الغضب على مقتل الجنود الأتراك.. تحشيد يهدد “حزب الشعوب” بالحظر

النشرة الدولية –

الحرة –

تشهد الأوساط الداخلية التركية منذ يومين حشدا مضادا غير مسبوق ضد “حزب الشعوب الديمقراطي” المعارض، ورغم أنه ليس الأول من نوعه، إلا أن ما يميزه الآن هو التوقيت.

 

وجملة الاتهامات التي وجهها مسؤولون في الحزب الحاكم وآخرون حلفاء تتعلق بارتباط الأخير بـ”حزب العمال الكردستاني” المصنف على قوائم الإرهاب، واعتباره واجهة سياسة له.

 

ما سبق هو ارتداد لحادثة مقتل 13 جنديا تركيا في منطقة غارا بالعراق، وحسب ما قالت وزارتا الدفاع والداخلية التركيتين، إنهم “أعدموا ميدانيا في كهف على يد مقاتلي حزب العمال”، بعد فشل محاولات إنقاذهم، طوال السنوات الأربع الماضية.

 زعيم حزب الشعوب الديموقراطي صلاح الدين دمرتاش يخاطب المتظاهرين
السلطات التركية كانت قد زجت بزعيم حزب الشعوب الديموقراطي صلاح الدين دمرتاش في السجن

وتتهم حكومة الرئيس، رجب طيب إردوغان، “حزب الشعوب الديمقراطي” بوجود صلات له مع “حزب العمال الكردستاني” (pkk)، ما أدى لمحاكمة الآلاف من أعضائه وبعض قادته في السنوات الماضية، لكن الحزب الكردي ينفي وجود هذه الصلات.

ويعتبر “حزب الشعوب” ثاني أكبر مجموعة معارضة في البرلمان التركي، وينضوي في “تحالف الأمة”، إلى جانب “حزب الشعب الجمهوري”، و”حزب الجيد”.

وحسب ما اطلع “موقع الحرة” خلال اليومين الماضيين على مواقف المسؤولين في الحزب الحاكم (العدالة والتنمية)، وحليفه ” (الحركة القومية) فقد أشارت في معظمها إلى إمكانية التوجه لحظر الحزب، إلى جانب الإقدام على عزله سياسيا وإطباق الخناق عليه أمنيا.

اعتقالات كمرحلة أولى

في أول تحرك عقب الإعلان عن حادثة إعدام الرهائن الأتراك أعلنت وزارة الداخلية التركية اعتقال718 شخصا بينهم قياديين في “حزب الشعوب”، للاشتباه بارتباطهم بـ”حزب العمال”.

وقالت الوزارة في بيان لها إنه تمت “مصادرة عدد كبير من الأسلحة والوثائق والمواد الرقمية الخاصة بالمنظمة الإرهابية خلال مداهمات”، موضحة أن العمليات شملت 40 مدينة في البلاد، ولا تزال مستمرة.

مناصرون لحزب "الشعوب الديمقراطي" يحتلفون بفوز مرشحي الحزب في الانتخابات المحلية في دياربكر في مارس 2019
مناصرون لحزب “الشعوب الديمقراطي” يحتلفون بفوز مرشحي الحزب في الانتخابات المحلية في دياربكر في مارس 2019

ما سبق من اعتقالات جاء بموازاتها تصريحات للرئيس إردوغان هاجم فيها بقوة “حزب الشعوب”، معتبرا أن كل ما يحاول تشكيل واجهة سياسية لـ”العمال الكردستاني” أو التغطية عليه في البرلمان أو القيام بدعاية مساندة له عبر مواقع التواصل الاجتماعي “هو شريك في جريمة قتل المواطنين الـ13 ويداه ملطخة بالدماء”.

وإلى جانب ذلك نشر رئيس دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية التركية فخر الدين ألطون فلما قصيرا بعنوان “الشعوب الديمقراطي يعني العمال الكردستاني”، وحاول من خلاله إيصال رسالة للغرب بأن الشعوب الديمقراطي “تنظيم إرهابي يعمل جنبا إلى جنب مع العمال الكردستاني”.

“الحليف يهدد مجددا”

لم تقتصر التهديدات والاتهامات الموجهة لـ”حزب الشعوب” على “العدالة والتنمية” فقط، بل انسحبت إلى حليفه في “تحالف الجمهور” “حزب الحركة القومية”، والذي يعرف بلهجته العدائية ضد الحزب الكردي، وسبق وأن طالب مرارا بحظره بشكل كامل.

وفي اجتماع أمام الكتلة الحزبية للحركة القومية الثلاثاء دعا زعيم الحزب، دولت باهشتلي، إلى تصفية نواب “حزب الشعوب” وعزلهم من البرلمان التركي، وإغلاقه بشكل كامل “دون إضاعة مزيد من الوقت”.

 وأضاف باهشتلي: “من الآن فصاعدا، أعتقد أن استراتيجية مكافحة الإرهاب لن تكون كما كانت قبل غارا، داعيا الحزب الحاكم بالقول: “إذا لم يتم تصفية النواب الذين يدعون لتقسيم الأمة والذين اتهموا تركيا بتدبير مجزرة كارا من قلب البرلمان اليوم فمتى سيحدث ذلك؟”.

وبالتزامن مع ذلك، فتح المدعي العام في العاصمة أنقرة تحقيقا بحق اثنين من نواب “حزب الشعوب” في البرلمان بتهم تتعلق بكتابات تحريضية حول عملية غارا شمالي العراق، في إطار تحقيقات أوسع فتحت بحق عدد كبير من مسؤولي وعناصر الحزب الذين اتهموا بالترويج لكتابات وروايات داعمة لـ”حزب العمال”.

في حين هاجم وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو نائبة في الحزب الكردي خلال جلسة للبرلمان الثلاثاء، واتهمها بالذهاب إلى منطقة غارا في العراق في وقت سابق خلال السنوات الماضية.

خطة للإضعاف

تشير جميع التكهنات والتقديرات إلى أن حكومة الرئيس التركي تعمل حاليا على خطة لإضعاف “حزب الشعوب”، وخاصة داخل المشهد السياسي للبلاد وضمن أحزاب المعارضة ككل، وتعتبر تداعيات حادثة غارا في العراق البوابة لتحقيق ما سبق.

الخطة ووفق مراقبين ستكون على مراحل تبدأ مع تضييق أمني، تمهيدا لنشاطات خارجية تجاه “حزب العمال”، على أن تبقى المعادلة الرئيسية في كيفية تعاون أحزاب المعارضة “والعدالة والتنمية” في ذلك.

وكان وزيرا الدفاع والداخلية التركيين خلوصي آكار وسليمان صويلو قد أجريا زيارة، الثلاثاء، إلى “حزب الشعب الجمهوري” و”حزب الجيد”. هي أحزاب متحالفة مع الحزب الكردي ضمن “تحالف الأمة”.

وجاءت الزيارة لاطلاع الحزبين المعارضين على تفاصيل العملية العسكرية في شمال العراق وفشل إنقاذ الرهائن، وكان لافتا أنها استثنت “حزب الشعوب”.

ووفق ما فسّره مراقبون فإن الزيارة تعتبر تمهيدا لخطوات مستقبلية ولضمان تأييد المعارضة لعملية عسكرية في سوريا أو العراق، ومن جهة أخرى قد تكون من أجل تشديد القبضة على “حزب الشعوب” داخليا، ولإضعاف العلاقة التي تربطه مع باقي أحزاب المعارضة.

كيف ردت المعارضة؟

في مقابل ما سبق شككت أحزاب المعارضة التركية في رواية الحكومة بشأن مقتل المواطنين الأتراك في منطقة غارا، وانطلقت بذلك من التضارب في الروايات حول هوية القتلى، والذين أعلن أنهم مدنيون أولا، ومن ثم اتضح أن عشرة منهم من العسكريين.

وقال زعيم “حزب الشعب الجمهوري” المعارض، كمال كلشدار أوغلو، في كلمة له أمام نواب الحزب في البرلمان التركي الثلاثاء موجها حديثه لإردوغان: “ماذا فعلت خلال خمس سنوات ونصف السنة الماضية لإنقاذ هؤلاء الجنود من قبضة حزب العمال الكردستاني عندما كنت رئيسا للوزراء أو رئيسا للجمهورية؟. من يتحمل المسؤولية عن فشل العملية ومقتل الأتراك الثلاثة عشر؟”.

وطالب النائب عن الحزب ولي أغبابا، من أخطأ في تنفيذ عملية الإنقاذ بتحمل مسؤولية أخطائه، وأضاف أن “الحزب الحاكم يحاول أن يستغل ما حدث لتحقيق مكاسب سياسية كما يبدو من تصريحاته”.

بدوره أدلى “حزب الشعوب” ببيان نشره على معرفاته الرسمية اتهم فيه السلطات التركية بأنها عرضت حياة مواطنين أتراك للخطر بعمليتها في العراق.

كما دعا “حزب الشعوب” “حزب العمال الكردستاني” إلى الكشف عن ملابسات مقتل الرهائن الأتراك، وإطلاق سراح الرهائن المتبقين لديه.

طرح ملف الحصانة

إلى جانب ما تشهده الأوساط التركية من تصعيد غير مسبوق ضد “حزب الشعوب”، ترددت أنباء عن نية الحكومة التركية التوجه إلى طرح مسألة رفع الحصانة عن نواب الحزب الكردي، في الأيام المقبلة.

وذكرت صحيفة “جمهورييت” المعارضة الأربعاء أن حديث زعيم “الحركة القومية”، دولت باهشتلي يكمن ورائه “تحرك الحكومة لإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي”.

وكخطوة أولى، تضيف الصحيفة: “سيتم طرح ملخص بشأن نواب حزب الشعوب الديمقراطي في اللجنة المشتركة”، وتتابع: “بعد إسقاط الحصانات ستبدأ المحاكمة على أساس دعم الإرهاب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى