إيران ربما امتلكت القنبلة النووية منذ 18 عاماً

النشرة الدولية –

في تحليل يغالط غالبية المراقبين الذين يتوقعون أن تصل إيران إلى القنبلة النووية في فترة تتراوح بين سنة وبضع سنوات، رجح تقرير في مجلة “ناشونال ريفيو” أن تكون إيران تمتلك فعلاً القنبلة النووية.

أعد هذا التقرير خمسة من كبار الديبلوماسيين والخبراء والمسؤولين السابقين والحاليين في الشؤون النووية والأمنية: المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأميركية السفير جايمس وولسي، ومستشار رونالد ريغان للشؤون العلمية ورئيس اللجنة الكونغرسية حول سلاح النبض الكهرومغناطيسي ويليام غراهام، والمدير السابق لمبادرة الدفاع الاستراتيجي وكبير المفاوضين الأميركيين مع الاتحاد السوفياتي في محادثات الدفاع والفضاء السفير هنري كوبر، ورئيس مجلس الاستخبارات القومية فريتز أرمارث، والمدير التنفيذي لمجموعة العمل حول النبض الكهرومغناطيسي بيتر فنسنت براي.

كتب هؤلاء الخبراء أن الأميركيين مضللون بتقييم المجتمعَين الاستخباري والدفاعي واللذين يقللان بشكل كبير من أهمية التهديد النووي الإيراني، كما فعلوا مع كوريا الشمالية. ثمة تيار سائد في واشنطن يعتقد أنه وفقاً للسيناريو الأسوأ، لم تصنع إيران القنبلة الذرية، لكن سيكون بإمكانها إنتاج واحدة أو أكثر خلال سنة، إنما ستكتشف الاستخبارات ذلك في الوقت المناسب كي تطلق التحذيرات والإجراءات الوقائية. ويرى جزء آخر من التيار السائد أن السيناريو الأسوأ هو امتثال إيران للاتفاق النووي والاتجاه بشكل شرعي إلى حيازة إمكانات تصنيع الأسلحة النووية خلال 10 إلى 15 عاماً بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

ربما امتلكتها منذ 18 عاماً

يذكّر الكتّاب الخمسة بأنهم حذروا في شباط 2016 وفي المجلة نفسها من أن إيران امتلكت على الأرجح أسلحة ذرية يمكن إطلاقها عبر الصواريخ والأقمار الاصطناعية. وكتبوا حينها: “نحن نقيّم، من تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة ومن مصادر أخرى، أن إيران سبق أن امتلكت على الأرجح أسلحة نووية. … قبل 2003، كانت إيران تصنّع مكونات الأسلحة النووية، مثل مفجرات سلك قنطرة التفجير وبادئ النيوترون، وتجري تجارب متفجرة غير انشطارية لجهاز تفجير نووي داخلي، وتعمل على تصميم رأس نووي حربي لصاروخ شهاب-3”.

وأضافوا أنه حين كان مشروع مانهاتن في الولايات المتحدة قد وصل إلى تلك المرحلة كانت واشنطن بعيدة أشهراً فقط عن صناعة القنابل الذرية الأولى. هذا كان وضع إيران منذ 18 عاماً. واستخدم مشروع مانهاتن تكنولوجيا من الأربعينات لاختراع واستخدام الأسلحة الذرية الأولى خلال ثلاث سنوات فقط تلت الفهم النظري البحت. لذلك، بحلول 2003، كانت إيران تقف عند عتبة تصنيع صواريخ نووية. لكن طوال ما لا يقل عن العقد الماضي، أصدر المجتمع الاستخباري تقييماً سنوياً يظهر أن بإمكان إيران بناء أسلحة ذرية في سنة أو أقل. ومنذ حوالي شهر، أعلن محللون مستقلون في معهد العلوم والأمن الدولي أن ما يفصل إيران عن تصنيع سلاحها النووي الأول هو ثلاثة أشهر وخمسة أشهر لصناعة الثاني. ويشير الخبراء الخمسة إلى عدم وجود سبب يدفع للاعتقاد بأن الإمكانات الاستخبارية الأمريكية والأممية هي مثالية لدرجة اكتشاف جهود إيران السرية لبناء أسلحة ذرية.

ما هي براهينهم وطروحاتهم المضادة؟

– إن إيران قادرة على بناء أسلحة نووية متطورة بالاستناد إلى اختبار المكونات من دون الحاجة إلى الاختبار النووي. فالولايات المتحدة و”إسرائيل” وباكستان والهند استخدمت مقاربة اختبار المكونات. قنبلة هيروشيما لم تخضع للاختبار ولا الرؤوس النووية الحرارية الأكثر تطوراً التي أنتجتها واشنطن خلال السنوات الثلاثين الماضية. أما الاختبارات النووية لباكستان والهند سنة 1998 فقد أجريت لأهداف سياسية لا لحاجات تكنولوجية.

– إن تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران محدود بالمنشآت المدنية ومحظور في القواعد العسكرية ومن ضمنها العديد من المنشآت المشبوهة تحت الأرض حيث من شبه المؤكد أن برنامج إيران للأسلحة النووية يستمر بشكل سري. تظهر صورة لمنشأة شاسعة تحت الأرض ومحمية بشدة بواسطة صواريخ سام، خطوطاً كهربائية عالية التوتر لتوفير كميات هائلة من الطاقة إلى أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم. لذلك، وبشكل شبه مؤكد، لا تشكل تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية كل الحكاية.

– إن التقييم الاستخباري الأميركي حول أن إيران علقت برنامجها للأسلحة النووية سنة 2003 يناقضه أرشيف إيران للأسلحة النووية الذي سرقته إسرائيل سنة 2018 ويناقضه أيضاً استئناف طهرن السريع لتخصيب اليورانيوم إلى نسب محظورة. يبرهن ذلك إمكانات موجودة أصلاً لإنتاج يورانيوم صالح للاستخدام عسكرياً. وأصدرت لجنة الكونغرس حول النبض الكهرومغناطيسي عدداً من التقارير التي توضح هذه القضية الهامة وقضايا أخرى مرتبطة بها.

– تشير غالبية التقديرات إلى أن إيران تحتاج إلى عشرة كيلوغرامات من يورانيوم-235 أو بلوتونيوم-239 العاليَي التخصيب لصناعة الأسلحة الذرية، كما كان الأمر مع القنبلتين الذريتين اللتين دمرتا هيروشيما وناغازاكي. لكن تصميماً جيداً يتطلب كيلوغراماً أو اثنين. يمكن تصميم القنابل الذرية الخام باليورانيوم-235 أو البلوتونيوم-239 المخصبين بحدود 50% فقط.

– برامج إيران النووية والصاروخية ليست محلية التطوير، بل تساعدها في ذلك روسيا والصين وكوريا الشمالية وعلى الأرجح باكستان. وفي حين يستخدم المجتمع الاستخباري اختباراً نووياً داخل البلاد، بما فيها إيران، كتأكيد على أن دولة ما طورت سلاحاً نووياً، يترك هذا الأمر الولايات المتحدة وحلفاءها معرضين للخداع الذاتي. تمتلك إيران وكوريا الشمالية علاقات عملية حيث ستقوم بيونغ يانغ بكل ما يلزم للحصول على النفط الإيراني بينما حضر الإيرانيون بعض الاختبارات النووية لكوريا الشمالية. أمكن كوريا الشمالية بسهولة أن تتبادل معلومات مع إيران أو حتى أن تكون قد جربت أسلحة نووية إيرانية على أنها خاصة بها، من دون إدراك واشنطن أو حلفائها بالأمر. ومن المعروف أن الكوريين الشماليين موجودون في إيران وهم يساعدون الحرس الثوري على تطوير برنامجهم الفضائي الذي يوفر الغطاء لبرنامج الصواريخ البالستية.

يذكّر الخبراء الخمسة بتحذيرهم الذي أصدروه منذ خمس سنوات. إن افتراض توقف إيران عن تصنيع الأسلحة الذرية لأكثر من عقد بينما أمكنها فعل ذلك بشكل سري، هو أمر طائش وغير محتمل. وكتبوا حينها أن إيران تملك على الأرجح أسلحة نووية لصاروخ شهاب-3 والذي اختبروه لشن هجمات النبض الكهرومغناطيسي. كما بإمكان إيران شن هجوم من هذا النوع ضد الولايات المتحدة في وقت من اختيارهم، عبر الأقمار الاصطناعية، وهذا ما يبدو أنهم جربوه بمساعدة من كوريا الشمالية.

ما خيارات المواجهة؟

يكتب الخبراء الخمسة أن الخيارات المثالية لمواجهة التهديد صعبة كثيراً في هذه المرحلة. الاتفاق النووي ومعاهدات حظر الأسلحة النووية ستجعل الأمور أسوأ كما حدث مع كوريا الشمالية. أما شن الغارات أو الاجتياح فسيكون محفوفاً بالمخاطر لأن العالم لا يعرف مخابئ جميع الأسلحة النووية في إيران. وقد رُدعت الولايات المتحدة عن استهداف كوريا الشمالية حين كانت إمكاناتها النووية في طور التأسيس. تغيير النظام عبر دعم ثورة شعبية قد يكون حلاً عملياً لأن الشعب الإيراني سيطيح حكومته الإسلاموية إذا استطاع ذلك. لكن النظام أثبت أنه بارع في قمع الانتفاضات وقد يستخدم التورط الأمريكي، أكان حقيقياً أو مزعوماً، كأداة دعائية لتبرير القمع كما حدث سابقاً.

لكن ما يمكن فعله حالياً بحسب المسؤولين أنفسهم يتضمن تعزيز حماية الشبكات الكهربائية والبنى التحتية الحيوية الأمريكية الأخرى من هجوم النبض الكهرومغناطيسي. ويتعين على البيت الأبيض والقيادة الاستراتيجية النظر إلى إيران حالاً على أنها تهديد صاروخي نووي وزيادة وسائل التدقيق التقنية والاستخبارية البشرية لتحديد موقع القدرات العسكرية النووية وإعداد الخيارات الوقائية إذا أصبح التحرك ضرورياً. ويتعين أيضاً تعزيز الدفاعات الصاروخية الوطنية ونشر دفاعات فضائية حديثة. فالنجاة الوطنية لا تعتمد فقط على الردع أو الضربة الاستباقية. من الأفضل الدفاع عن الشعب الأمريكي عوضاً عن الانتقام له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button