جائحة كورونا سرعت من التغيير في عادات الشرب… الحانات تستقطب زبائنها بمشروبات خالية من الكحول

النشرة الدولية –

يجمع بين عدد متزايد من الحانات حول العالم اتجاه جديد يقدم مشروبات روحية للبالغين دون كحول مثل الكوكتيلات المصنوعة يدويا دون نبيذ، وهي خطوة تستقطب المزيد من الفضوليين.

ويمكن للزبائن في “نون ألكهول إكسبيرينس”، الحانة المستقبلية في طوكيو، احتساء مزيج من النبيذ الأبيض غير الكحولي و”الساكي” والتوت البري من كأس على حوافها قطع من السكر.

واجتمع الزبائن في إحدى الأمسيات الأخيرة في “سانس بار” في أوستن عاصمة ولاية تكساس الأميركية، على طاولات في الهواء الطلق، واستمتعوا بالموسيقى الحية وزجاجات “المزر” الخالية من الكحول والمشروبات مثل الموكاريتا بالبطيخ، المصنوعة من بديل التيكيلا.

ولا تعدّ الحانات المقدمة للمشروبات الخالية من الكحول ظاهرة جديدة، فقد ظهرت لأول مرة في القرن التاسع عشر كجزء من حركة الاعتدال، ولكن في حين أن المحاولات السابقة كانت موجهة نحو الأشخاص الذين لا يشربون الخمر أو الذين يتعافون من إدمانه، فإن الأماكن الأحدث ترحب بعدم الراغبين في احتساء الكحول وكذلك بالفضوليين.

وقال كريس مارشال مؤسس “سانس بار”، “يرغب الكثير من الناس في شرب كميات أقل من الكحول”. وافتتح مارشال الذي لم يشرب الكحول منذ 14 عاما، الحانة بعد أن عمل مستشارا للإدمان، إلا أنه يقدر أن 75 في المئة من زبائنه يشربون الكحول خارج الحانة الخاصة به.

وأكدت سوندرا برينو وهي زبونة منتظمة في” سانس بار” أن “الأمور أسهل.. ولا داعي للقلق بشأن ترك سيارتي هنا والحصول على خدمة أوبر للوصول إلى منزلي، كما أنني سأستيقظ من دون صداع”.

ولفت براندي راند مدير العمليات في الأميركيتين في “آي.دبليو.أس.آر درينكس ماركت أناليسيس”، إلى أن تحديات الامتناع عن استهلاك الكحول مثل دراي جانري (يناير الجاف وهي حملة بدأت في عام 2013 تحث الناس على الامتناع عن الكحول في شهر يناير، ولاسيما في المملكة المتحدة)، والاهتمام المتزايد بالصحة والعافية، هما وراء هذا الاتجاه.

ووفقا لـ”آي.دبليو.أس.آر”، انخفض استهلاك الكحول في العام الماضي، في 10 أسواق رئيسية – بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا واليابان والبرازيل – بنسبة 5 في المئة، في حين ارتفع استهلاك المشروبات منخفضة الكحول أو الخالية منه بنسبة 1 في المئة في نفس الفترة الزمنية.

ولا يزال بيع الكحول يفوق كثيرا بيع المشروبات منخفضة الكحول أو الخالية منه، إذ استهلك الشاربون في تلك الأسواق الرئيسية 9.7 مليار علبة كحول سعة 9 لترات في العام الماضي، مقارنة بـ292 مليون علبة 9 لترات من المشروبات منخفضة الكحول أو الخالية منه.

إلا أن راند يشير إلى أن الاستهلاك العالمي للبيرة والنبيذ والمشروبات الروحية منخفضة الكحول أو الخالية منه ينمو مرتين إلى ثلاث مرات أسرع من الاستهلاك الكلي للكحول.

تحديات الامتناع عن استهلاك الكحول هي حملة بدأت في عام 2013 تحث الناس على الامتناع عن الكحول في شهر يناير

كما أدى إلى حدوث طفرة كبيرة في إنتاج المشروبات الجديدة في زيادة المبيعات، فهناك مشروبات من صانعين أصغر مثل “ريتيال زيرو بروف” في شيكاغو – الذي افتتح في عام 2019 ويصنع الويسكي الخالي من الكحول والجن والتيكيلا – وشركات كبيرة مثل “أنهايزر بوش”، التي قدمت “بدويايزر زيرو” الخالية من الكحول العام الماضي.

وقال دوغلاس ووترز الذي افتتح في نوفمبر الماضي متجر “سبيريتد أواي” في نيويورك المتخصص في بيع البيرة والنبيذ والمشروبات الروحية غير الكحولية، “لدي مشكلة رائعة تتمثل في وجود الكثير من الخيارات الرائعة”.

وأضاف ووترز أن الإغلاق بسبب فايروس كورونا جعله يعيد التفكير في نمطه المعتاد المتمثل في إنهاء كل يوم بكوكتيل. بدأ بتجربة المشروبات غير الكحولية، وبحلول أغسطس الماضي قرر فتح متجره.

وأوضح أن الزبائن تقصد متجره لأسباب متنوعة، إذ من بينهم من لا يريدون تناول الكحول أو يرغبون في التقليل منه، بالإضافة إلى أن قسما ممن يأتون إلى المكان يكونون إمّا نساء حوامل وإمّا أشخاص يعانون من مشاكل صحية، وإمّا يتدربون على سباقات الماراثون.

وأشار إلى أن “هناك الكثير من الناس، منذ العام الماضي وأكثر من أي وقت مضى، يفكرون بشكل نقدي في شأن ما يشربونه وكيف يجعلهم يشعرون”.

الحانات المقدمة للمشروبات الخالية من الكحول ظهرت لأول مرة في القرن التاسع عشر كجزء من حركة الاعتدال

وافتتح جوشوا جيمس وهو نادل مخضرم بعد فترة قضاها في “فريندشيب هاوس”، وهو مركز لعلاج تعاطي المخدرات، مؤخرا مقهى “أوشن بيتش”، وهو فضاء خال من الكحول في سان فرانسيسكو.

وأكد “أردت أن أزيل وصمة العار عن كلمات الإدمان والتعافي وعدم تناول الكحول.. هناك ألف سبب لعدم الرغبة في شرب الكثير”.

ويرى جيمس أن جائحة فايروس كورونا “سرعت من التغيير” في عادات الشرب لدى الكثير من الناس، لكنها أضرت أيضا بمشهد الحانة الناشئة غير الكحولية.

وأغلقت بعض الحانات، مثل “ذا فيرجن ماري بار” في دبلن و”زيروليك” في برلين، أبوابها مؤقتا بسبب اللوائح. وتحولت “غيت أواي” وهي حانة خالية من الكحول في نيويورك، إلى مقهى لمواجهة الوباء.

وأضاف المالك سام ثونيس أماكن جلوس في الهواء الطلق ويأمل في إعادة فتح البار هذا الربيع.

وبيلي وين الشريك في ملكية “أويك إن دنفر” يبيع أيضا القهوة وزجاجات المشروبات الروحية غير الكحولية من نافذة الوجبات الجاهزة في الوقت الحالي، لكنه يخطط لفتح الأبواب أمام حانة خالية من الكحول الشهر المقبل.

ويقول وين إن سعر المشروبات سيكون مشابها لما يقدم في الحانات العادية، مشيرا إلى أن الكحول رخيصة، لكن عملية استخراجها من بعض المشروبات تجعلها أغلى.

ويتقاضى موقع توصيل الكحول “دريزلي” 33 دولارا مقابل زجاجة 700 مليلتر من المشروب غير الكحولي “سيدليب سبايس 94”. وهو أغلى قليلا من سعر زجاجة 750 مليلترا من “آفيايشن جن”، والتي تباع مقابل 30 دولارا.

غير أن وين يعتقد أن الزبائن على استعداد لدفع ثمن حرفة صناعة المشروب التي تقدم كوكتيل أو نبيذ لذيذ سواء كان يحتوي على كحول أم لا. ولفت إلى أن حانته تستقطب شباب الثلاثينات والأربعينات، وأغلبهم من النساء، قائلا إن البعض منهم يخبرونه بأنهم كانوا بانتظار أن يفتح مثل هذا المكان. وأضاف “هذا النوع من الأشياء، ليس بدعة.. فالناس لا يستيقظون على التأثير السلبي للكحول”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى