الأصدار الأول عن “نساء الربيع العربي”
النشرة الدولية –
خمسون سيدة حاورتهن الصحفية والباحثة الليبية فاطمة غندور في كتابها “نساء الربيع العربي” في الفترة ( 2011-2020) الموثق لأصواتهن النسوية مع ماعاشته بلدان عربية من لحظة انتفاضاتها ثم المآلات العسيرة ،غندور في مشروعها الراصد بأسئلتها عن مفاعيلهن في لحظة تاريخية مفارقة ، و السيروي لهن الذي جعلته منسابا في حوارات تمس مسيرة نضالهن، منذ لحظة خروجهن في ميادين الثورات، وحتى فعل استبعادهن، بل وتهديدهن من تيارات متطرفة استخدمت العنف، وقد برزن وظلت ومازالت مواقفهن ومطالبهن التي دفعن من أرواحهن، دماء، وهجرة ولجوء، وتكتب غندور أنها نشرت حوارتها معهن دون مقص الرقيب، بجريدة ميادين (صدرت ببنغازي مايو 2011) وذلك ما تحقق لأول مرة، عن كل اصدارتها السابقة، ومن مقدمتها بالكتاب: ” نوثق كي نبحث وندرس،هن الفاعلات في الميادين، ومنها أمكنة الخطر، وسط الناسفي عواصم ومدن أطراف،لم يكُن المُنظرات فوق المنابر!،بل المُشكِلاَت ما بحاجة لنظر..حديثهن هنا دون محظورات،وبعيدا عن مختنقات القهر والحجب والاقصاء،أتيح فيه أن تحضر الانا الحرة مزيحة بانتفاضتها الانا المقموعة،وحيث شاهدنا كما لم نشاهد قبلا المرأة في منطقتنا، المقدامة بخيارها وإرادتها، وأنها في المقدمة،وكما لم نشهد رأينا عملا حثيتا لقمعهن بحجبهن وتخميرهن، بل وجعلهن كبش فداء يطاردهن ملك الموت المتطرف عدو الحياة.
حديث النساء في ربيعهن:
أول رئيسة منتخبة لحزب فلسطيني “زهيرة كمال” القيادية العتيدة في نشاطها السياسي والمدني، تروي عقود من سيرتها، بواكير خروجها طالبة في مظاهرات بفلسطين وحين حُقق معها بالاردن،ثم بالقاهرة اثناء دراستها، ومن منطلق ايمانها ان النضال النسوي هو نضال سياسي، وتبدي رأيها في مطالبات اخذت منحى انتقامي شابت انطلاق الانتفاضات، كقانون العزل السياسي، الذي ثقله فيه تكرار لوضعية ديكتاتورية. ومن جيل لاحق الناشطة فكتوريا شكري تتحدث عن نضال المرأة الفلسطينية، وعن تحديات تواجه المرأة كشريكة في النضال،منها تعددالوضع القانوني للمرأة ،قوانين تحكم النساء في غزة غيرها في رام الله،كما مساحة الفاعلية المتاحة مع عوائق الاحتلال المجحفة للحق الفلسطيني، وفي سيطرته على الموارد،على الحدود،حيث حواجز الجدار العازل قاصمة لكل مبادرات نساء الداخل الفلسطيني.
ومن السودان الناشطة المدنية منال عبد العظيم ،و تحكي قصة أثر متغير الربيع العربي لحظة بزوغه في مصر، حين ترك كل المراسلين _عدا واحد_ مدينة “جوبا” منطلقين الى ساحة التحرير بالقاهرة، وتفصل منال عن وضعية المرأة السودانية رغم حراكها المبكر سياسيا في النشاط الحزبي ،فالحروب المتلاحقة وفصل الشمال عن الجنوب ،مع خذلان دستور 2005 رغم وثيقة الحقوق به، لتطلع النساء للانتخابات، لكن تحديد الكوتا ب 25% ادى الى تقليص فرص النساء وغالب الحزب الحاكم وقدم تشكيلته مامثل وقتها هيمنة سلطوية متواصلة لواقع العمل السياسي.
ومن المغرب حاورت غندور السجينة السياسية فاطمة البويه، مبرزة سيرتها في العمل السياسي مذ كانت طالبة في السبعينيات، ثم انخراطها بالعمل النقابي، وكان اعتقالها الاول عام 1974،وتعرض بالحوار خطوطا عريضة لكتاب سيرتها “حديث العتمة” الذي صدر بالفرنسية بعنوان: أمرأة اسمها رشيد”،البويه تعتبر أن انطلاق انتفاضات الربيع العربي عام 2011، فتح باب انفراجة دستورية لحراك مدني قبلها ظل ميؤوسا من تحققه. وبالكتاب من المغرب سيرة وتاريخ الناشطتين في الفكر والعمل المدني خديجة صبار،ومنيا حوجيب.
ومن سوريا جاءت أصواتهن متباينة في آرائهن ومواقفهن من الثورات، انبثاقها ومآلاتها حتى وغندور تجمعهن تحت عنوان: أصحاب السلاح لن يجلبوا لنا دولة، هن :أمل نصر، غيداء العودات، منى الغانم ،رانيا قدورة،وإن كانت أمل نصر من سوريات الداخل تعلن عن انخراطها لأول مرة في هيئة تعمل على تمكين المرأة سياسيا، وتذهب الى دعوة لحوار سوري / سوري تنخرط فيه النساء من مختلف الاطياف والتيارات _ سواء موالية أم معارضة_ لأجل صنع سلم أهلي بين كل الاطياف السورية .
من مصر المدربة المختصة عربيا والمعتمدة دوليا في مجال الامن والسلامة للصحفيين في مناطق النزاع والتوتر، الكاتبة الصحفية عبير السعدي كانت على الارض تراسل وسط مواقع الخطر وتكتب من العراق و ليبيا وتونس واليمن وتايلاند، وعن رأيها الذي ينبض من واقع تجاربها حيث العنف لايصدر فقط من السلطة الغاشمة التي حكم ،بل قد يكون رد فعل الضحية تجاه جلادها!، قالت: المجتمعات في المراحل الانتقالية تظهر قبحها.
من الاردن تجيء تجربة المسرحية، أسماء مصطفى، وأعمالها التي تطرح سؤال المرأة وشواغلها وتابوات ظلت كجدار يسد بوجهها في اعلان ذاتها الفاعلة بما تريد، أسماء كاتبة وممثلة ومخرجة حصدت جوائز ببلدها وخارجه، تروي مسيرتها وعوائق عمل المرأة بالمسرح في أوطاننا العربية.
الشابة الصحفية ومراسلة القناة الاخبارية التونسية، نورا مجذوب ،والتي عاشت طفولة مفارقة كشاعرة وكاتبة لها مشروع ” الصحفي الصغير” ،ثم اتيح لها مع ثورة الياسمين ان تحصل على تدريب صحفي مستقل ،وانشغلت بالمدن الاطراف مبرزة عبر وثائقيات كتبت سيناريوتها وصورتها كما وقرأت تعليقها،وقد حصدت الجائزة الاولى لصندوق الامم المتحدة للسكان والتنمية،وهي تنقل حكاية امرأة من بنزرت تصنع الفخار فتتمكن من تدبير حياتها وحياة ابنائها وسط ظروف الثورة التونسية، نورا تقدم نظرتها لما بعد متغير الثورات مامثل مطالبات الشباب التي ظلت عصية على التحقق.
من ليبيا فاطمة التايب أول سجينة سياسية (1984-1988) تُعاقب لانتمائها الحزبي في ظل سلطة تقنن عقوبة الاعدام لكل من يدعو لأقامة حزب!ثم منعها من اكمال دراستها والعمل والسفر،وهي ذات مصاعب مورست على المناضلة فوزية خريبيش،والسجينة سكينة الحارس من تعالج مقاتلا من الثوار 2011م ، فتلقى عند اعتقالها صنوفا من التهديد والتعنيف دون مقاضاتها أو توكيل محامي لها،وبالكتاب حوارات مع سياسيات انخرطن لأول مرة في تاريخ ليبيا كمترشحات بالبرلمان 2012 ،ومصاعب وعوائق ممارستهن السياسية ،أوتوليهن لمناصب:هاجر القايد، سعاد سلطان،صالحة اشتيوي. آمال بوقعيقيص، ايمان بن يونس،هناء القلال.
وترصد غندور بسؤالها الرئيس عن الانتفاضات مسبباتها ومآلاتها بعين نسوية،موقف ورأي صحافيات، ومسؤلات دوليات دخلن دول المتغيرات في سنوات انتفاضتها، ونزلن في مناطق حراكها السلمي ثم نقلته المسلحة، سوازييك دوللي، رئيسة منظمة مراسلون بلا حدود، انيك كوجان مسؤولة الاستطلاعات بمجلة لموند الفرنسية، والصحفية الايطالية أوتافيا ماسيمو، وكلوديا غازيني التي تسرد مقابلتها لدواعش بمدينة درنة الليبية، وقد كانوا من جنسيات متعددة.
الكتاب الصادر عن ميادين الليبية للصحافة والنشر (فبراير 2020)، يُقارب 600 صفحة، يقدم سيرة فاعلة لنساء ملهمات، أصواتهن نسمعها عبر فصول الكتاب المعنونة: رائدات، سجينات، حقوقيات، سياسيات، باحثاث،صحافيات، ناشطات المجتمع المدني،في الفنون والرياضة.