من أجمل ما قرأت وبه تصرَّفت – النص 61… ندّابون على حوافِّ الَّتذمُّر* د. سمير محمد ايوب
النشرة الدولية –
في بلدٍ ما، يشبه كلّ بلدٍ عربي، في أمة تضحك من جهلها جُلُّ الامم، إثْرَ تناسلِ بَلاويها ومآسيها، قال قائلُها ناصحا بِعشرٍ:
أولا: لا تُمعِنوا في تأويل ما ترون وتسمعون أو تحسون به. بل حاولوا نسيانَّ أن مافياتَ التشليح والتشبيح قد أفرغوا بالشَّفط والَّلهط، جيوبَكم مِن فُتاتِ ما قد كان فيها. إضحكوا وأنتم تحاولون إعادة ضبط عدّادات حياتِكم، من جديد على الصفر، قبل أن تتجدد مآسيكم بالتدوير والتشظي.
ثانيا: إحتفظوا بالحُنقِ والغضب للعش الزوجي فقط. بين جدرانه والنوافذُ مُوصدةٌ، أكتبوا ما شئتم، ومرِّنوا حبالَكم الصوتية على الصراخ والشتم. فاذا ما واظبتَم على تمارين التذمر، ستتحولون إلى ندّابٍين محترفين، لن يسمعكم أحد سوى أهل بيوتكم.
ثالثا: إحلمْوا بما شئتم، إنما إياكم أن تُفشوا أحلامكم لأحد. فلا قيمةُ لأحلام المَنْسيين؟! فأنتم وإن كنتم موجودين في سجلات الأحوال المدنية، أصفارٌ نكِرَة على يسار كل المعادلات السياسية المحلية والإقليمية.
رابعا: إحرصوا على تعلِّيق شهاداتكم ومؤهلات مهاراتكم ، في حمّامِ الضيوف. ليتسنى لضيوفكم الوقت الكافي للتأمُّل بها عند قضاء حاجاتهم.
خامسا: أمّا عناقيد أسيادكم ومرجعياتكم في الخارج، وخارج الخارج، فلن يزعلوا منكم إن سمعوكم. ظنّا منهم أنهم لم يقصِّروا كثيرا معكم، وظّفوكم وأطعموكم وأمَّنوكم. فهم ينتظرون منكم وفاءَ الكلاب في حفظها للود. ولا تنسوا للحظة أنكم قد صفَّقتَم لِحماقاتهم وقاتلتَم. تذكروا أن الكثيرين منكم، صورةٌ مشوهة عنهم، لا بل والله أسوأ.
سادسا: لا تَغتَاظوا ولا تتغاضبوا، اذا ما تم اعتبار ايٍّ منكم سريرَ لذة، لممارسة النكاح السياسي فوقها. أكثر ما يمكن أن تأملوه، هو تغييرُ الشَّراشَف، ليمارسوا فحشائهم عليكم وانتم نظيفون.
سابعا: لا تَثُوروا ولا تتحركوا. أخرُجوا منَ الشوارع فهي ليست لكم. بعد أن خرجتم من التاريخ. إنتفضوا، لا على مرجعياتكم، بل على من تمونون عليه، من اليف القطط ومنْ أولادٍ قُصَّرٍ.
ثامنا: إبحَثوا عن عربي غريب في مَواطِنِكُم الصغرى، جاءكم مضطرا بحثا عن مأوى مؤقت يحميه ويقيه، ومارِسوا عليه مَثَلَكم الممسوخ: أنا والغريبُ على إبن عمي، وأنا وإبن عمي على أخي.
أما تاسعا فقد نَسيته تعمُّدا، وعاشرا: أنسيته إيحاءاً.
أنتم تستحقون المتاجرين بكم منْ مرجعيات الحياة. وتذكروا أنكم وأنا، حَبَشُ العيدِ وخِرافَه. على موائدهم سيتقاسمون لحمنا وتكسيرعظامنا. التسوية آتيه، فهي على نار هادئة، لا ينقصها إلا الرز المفلفل. صحتين. فأنت تستحقون زعماءكم.