولاتنا في القيروان على الرغم من قسوة طقسها في عز الصيف.
هذه المدينة التي يعنبرها الكثيرون أمّ المدائن العربية في تونس، إذ احتضنت لحظة التأسيس الأوّل لحضارة تسامقت إلى السماء علمًا وصناعةً وفنًّا ومعمارًا، وخرجت من البادية التونسية القاحلة لتطلّ على البحر وتصل بيارقها إلى صقليّة. وهي رابعة ثلاث مدن يَعتبر المسلمون كلّ واحدة منها قبلة لهم: مكة، والمدينة، والقدس، ثم القيروان. يحلّ بها الزائر فيذهله عمق الاتصال فيها بين الماضي والحاضر، والحسي والمجرد، والمادي والروحي. كما وصفها شاعرها الراحل وناثرها المبدع حسين قهواجي.
كنت في كل يوم من أيام وجودي في القيروان، أتأكد من أن شربل داغر عاشق لتاريخ الفن، متعمق في فنون الخط العربي والموسيقى والتشكيل والعمارة، فضلًا عن كونه شاعرا وكاتبا، وكما قال لي فقد تخرج في جامعة السربون الجديدة، ويحمل شهادتَي دكتوراه في الآداب العربية الحديثة وفي فلسفة الفن وتاريخه. وله ما يزيد على ستين كتابًا باللغتين العربية والفرنسية، من بينها: “العربية والتمدن في اشتباه العلاقات بين النهضة والمثاقفة والحداثة”، و”الشعر العربي الحديث: قصيدة النثر” الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب دورة 2019 في مجال الفنون والدراسات النقدية.