النائب.. البدّالة* أسرار جوهر حيات
النشرة الدولية –
في البرلمانات، عادة ما تكون مهمة النائب التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية، إلا في الكويت، فقد أضاف بعض النواب على هاتين المهمتين مهمة ثالثة، هي «البدّالة»! فبعد أن كان برلماننا مضرب مثل للديموقراطية، ومحط الأنظار في نشاط التشريع، وكانت أسماء النواب «تهز الحكومة هز» بسبب ممارستهم الحقة لوظيفة الرقابة على أداء الوزراء، فقد بعض النواب شيئاً فشيئاً، الكثير من «هيبتهم الرقابية» لمصلحة «الخدمات»، فظهر لدينا نواب الخدمات، الذين غالباً ما توازي مهامهم الوظيفية مهام «المندوب» أو «المراسل»، في نقل المعاملة من المواطن، إلى الوزير أو المسؤول لتوقيعها، إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد.
فممارسات بعض النواب امتدت في الإساءة للمقعد البرلماني، فقد انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تغريدات بعض النواب التي يعلنون من خلالها أنهم اتصلوا بالوزير الفلاني، وطلبوا منه إجراء معينا، ويعلنون صراحة اتخاذ الوزير لهذا الإجراء أو توقيعه لقرار ما، بينما بعد مضي أيام على التغريدة لا نجد أي نتائج تدل على اتخاذ هذا القرار من قبل الوزير.
وفي النقاش عن مدى مصداقية هذه التغريدات، فالتجربة أثبتت أن أغلبها إما أن تكون من وحي خيال النائب، أو غالباً ما تكون تفسيراً خاطئاً لكلام الوزير، فعلى سبيل المثال يطلب النائب قرارا ما، فيرد الوزير «إن شاء الله خير» فيهرع النائب ليكتب صيغة التغريدة الأكثر شهرة ورواجاً وهي: هاتفت الوزير… وأبلغني باتخاذ القرار، متناسياً أن «إن شاء الله خير» لا تعني موافقته من عدمها.
وغالباً ما تأتي هذه التغريدات من بعض النواب، ردات فعل على حملات شعبية، أو حدث سريع. وأمانةً، وحتى نحفظ للنواب حقوقهم، نحيي سرعة استجابتهم مع القضايا الشعبية وحضورهم، إلا أن طريقة الاستجابة لا تبدو متناسبة مع مكانتهم النيابية، وصلاحياتهم، فالنائب، ووفقا للدستور، يملك حق المساءلة التي تتدرج إلى أن تبلغ حد المنصة، وحتى إن كان يرغب بحل الأمر ودياً مع الوزير، لا يكون بهذه الطريقة، ولا بهذه السرعة، الأمر الذي يثير الشك في مدى مصداقية التغريدة التي يكتبها بعض النواب بعد مهاتفة الوزير! فهل يعقل أن تكون هناك قضية بلا حل لمدة طويلة على سبيل المثال، يتخذ بها الوزير إجراء لتصحيحها بمجرد اتصال النائب الذي كتب التغريدة؟ الأمر يستحق التساؤل!
وهمسة إلى إخواني النواب، وظيفتكم التشريع والرقابة… ونحتاج تشريعات لإصلاح اقتصادي جذري، ولبعض النواب أقول كُفّوا عن أداء دور «البدالة»، شرِّعوا وراقبوا!