نعول عليك فخامة الرئيس ماكرون* حمزة عليان

النشرة الدولية –

قادم إلى لبنان للمرة الثالثة؟ ما الذي تغير وعلى ماذا يراهن الرئيس الفرنسي الشاب إيمانويل ماكرون حتى “يرهن” مستقبله السياسي ببلد مثل لبنان، تعم فيه الفوضى والاضطراب والاغتيال، آخرها اغتيال لقمان سليم صاحب الفكر الحر؟

 

سيكون من السذاجة السياسية المراهنة على تفاهم أميركي- إيراني وكما يعتقد البعض أن ذلك كفيل بإعادة الروح إلى البلد ونظامه السياسي. رئيس دولة عظمى مثل فرنسا يضع ثقله وراء مبادرة أنهكت وتهالكت ولم يبق منها شيء سوى الدفع باتجاه تشكيل حكومة الحريري ووزرائها من الاختصاصين لا الحزبيين، فإعادة إحياء المبادرة الفرنسية عنوان عريض ليس فيه بالمضمون سوى تحريك الوضع لإعلان تشكيل حكومة جديدة بعدما فتح ماكرون خطوطاً خلفية مع عواصم القرار للتفاهم على “صيغة حكومة جديدة”.

 

الإسراع بتأليف حكومة، دون شروط أو “فيتو”، هذا ما يسعى إليه صاحب المبادرة، وإن كان يدرك أنه دخل في مقامرة بل مغامرة محفوفة بالمخاطر بعد أن وضع رأسماله السياسي على الطاولة! وراحت تتفاذفه أقدام طبقة سياسية لبنانية فاسدة، لقد خرجت أصوات تطالب الرئيس ماكرون بعدم المجيء إلى بيروت، بعدما أصابها اليأس من الطبقة الحاكمة.

 

لقد وصلت الأوهام حداً ببعض السياسيين أنهم تعاملوا مع المبادرة الفرنسية كأحد أطراف الصراع المحليين وأن “الزعيم ماكرون” يعمل عندهم! وهم يرسمون له السياسة التي يفترض أن يتبعها، إلى درجة أن هذا الأمر بات موضع تندر في وسائل الإعلام الفرنسية، فقد تمادوا بالاستكبار والعنجهية إلى درجة أن بعضهم رسم خريطة وحدد له ما هو مسموح وما هو ممنوع عليه أن يقحم نفسه به!

 

ليس من الحصافة السياسية أن نسقط كمجتمع وكأفراد إلى هذا الدرك من الاستخفاف والتعامل مع قائد فرنسي عاطفته تذهب نحو شعب لبنان في حين أن “قادته لا يستحقون هذا البلد”، فلولا الرئيس ماكرون لما حضر لبنان على أي أجندة عربية أو دولية، إلا من زاوية ربطه للإرهاب وساحة سياسية لتصفية الحسابات وتبعيته لإيران أو لسورية! لكنه بقي مصراً على تطوير الرعاية الفرنسية كما أوضح ذلك المحلل والكاتب السياسي رفيق خوري في الوقت الذي تتم فيه المحاكمات السياسية على أعلى مستوى بين المنظومة الحاكمة والفاسدة، وكأن لبنان بخير وليس فيه ما يمنع وضع العصي في دواليب الحكومة أو غيرها! فأي لغة يمكن أن تستخدم اليوم لإعادة الروح إلى هذا البلد؟

 

تحولت المبادرة الفرنسية بعد “تصفيتها” على يد الطاقم السياسي الفاسد، إلى مادة خصبة للمنازعات السياسية والهرطقة واللغو واستطلاعات الرأي، وفيما إذا كانت ستنجح بانتشال لبنان من المستنقع الذي وصل إليه أم لا؟

 

تقديري لو كان لدى الطبقة السياسية الحاكمة ذرة من الكرامة الوطنية والمسؤولية الأخلاقية لما بقي واحد منهم جالساً على كرسيه! عندما وصل أول مرة الرئيس ماكرون إثر كارثة انفجار المرفأ ونحن نحيي مرور ستة أشهر على حدوثها أمهل الزعماء اللبنانيين من 4 إلى 6 إسابيع لتنفيذ خريطة الطريق لإنقاذ البلد من الانزلاق إلى الفوضى، وقال لهم أمامكم “فرصة أخيرة” للوفاء بتعهداتكم التي أعلنتموها.

 

لكن لا حياة لمن تنادي، عاد من جديد ووجه لهم كلاماً يخجل الإنسان من سماعه أو ترداده “الدعم الذي سنقدمه لن يذهب إلى الأيادي الفاسدة” فأنتم قادة لا تستحقون الحياة!

 

انتهت خرافة هل يعود الانتداب الفرنسي إلى لبنان وإن كان البعض يتمنى ذلك، لكن هل مازال هناك أمل بعودة البلد إلى مرحلة يشعر فيها اللبناني بأنه مواطن وعنده كرامة، بعدما بتنا اليوم نجمع فيه علب “البنادول” ونضعها في صناديق لإرسالها بالشاحنات عن طريق البر إلى أهلنا الذين يتألمون وجعاً وقهراً! صار أمراً تافها أن نطرح الأسئلة التقليدية على غرار لماذا تهب “الأم الحنون” لنجدة لبنان؟

 

المطلوب سرعة الإنقاذ قبل الغرق الكامل وبشيء من الكرامة والوطنية قبل أي سؤال قد يتبادر إلى الذهن بعدما أصبح محاصراً ومعزولاً ومنهكاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى