إسرائيل ستأتي بـ«مدعٍ عام» للجنائية الدولية… على «مقاسِها»* محمد خروب

النشرة الدولية –

من المُبكر جداً «الاحتفال» بقرار المدعية العامية للمحكمة الجنائية الدولية «بنسودا».. اعتبار الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وغزة جزءاً من ولايتها, ما يفتح الطريق (إن فُتِحَ أصلاً) امام تحقيقات حول جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان, التي قارفها جيش الاحتلال الصهيوني بقرارات من المستويين السياسي والعسكري.

وعلى ضوء القاعدة الذهبية التي تمسّك بها مسؤولو الكيان… ساسةً وعسكريون, أن «إسرائيل أن لا تترك أمورها للصدفة»، فإن العاصفة الإعلامية الضارية التي أطلقتها تل أبيب والمصحوبة بتصريحات غاضبة مُنذِرة من مغبة المضي في تنفيذ قرار مُعادٍ للسامية كهذا وفق نتنياهو, الذي ركَّز على أن «فلسطين» ليست دولة, إضافة إلى أن «إسرائيل الدولة ذات النظام الديمقراطي المتين, التي تُقدِّس سلطة القانون, على ما زعم رئيس الحكومة الفاشية/العنصرية ليست عضوا في المحكمة، فإن ما باشرته إسرائيل بعد صدور القرار, يجب أن يستوقِف الجانب الفلسطيني الذي وصفَ قرار المحكمة بـ«الانتصار التاريخي» وراح مسؤولو الفصائل وقادة السلطة يبثّون آمالاً عريضة, نحسب أنه لم يحن بعد البناء عليها وضخّ المزيد من التفاؤل, في ظل التراجع الذي تعيشه القضية الفلسطينية على أكثر من صعيد إقليمي وعربي, ما يُنذِر بمزيد من الصدمات التي وصلت ذروتها صيف وخريف العام الماضي.

متابعة وسائل الإعلام الصهيونية خاصة قنوات شبكة الأخبار «كان», يلحَظ شروع تل أبيب بحملة دبلوماسية شملت معظم دول العالم,انخرطت فيها مراكز أبحاث على رأسها تلك المتخصصة في الأمن القومي, وضع باحثوها سيناريوهات لمواجهة القرار, الذي إن بدأت المحكمة تنفيذه, فسيحمل أبعاداً خطيرة على شخصيات سياسية وأخرى عسكرية, فضلاً عما سيُلحقه بسمعة إسرائيل من أضرار, ويُطيح أكاذيبها المؤسطرة حول «طهارة» سلاح جيشها وأخلاقيته…وتُرّهات أُخرى.

ولنتوقف هنا عند ما كشفته صحيفة «يديعوت احرونوت», حول سعي تل أبيب باقتراب مغادرة المدعية العامة «بنسودا» موقعها حزيران القريب, ورغبة نتنياهو والدوائر ذات الصلة في ايجاد آليات ومُقاربات, للضغط على الدول أعضاء المحكمة الدولية, لترشيح شخصية «براغماتية»– وفق الصهاينة – «لا» تتبنّى وجهات نظر سياسية, كما «بنسودا», والعمل (إسرائيلياً) للحؤول دون وصول مدعٍ عام مُتعاطف مع الفلسطينيين, كالإيرلندي بيرغال غاينور, فيما تُفضِّل إسرائيل تساندها واشنطن ولندن, وصول المحامي «البريطاني» كريم خان, حيث قالت يديعوت: إن بمقدور تل أبيب ضمان ايصال خان. ما قد «يُفرمِل» قرار بنسودا, رغم أن الصحفية قلَّلتْ من أهمية قرار «الجنائية» حول ولايتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة, قائلة: إنه على المستوى العملي تقول دوائر قانونية: إن المدعية العامة بنسودا «لم» تُقرِّر تحقيقاً ضد إسرائيل، بل تلقّت فقط الضوء الأخضر, في أن تقرَّر لها الصلاحيات لفتح التحقيق, والكرة الآن في يديها فقط».

فهل تبدأ بنسودا تحقيقاتها؟ أم تترك الأمر لخليفتها الذي قد تأتي به إسرائيل؟ وعندها تخضع المسألة لتقدير المدعي العام الجديد, وتدخل دهاليز التأجيلات وتضارب المصالح, وإعادة الجدل حول ما إذا كانت فلسطين دولة أم لا؟ فيما يواصِل العدو جرائمه وارتكاباته البشعة؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button