ميلاد جديد للشرق الأوسط وخريف دول يقترب* صالح الراشد
النشرة الدولية –
تسعى الحكومة الأمريكية إلى قيادة منطقة الشرق الأوسط بطريقة جديدة، ويبدوا أن واشنطن تقوم بالتعديل المستمر على خطة وشكل الشرق الأوسط الجديد حتى يتلائم في نهاية الأمر مع المصلحة الأمريكية، فمع وصول الرئيس جوزيف بادين للحكم وخسارة ترامب تغيرت السياسة الأمريكية حيث بتنا نشعر بتقبل واشنطن لفكرة الحوار مع واشنطن، كون بايدن يملك سياسته الخاصة والتي تنبع من طريقة أوباما في الحكم أو لنقل طريقة بايدن الذي كان نائباً للرئيس، وأشعل العالم العربي وقتها بخريف دموي قاتل، وبالتالي ستشهد المنطقة تغيرات جديدة في السياسة الأمريكية التي لا تعترف بصديق دائم ولا عدو دائم، لذا فإن المرحلة القادمة ستشهد تغيرات عديدة في دور الدول وقوة نفوذها، فبعضها سيعود للبريق من جديد وأخرى سيختفي بريقها.
وهناك توقعات بعودة الدور المصري لسابق عهدة في ظل حاجة واشنطن للقرار السياسي العسكري المصري في مواجهة تركيا في ليبيا والبحر المتوسط، حيث تسعى لتقليم الأظافر التركية والحد من تنمرها على دول المنطقة، ويساعدها في هذا الخيار التطور المتوقع للإقتصاد المصري إضافة لإرتقاء مصر في علاقاتها الافريقية، وكونها تشكل القوة العسكرية الضاربة على الحدود مع الكيان الصهيوني، وتُسيطر على أهم منافذ الحركة الملاحية في العالم، وهذه مجموعة من الأمور تمنح مصر أفضلية في الميزان الأمريكي على بقية الدول العربية والافريقية.
ويبدو ان المشهد في المنطقة العربية في القارة الآسيوية قد اقترب من التغيير ايضاً، وسيعود الدور الأردني كلاعب رئيسي في المنطقة، وبالذات في مجال القضية الفلسطينية بعد أن ثبت فشل الدور الذي قامت به بعض الدول التي ستتخلى واشنطن عن دعمها في المرحلة القادمة، وبالذات الدول التي لم تحترم القرار الأمريكي كما لن تصمت عن الجرائم ضد الإنسانية، وستسعى بجهد أوروبي للقيام بالتقارب بين إيران ودول الخليج لضمان الهدوء في المنطقة وتوفير القدرة للجيش الأمريكي بالتحرك بحرية، كما رفعت الحوثيين من قائمة الإرهاب كمدلول لعدم حسابها على طرف ضد طرف في اليمن، فيما ستتقب الولايات فكرة أن تكون العراق الحديثة الخلفية لإيران بتوافق خليجي، فيما سوريا ستكون في العهدة الروسية، ولتحقيق ذلك فإن على واشنطن أن تُغير سياستها وترتب أولوياتها في المنطقة، لذا قد تكون تُعد لخريف عربي جديد.
ولن يكون الكيان الصهيوني بمنأى عن التغيير، فقد قاربت الحياة السياسية لرئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو على الانتهاء، وأصبح الرجل يشعر بدنو أجله ومغادرته الملعب السياسي للأبد، فالضربات التي تلقاها من الداخل والخارج جعلته يترنح من شدتها، ففي الداخل ارتفعت اصوات المعارضة لسياسته بشكل واضح وفاضح جعل شريكة غانتس رئيس حزب أزرق وأبيض يعض أصابعه ندماً لموافقته على تشكيل حكومة وحدة، وهذا إتفاق منح نتنياهو فرصة كبيرة للوصول للحكم الذي سيضحي به خلال أشهر من أجل مستقبله، لكن الضربة القاصمة جاءت من لاهاي حيث المحكمة الجنائية الدولية والتي منحت الفلسطينين حق محاكمة قادة الكيان على جرائمهم، كما لم تشفع لنتنياهو اتفاقيات السلام مع عدد من الدول الخليجية حيث ظهر انها مجرد ديكور.
الظروف الجديدة وبالذات القانون الذي صدر عن المحكمة الجنائية الدولية، سيجعل واشنطن تفكر ملياً قبل تقديم خدماتها المجانية للكيان الصهيوني حتى لا تجد نفسها تُحاسب كشريك في الجرائم، لذا فإن واشنطن ستبحث عن طريقة للتعامل مع القوة الناعمة الفلسطينية التي إثمرت قوانين وصداقات وعلا قات سياسية مع عديد الدول، وهذا قد يجعل الولايات المتحدة تشطب صفقة القرن من ذاكرتها وتبحث عن حلول جذرية تُنهي القضية على أساس حل الدولتين، وهذا الحل يلاقي دعماً من جميع دول العالم وبالذات روسيا والصين وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، كما أنه يساهم في إندماج الدول العربية بعلاقات تطبيع مع الكيان الصهيوني، لذا فإن القادم سيكون ولادة جديدة من الخاصرة تُنقذ الجميع.