«جيش» إردوجان لن ينسحب: نسف لمخرجات «الملتقى الليبي»* محمد خروب

النشرة الدولية –

في وقت ساد فيه التفاؤل الحذِر بإمكانية إحداث اختراق في مسار الأزمة الليبية, المتمادية فصولاً دامية وخراباً عميماً وفقراً يفرد ظلاله القاتمة على الشعب الليبي, ويزداد أمراء الحرب وقادة الميليشيات ثراءً, وتتعدّد التدخلات الغربية/الأطلسية وخصوصاً التركية, طمعاً في ثروات الهضبة الليبية وموقعها الجيواستراتيجي.. خاصة بعد نجاح نسبي حقّقه «مُلتقى الحوار» إثر جلسات ماراثونية في جنيف, وبمواكبة دولية وإقليمية بعضها ظاهر ومعظمها خلف الكواليس. أسفرت عن انتخاب سلطة «انتقالية» جديدة بفوز قائمة محمد المنفي, الذي بات رئيساً?للمجلس الرئاسي وهو منصب بروتوكولي, فيما أصبح عبد الحميد الدبيبة رئيساً للحكومة كـ«صاحب قرار» كما كانت حال فايز السراج الذي خرجَ أو أُخرِجَ من المشهد بعد إستنفاد دوره.

ودون صرف النظر عن التوجّهات «الإسلاموية» لكل من الدبيبة والمنفي, وما حدث من جولات لإفراز قائمة تحظى بالنصف زائداً واحداً (حصلت عليه قائمة المنفي), ما عنى هزيمة أو طيّ صفحة مُؤقّت بالطبع, للسرّاج وعقيلة صالح وخليفة حفتر وانتصاراً واضحاً لإردوجان شخصياً, فإن ما لفت وسط الترحيب الذي قوبلت به نتائج المُلتقى, هو تصريح مُستفِز أدلى به ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي, جاء فيه: إن الحكومة الليبية «الجديدة» تدعَم دور أنقرة في ليبيا, ولا تُعارِض الوجود العسكري التركي في البلاد.

أحدٌ في العالم لم يسمع تصريحاً واحداً في هذا الإتجاه, ادلى بها أركان الحكومة «الإنتقالية» الجديدة التي لم تتشكّل بعد, ولم تحصل (إن حصلتْ) على ثقة مجلس النواب, الذي لم ينعقد في دورة «كاملة» منذ العام 2014 ما بالك الآن, بعد أن عاد ممثلو التيار الإسلاموي إلى «الحُكم» في طرابلس؟.

لم يتوقّف أقطاي عند ذلك, بل ذهب بعيداً إلى القول في تبريرات مُتهافِتة: «إن الاتفاقيات التي كانت عقدتها تركيا مع حكومة الوفاق الليبية السابقة برئاسة السراج والوجود العسكري التركي في ليبيا, لن يتأثران باختيار الحكومة المُؤقتة الجديدة».

ثم…وهذا يُذكِّرنا بإعلان سابق لإردوجان يتحدّى فيه كل الأعراف والقوانين بقوله: إن الجيش التركي «باقٍ» في سوريا ولن ينسحب أبداً, لأنه جاء بطلب من الشعب السوري، ولن يخرج منها إلا بطلب منه.

على خطى رئيسه سار أقطاي ليُضيف: تركيا تتواجد في ليبيا بدعوة من الشعب الليبي وحكومة الوفاق..والحكومة المُؤقتة لا تُعارِض هذه الاتفاقيات ولا الوجود التركي في البلاد، بل على العكس «تدعم» الدور التركي هناك.

لم يكتفِ المستشار الرئاسي التركي بذلك, بل حسم المسألة على نحو لا يقبل التأويل: الإتفاقيات التي أبرمتها تركيا مع حكومة الوفاق الليبية هي اتفاقيات «دولية».. ولن تتأثر بمواقِف الحكومات الأخرى.

فهل ثمّة دلائل أوضح من ذلك, تزيد التوقّعات بان ليبيا مُقبلة على سنوات أخرى من العنف وفوضى الميليشيات والتدخّلات, بعد استقرار (إقرأ إستعمار) العثمانيون الجُدد فيها مع مُرتزقتِهم وأتباعهِم من تيارات الإسلام السياسي، ناهيك عمّا سيُرافِقها من توتّر وتجاذُبات دولية وإقليمية…على حساب ليبيا وشعبها,علاوة على احتمال….«عدم» إجراء انتخابات 24/ 12/ 2021 الهادفة إفراز سلطة «دائِمة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى