ترامب يزعزع سياسة الولايات المتحدة تجاه تايوان* واشنطن بوست

النشرة الدولية –

طوال عقود، كانت العلاقات الدبلوماسية الأميركية مع تايوان ترتكز على قواعد معقدة وغامضة وتهدف إلى دعم شريك آسيوي محوري من دون استفزاز بكين وتجنّب اندلاع الحرب في مضيق تايوان، ففي غضون ذلك، بقيت تفاصيل الاستراتيجية الأميركية تجاه الصين سرية، لكن ذهبت تلك القواعد أدراج الرياح هذا الأسبوع.

 

تخلّت إدارة ترامب عن السياسات القديمة تجاه الصين وتايوان قبل أيام من انتهاء عهدها، مما أدى إلى نشوء توقعات مختلفة وفرض ضوابط جديدة على طريقة تعامل إدارة بايدن المرتقبة مع أكبر منافِسة جيوسياسية لها.

 

يوم السبت الماضي، تخلى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو فجأةً عن القواعد الأميركية التي تمنع أي تفاعل بين الدبلوماسيين الأميركيين والتايوانيين، فاعتُبِرت هذه الخطوة تحديثاً رمزياً لكن مؤثراً للعلاقات الأميركية مع الجزيرة الديمقراطية التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها.

 

خلال أيام بدأ الدبلوماسيون الأميركيون، من لاهاي إلى واشنطن، يروّجون لاجتماعاتهم مع نظرائهم التايوانيين ويثيرون بذلك غضب بكين، ففي الوقت نفسه، كانت كيلي كرافت، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، تستعد للسفر إلى تايبيه بصفتها ثالث مسؤولة أميركية رفيعة المستوى تزور الجزيرة في آخر ثمانية أشهر.

 

أدى قرار بومبيو الأخير إلى إعادة إحياء الجدل في واشنطن وتايبيه حول صوابية أن تساعد الولايات المتحدة تايوان وأفضل طريقة لفعل ذلك. تقيّم الإدارات الأميركية المتلاحقة المسائل العملية والرمزية المرتبطة بتايوان بشكلٍ روتيني، بما في ذلك كيفية تنظيم الزيارات مع المسؤولين التايوانيين ونوع الأسلحة الأميركية المتقدمة أو الطائرات المقاتلة التي تستطيع الجزيرة شراءها.

 

بعد تدهور العلاقات الأميركية مع بكين في السنة الماضية، قررت إدارة ترامب القيام بسلسلة من الزيارات الرسمية والرفيعة المستوى إلى تايوان، ثم أدى إعلان بومبيو الأخير إلى إزالة حاجز رمزي آخر أمام مطالب تايوان بالاعتراف بها على الساحة الدولية.

 

حاول مسؤولون تايوانيون، لا سيما أعضاء “الحزب الديمقراطي التقدمي” الحاكم الذي يميل تقليدياً إلى إعلان استقلال الجزيرة رسمياً عن الصين، الاستفادة من تقليص القواعد التي تفرضها وزارة الخارجية الأميركية على طريقة التواصل بين الطرفين منذ أكثر من عشر سنوات. تكثفت تلك المطالبات في السنة الماضية وفق معلومات شخصَين مطلّعَين على طريقة تفكير حكومة الرئيسة تساي إنغ ون.

 

سُرّ المسؤولون التايوانيون بإعلان بومبيو الجديد، فكتبت المبعوثة التايوانية في واشنطن، بيخيم هسياو، على “تويتر”: “إنه يوم عظيم لعلاقاتنا الثنائية. أقدّر قيمة كل فرصة من هذا النوع”، وفي المقابل، لم تُعلّق الرئيسة التايوانية المعروفة بمواقفها الحذرة على هذه الخطوة. في الصين حيث كان الخبراء والإعلاميون الحكوميون يستعدون لجولة أخرى من القرارات المفاجئة الصادرة عن إدارة ترامب، تعهدت وزارة الخارجية بفرض “عقوبات قاسية” على بومبيو لأنه تخلى عن التقاليد الدبلوماسية القائمة منذ عقود، وانتشرت توقعات مكثفة على مواقع التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع مفادها أن بومبيو قد يزور تايوان شخصياً كخطوة أخيرة في عهد ترامب المنتهية ولايته. ويوم الاثنين الماضي تطرقت صحيفة “غلوبال تايمز” التي يسيطر عليها الحزب الشيوعي لتلك الشائعات في افتتاحيتها وحذرت من إرسال الطائرات المقاتلة الصينية فوق تايوان فوراً في حال وصول بومبيو، فكتبت ما يلي: “إذا تجرأت الولايات المتحدة وجزيرة تايوان على اتخاذ هذا النوع من الخطوات المبالغ فيها، فستندلع الحرب”.

 

يظن شيونغ ليلي، عميد العلاقات الدولية في “جامعة الأعمال الدولية والاقتصاد” في بكين، أن رفع الضوابط الدبلوماسية هو “آخر خطوة جنونية” قد تنسف التوازن الهش في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين وتايوان في حال قرر بايدن التمسك بها: “تعني هذه الخطوة تطبيع التبادلات السياسية والعسكرية العالية المستوى بين الولايات المتحدة وتايوان، فالعواقب ستكون كارثية”.

 

يقول الخبراء في السياسة الصينية إن التغيير الأخير الذي أعلنه بومبيو، سواء كان منطقياً أو لم يكن كذلك، سيعيد إحياء الأسئلة المحورية حول العلاقات الأميركية الصينية: إنه وضع حتمي نظراً إلى احتدام المنافسة بين الطرفَين، وتوسّع نفوذ بكين على الساحة العالمية، وزيادة التحركات الاستبدادية التي يتخذها الحزب الشيوعي الصيني محلياً وخارجياً.

 

أخيراً تقول مارغريت لويس، أستاذة قانون في جامعة “ستيسون هول”: “تحمل العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان طابعاً استعراضياً، مما يعني أنها منمّقة ومدروسة. يكون محتوى اللقاءات الثنائية حساساً جداً لكنّ شكلها الخارجي مؤثر أيضاً، فمن خلال إحداث تغيير بارز في هذه العلاقات، لا مفر من التساؤل عن طبيعة تلك التفاعلات في المرحلة المقبلة”.

 

* «طوال عقود، كانت العلاقات الدبلوماسية الأميركية مع تايوان ترتكز على قواعد معقدة وغامضة وتهدف إلى دعم شريك آسيوي محوري من دون استفزاز بكين وتجنّب اندلاع الحرب في مضيق تايوان، ففي غضون ذلك، بقيت تفاصيل الاستراتيجية الأميركية تجاه الصين سرية، لكن ذهبت تلك القواعد أدراج الرياح هذا الأسبوع.

 

تخلّت إدارة ترامب عن السياسات القديمة تجاه الصين وتايوان قبل أيام من انتهاء عهدها، مما أدى إلى نشوء توقعات مختلفة وفرض ضوابط جديدة على طريقة تعامل إدارة بايدن المرتقبة مع أكبر منافِسة جيوسياسية لها.

 

يوم السبت الماضي، تخلى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو فجأةً عن القواعد الأميركية التي تمنع أي تفاعل بين الدبلوماسيين الأميركيين والتايوانيين، فاعتُبِرت هذه الخطوة تحديثاً رمزياً لكن مؤثراً للعلاقات الأميركية مع الجزيرة الديمقراطية التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها.

 

خلال أيام بدأ الدبلوماسيون الأميركيون، من لاهاي إلى واشنطن، يروّجون لاجتماعاتهم مع نظرائهم التايوانيين ويثيرون بذلك غضب بكين، ففي الوقت نفسه، كانت كيلي كرافت، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، تستعد للسفر إلى تايبيه بصفتها ثالث مسؤولة أميركية رفيعة المستوى تزور الجزيرة في آخر ثمانية أشهر.

 

أدى قرار بومبيو الأخير إلى إعادة إحياء الجدل في واشنطن وتايبيه حول صوابية أن تساعد الولايات المتحدة تايوان وأفضل طريقة لفعل ذلك. تقيّم الإدارات الأميركية المتلاحقة المسائل العملية والرمزية المرتبطة بتايوان بشكلٍ روتيني، بما في ذلك كيفية تنظيم الزيارات مع المسؤولين التايوانيين ونوع الأسلحة الأميركية المتقدمة أو الطائرات المقاتلة التي تستطيع الجزيرة شراءها.

 

بعد تدهور العلاقات الأميركية مع بكين في السنة الماضية، قررت إدارة ترامب القيام بسلسلة من الزيارات الرسمية والرفيعة المستوى إلى تايوان، ثم أدى إعلان بومبيو الأخير إلى إزالة حاجز رمزي آخر أمام مطالب تايوان بالاعتراف بها على الساحة الدولية.

 

حاول مسؤولون تايوانيون، لا سيما أعضاء “الحزب الديمقراطي التقدمي” الحاكم الذي يميل تقليدياً إلى إعلان استقلال الجزيرة رسمياً عن الصين، الاستفادة من تقليص القواعد التي تفرضها وزارة الخارجية الأميركية على طريقة التواصل بين الطرفين منذ أكثر من عشر سنوات. تكثفت تلك المطالبات في السنة الماضية وفق معلومات شخصَين مطلّعَين على طريقة تفكير حكومة الرئيسة تساي إنغ ون.

 

سُرّ المسؤولون التايوانيون بإعلان بومبيو الجديد، فكتبت المبعوثة التايوانية في واشنطن، بيخيم هسياو، على “تويتر”: “إنه يوم عظيم لعلاقاتنا الثنائية. أقدّر قيمة كل فرصة من هذا النوع”، وفي المقابل، لم تُعلّق الرئيسة التايوانية المعروفة بمواقفها الحذرة على هذه الخطوة. في الصين حيث كان الخبراء والإعلاميون الحكوميون يستعدون لجولة أخرى من القرارات المفاجئة الصادرة عن إدارة ترامب، تعهدت وزارة الخارجية بفرض “عقوبات قاسية” على بومبيو لأنه تخلى عن التقاليد الدبلوماسية القائمة منذ عقود، وانتشرت توقعات مكثفة على مواقع التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع مفادها أن بومبيو قد يزور تايوان شخصياً كخطوة أخيرة في عهد ترامب المنتهية ولايته. ويوم الاثنين الماضي تطرقت صحيفة “غلوبال تايمز” التي يسيطر عليها الحزب الشيوعي لتلك الشائعات في افتتاحيتها وحذرت من إرسال الطائرات المقاتلة الصينية فوق تايوان فوراً في حال وصول بومبيو، فكتبت ما يلي: “إذا تجرأت الولايات المتحدة وجزيرة تايوان على اتخاذ هذا النوع من الخطوات المبالغ فيها، فستندلع الحرب”.

 

يظن شيونغ ليلي، عميد العلاقات الدولية في “جامعة الأعمال الدولية والاقتصاد” في بكين، أن رفع الضوابط الدبلوماسية هو “آخر خطوة جنونية” قد تنسف التوازن الهش في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين وتايوان في حال قرر بايدن التمسك بها: “تعني هذه الخطوة تطبيع التبادلات السياسية والعسكرية العالية المستوى بين الولايات المتحدة وتايوان، فالعواقب ستكون كارثية”.

 

يقول الخبراء في السياسة الصينية إن التغيير الأخير الذي أعلنه بومبيو، سواء كان منطقياً أو لم يكن كذلك، سيعيد إحياء الأسئلة المحورية حول العلاقات الأميركية الصينية: إنه وضع حتمي نظراً إلى احتدام المنافسة بين الطرفَين، وتوسّع نفوذ بكين على الساحة العالمية، وزيادة التحركات الاستبدادية التي يتخذها الحزب الشيوعي الصيني محلياً وخارجياً.

 

أخيراً تقول مارغريت لويس، أستاذة قانون في جامعة “ستيسون هول”: “تحمل العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان طابعاً استعراضياً، مما يعني أنها منمّقة ومدروسة. يكون محتوى اللقاءات الثنائية حساساً جداً لكنّ شكلها الخارجي مؤثر أيضاً، فمن خلال إحداث تغيير بارز في هذه العلاقات، لا مفر من التساؤل عن طبيعة تلك التفاعلات في المرحلة المقبلة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى