قصة القصة العراقية لا تنتهي بغياب النقد
النشرة الدولية –
انتشرت القصة القصيرة في العراق مع فجر النهضة الجديدة، بحيث استطاع هذا الجنس الأدبي أن يقاسم الشعر مكانته في بلاد الشعر، إلى حد أن بعض النقاد يرون أن الأدب العراقيّ الحديث إنما هو في حقيقته شعر وقصّة. ولكن اتساع دائرة المجربين في القصة القصيرة لم يأت مصادفة، بل كان على مراحل، وهو ما تدرسه بدقة الناقدة العراقية نادية هناوي.
يشكل كتاب الناقدة العراقية نادية هناوي “قصة القصة.. دراسة ميثودولوجية في جريان القصة العراقية من المنابع إلى المصبات”، مسحا نقديا لأهم تطورات القصة العراقية وخصائصها عبر مسيرتها التاريخية في مراحلها كافة، التي نافت على القرن من الزمان في جريان نهر عطاءاتها من المنابع إلى المصبات.
ويشتمل الكتاب على جل محطات القصة العراقية، متضمنا كل منعطف من منعطفاتها، راصدا متغيراتها ومعنيّا بمواضعاتها، مشخِّصا سمات وظواهر وقضايا وأسماء ومستعملا مختلف المنهجيات بسياقاتها ونصوصها وموظفا التقنيات والأساليب، جامعا الأدبي بالثقافي، والحداثي بما بعد الحداثي، والجينالوجي بالفيلولوجي، والجمالي بالتاريخي.
تؤكد هناوي أن للقصة العراقية تاريخا غنيا مضيئا وفيه تقاليد فنية واضحة وراسخة، وأن الكتاب الصادر عن دار غيداء للتوزيع والنشر في الأردن، يسعى إلى رصد العطاء القصصي العراقي وتدبر ما فيه من بصمات تشير إلى تميزه وتدلل على إبداعه الأصيل.
مسح نقدي لأهم تطورات القصة العراقية وخصائصها عبر مسيرتها التاريخية مسح نقدي لأهم تطورات القصة العراقية وخصائصها عبر مسيرتها التاريخية
وليس مثل هذا البحث في التقاليد يسيرا لأسباب بعضها تقني بحت، وبعضها الآخر نقدي وتاريخي يتعلق بضيق آفاق النقد العراقي في مراحله الأولى، وتواضع إمكانياته في ما كان يتطلع إليه في مواجهة هذا الإرث الثري والمتواري في زوايا شبه مفقودة أو مجهولة، تكمن في البعض منها عيون القصة العراقية التي توارت عن عين النقد أو غبن النقد حقها أو قصرت أدواته عن فك شفرات بنياتها الفنية.
وتقول الناقدة “كثيرة هي النماذج القصصية التي لم تنل من النقد اهتماما وقت صدورها أو نالها من النقد تقصير وتشويه ليس بالقليل أو ظلت في العتمة وغياهب النسيان، فلم تمر عليها أقلام النقاد البتة. لذا فإن الكتاب وضعها في موضعها، الذي يناسبها بلا حيف ولا إهمال، مستعيدا هذه النصوص القصصية إلى الواجهة، مقدما قراءات جديدة تنطلق من حقيقة أنّ النص الغني فنيا والغزير معنى وعطاء، يظل قابلا دائما للتحليل والتفسير والتأويل وبأي شكل كُتب به هذا النص وفي أي أوان قُرئ. إذ أنّ ما في بنيته من الجدة والأصالة والتفرد يجعله نابضا بالحياة متدفقا بالجمال صالحا للقراءة، مهما تباينت المناهج النقدية وتغايرت اتجاهاتها”.