الرئيس الأمريكي يصعد حرب التصريحات ضد الاحتياطي الفيدرالي
على مدار أربعة أشهر انتقد ترامب سياسات الاحتياطي الفيدرالي
النشرة الدولية –
على مدار 4 أشهر انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي 6 مرات، في إطار رفضه الحاد لسياسة رفع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة.
وعبر السنوات لم يكن تدخل رئيس الولايات المتحدة في سياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي بالأمر المألوف لكونه هيئة مستقلة في قراراتها، كما أن ترامب ينتقد سياسات البنك الذي يرأسه جيروم باول والذي اختاره بنفسه لهذا المنصب.
وعند انتهاء فترة ولاية جانيت يلين في مطلع العام الجاري زادت الاعتقادات بأن الاختيار وقع على باول تحديداً لعدم تفضيله عمليات الزيادة الكثيرة لمعدل الفائدة والتي يعارضها ترامب.
لكن الأمور سارت بعكس ما يرغب الرئيس الأمريكي ونفذ الفيدرالي ثلاث عمليات زيادة لمعدل الفائدة في العام الجاري، مع توقعات زيادة أخرى قبل نهاية العام، إلى جانب تقديرات برفع سعر الفائدة 3 مرات في العام المقبل.
وبدأ انتقادات ترامب لبنك الاحتياطي الفيدرالي في يوليو الماضي، وذلك بعد قرار الفيدرالي بأسابيع لزيادة معدل الفائدة عند مستوى يتراوح بين 1.75% إلى 2%.
وقال ترامب وقتها إنه غير متوافق في الآراء مع جيروم باول، “كل مرة يرتفع فيها الأداء الاقتصادي للبلاد فإنهم يريدون زيادة معدلات الفائدة مجدداً”.
وعلى الرغم من تأكيد دونالد ترامب وقتها على إنه يترك المساحة لصناع القرار بالمركزي في اتخاذ قرارتهم إلا إنه بعد ذلك بشهر جدد انتقاده لسياسات البنك.
وفي أغسطس الماضي أعلن ترامب أنه لا يشعر بالسعادة تجاه رفع أسعار الفائدة الأمريكية، مشيراً إلى ضرورة أن يكون البنك أكثر تعاوناً.
وشهد شهر أكتوبر الجاري انتقادات متكررة لرئيس الولايات المتحدة لسياسة البنك المركزي لبلاده حيث قال إنه لا يحب قراراته المتعلقة بمواصلة رفع معدل الفائدة.
أما أكثر هذه الانتقادات عنفاً فكانت عندما وصف ترامب الفيدرالي بـ”الجنون”، حيث ذكر أنه “يفعل أشياءً خاطئة وتشددي للغاية.
وبعدها بساعات قال ترامب إن البنك صارم إلى حد بعيد، لكنه أكد في الوقت نفسه على أنه لن يقيل رئيسه جيروم باول لكنه محبط، “أدفع أسعار فائدة مرتفعة بسبب الفيدرالي”.
وكرر الرئيس الأمريكي هجومه على الفيدرالي مؤخراً، مشيراً إلى أنه قد يكون نادماً على اختيار باول رئيساً للاحتياطي الفيدرالي.
رد فعل الفيدرالي
وعلى الرغم من الانتقادات المتكررة للرئيس الأمريكي للبنك المركزي، إلا أن الفيدرالي لا يعير تلك التصريحات أي اهتمام، فهو مستمر في سياسته التشددية، سواء على صعيد القرارات أو التوقعات.
وبالرغم أن البنك لم يصدر بيانا رسميا للرد على تلك الانتقادات إلا أن بعض أعضائه أدلوا بتصريحات تفيد وجهة نظر البنك بشكل عام.
وقالت رئيسة المركزي الأمريكي في ولاية كانساس سيتي “إستر جورج”، و”روبرت كابلان” رئيس بنك الاحتياطي في ولاية دالاس إن تعليقات ترامب بشأن السياسة النقدية لن تؤثر على قرارات رفع معدل الفائدة.
وأضافا أن مهمتهم في بنك الاحتياطي الفيدرالي هي اتخاذ قرارات بشأن السياسة النقدية، والإشراف دون النظر إلى الاعتبارات السياسية، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن التعبيرات عن القلق بشأن معدلات الفائدة المرتفعة ليست جديدة بالنسبة لهذه الإدارة.
فيما أعلن “تشارلز إيفانز” رئيس الفيدرالي في شيكاغو أن انتقادات ترامب لسياسات البنك مقبولة، “لكننا مستمرون في رفع معدلات الفائدة”.
وفي تصريحات له بالشهر الماضي قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي إن سياسة البنك نحو الزيادة التدريجية لمعدل الفائدة لإعادته إلى مستواه الطبيعي يساعد في الحفاظ على استمرار نمو اقتصادي مستدام.
ومن جانبه، قال جاسبر لاولار رئيس الأبحاث بشركة “لندن كابيتال” في مذكرة إن انخفاض الثقة في الوقت الحالي كان يمكن تهدئته بقيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيف التشديد النقدي، “لكن البنك أظهر مزيداً من الثقة في وجه عدم اليقين داخل السوق، ونحن لا نتوقع أي تغيير في تلك النبرة”.
لماذا ينتقد ترامب سياسات الفيدرالي؟
أما الأسباب وراء رغبة ترامب في الإبقاء على معدلات الفائدة منخفضة فهي متعددة بين مخاوفه من نتائج الحرب التجارية وأثرها على النمو الاقتصادي، إلى جانب الرغبة في خفض قيمة الدولار، وتنشيط النمو الاقتصادي.
وإبقاء الدولار الأمريكي عند مستويات منخفضة يأتي مع تخفيض معدل الفائدة والعكس صحيح، وبالتالي فإن الدولار المنخفض يساعد في جعل صادرات الولايات المتحدة أرخص والواردات أكثر تكلفة ما يدعم الميزان التجاري.
كما أن معدلات الفائدة المتراجعة يساهم في مكافحة الضرر الاقتصادي الناجم عن الحرب التجارية، حيث أن معدلات فائدة منخفضة تعزز الاقتصاد وتساعده على تجاوز أي تباطؤ قد ينتج عن المشاكل التجارية.
من جانبه، قال الاقتصادي الأمريكي جيم كارمر إنه يتفق مع الرئيس ترامب في أن الاحتياطي الفيدرالي يحتاج إلى أن يكون أقل تشدداً “حتى لو أنه لم يكن ينبغي عليه أن يقول تلك الأشياء السيئة في العلن لأنه يجعل الأمر أكثر صعوبة”.
وتابع: “عندما تنظر إلى الاقتصاد الآن ستبدأ في رؤية مشاكل حقيقية”.
كما أن انتقادات ترامب لمعدل الفائدة زادت مؤخراً مع التراجع الحاد الذي تعرضت له سوق الأسهم الأمريكية، وأرجع البعض ذلك إلى القفزة في عوائد السندات الأمريكية عند أعلى مستوى في سنوات.
وكان ترامب قد ألقى باللوم على الفيدرالي وسياسية رفع معدل الفائدة في الهبوط الحاد الذي شهده سوق الأسهم الأمريكي خلال الشهر الحالي.
ودافع لاري كودلو مستشار ترامب الاقتصادي عنه حيث ذكر إنه لايقصد بانتقاداته الأخير دعوة الفيدرالي لانتهاج سياسة محددة، “هو لديه وجهات نظر لكنه لايقولها لهم”.
وأشار إلى أن ترامب لا يقول لهم “غيروا خططكم أو أفعلوا ذلك بطريقة مختلفة”، مؤكداً أن الرئيس الأمريكي لايفعل مثل تلك الأشياء، “فهو يعرف أن الفيدرالي مستقل ويحترم ذلك”.
رفض عالمي لتصريحات ترامب
لاقت تصريحات ترامب رفض من قادة الاقتصاد في العالم، حيث أكدت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد على أن البنك يعمل وفقاً لطريقة محددة، كما أن أعضاء المجلس جادون للغاية، ورفضت تصريحات ترامب التي وصفته بالجنون.
من جانبه صرح رئيس بنك إنجلترا مارك كارني بأن جيروم باول شخص يفهم مكونات الأنظمة المالية العالمية والأمريكية، “تلك ميزة غير معقولة للنظام في الوقت الراهن بأن تجد شخص في منصبه لديه مستوى الخبرة التكنوقراطية.
من جانبه أعلن رئيس بنك “ستاندرد آند تشارتد” أن استقلالية البنك المركزي واحدة من أكبر المعارك على مدار الـ25 سنة الماضية.
وأضاف جوس فينال أن حماية مصداقية سلامة البنوك المركزية هي مصلحة عامة بالغة الأهمية وهذا أمر يجب الاعتزاز به، “لاسيما من جانب القادة السياسيين “.
أما رئيس بنك “يو.بي.إس” أكسل ويبر فقال إن الطريق الذي يسير فيه الفيدرالي الأمريكي صحيح، مشيراً إلى أن كمية الزيادات في معدل الفائدة التي يخططون لها في العام الجاري و2019، “تبدو صحيحة للغاية بالنسبة لرئيس بنك مركزي سابق مثلي”.