الصين شريك إستراتيجي موثوق به ودائم لدول الشرق الأوسط..*السفير الصيني لدى الكويت لي مينغ قانغ

النشرة الدولية –

بمجرد انتهاء عيد الربيع التقليدي الصيني، قام مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي بزيارة رسمية لكل من السعودية وتركيا وإيران والإمارات والبحرين وزيارة عمل لعمان.

وقبل ذلك بشهر، قام عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومدير مكتب اللجنة المركزية للشؤون الخارجية يانغ جي تشي بزيارة لكل من الكويت وقطر.

وعكس هذا التحرك الديبلوماسي المهم الذي قام به الجانب الصيني الاهتمام البالغ الذي توليه الصين لدول الشرق الأوسط، وعزمها الثابت لتنمية العلاقات معها، كما جسد أن الصين شريك استراتيجي موثوق به ودائم لدول الشرق الأوسط، وبث رسالة واضحة بأن الصين ودول الشرق الأوسط تعمل جنبا إلى جنب على إقامة مجتمع أوثق للمستقبل المشترك بينهما، وبالتحديد:

أولا: تبادل الدعم الثابت للمصالح الجوهرية. ترى الصين ودول المنطقة جميعا أنه يجب تنويع اختيارات الدول النامية بشأن طرق تحقيق التحديث، وتعزيز التعايش المتناغم بين مختلف الحضارات، وذلك عبر سبل تنموية متنوعة يتم اتخاذها بالإرادة المستقلة وعلى أساس احترام السيادة والاستقلال والكرامة الوطنية لكل الدول، ويجب مقاطعة فرض الأيديولوجيا على الآخرين بشكل قسري، واعتراض التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى بذريعة حقوق الإنسان، والتعسف في اتهام الدول الأخرى وتشويه صورتها، كما يجب الحفاظ على المنظومة التي تكون منظمة الأمم المتحدة مركزا لها، والنظام الدولي القائم على القانون الدولي، ورفع علم تعددية الأطراف عاليا، والدفاع عن الإنصاف والعدالة الدوليين.

ثانيا: صيانة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط بشكل مشترك. من الصعب أن يعيش العالم في أمان إذا لم يكن هناك استقرار في الشرق الأوسط.

تتضمن المبادرة بشأن تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والتي طرحها وزير الخارجية الصيني خلال زيارته الأخيرة للمنطقة، خمسة محاور متمثلة في الدعوة إلى الاحترام المتبادل والتمسك بالإنصاف والعدالة وتحقيق عدم انتشار الأسلحة النووية والتعاون في بناء الأمن الجماعي وتسريع التنمية والتعاون، بما سيضفي طاقة إيجابية لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين في المنطقة.

سيقدم الجانب الصيني دعمه الكامل لجهود المجتمع الدولي في الوساطة الهادفة لتحقيق «حل الدولتين» للقضية الفلسطينية الإسرائيلية، وسيدعم مجلس الأمن للنظر في القضية الفلسطينية على نحو شامل خلال توليه رئاسة مجلس الأمن في الشهر المقبل، وسيقيم ندوة للشخصيات الفلسطينية والإسرائيلية المحبة للسلام في الوقت المناسب، وسيشارك الجانب الصيني بشكل نشط في العمليات المعنية بحل ملف إيران النووي، حيث قد توجه المسؤولون الصينيون إلى موسكو للبحث مع نظرائهم الإيرانيين والروس في خريطة إعادة الاتفاق الشامل لملف إيران النووي والجدول الزمني لها، وسيحافظ الجانب الصيني على اتصال وثيق مع كل الأطراف فيما يتعلق بإقامة منتدى متعدد الأطراف بشأن أمن المنطقة الخليجية في الصين، لبناء الثقة تدريجيا بدءا من المواضيع السهلة نسبيا مثل ضمان أمن المنشآت النفطية والممرات الملاحية، ثم المواضيع الصعبة.

كما يستعد الجانب الصيني لإقامة المنتدى الصيني – العربي للإصلاح والتنمية ومنتدى أمن الشرق الأوسط في العام الحالي، وذلك لتعزيز تبادل الخبرات حول الحكم والإدارة وتدعيم الحوار بين الحضارات مع دول الشرق الأوسط.

ثالثا: مواصلة تعميق التعاون لمكافحة الجائحة. لن ننسى الدعم القوي الذي قدمته دول الشرق الأوسط للصين لمكافحة الجائحة التي اجتاحت العالم بشكل مفاجئ، والذي ارتقى بمستوى الصداقة بين شعبي الجانبين من خلال التعامل المشترك مع الأزمة الصحية العامة.

إن الجانب الصيني على استعداد للعمل معا مع دول الشرق الأوسط على الحفاظ على التعاون الفائق بين الجانبين في مجال مكافحة الجائحة، وسيبذل جهودا أكثر لتعزيز التعاون بشأن اللقاح ومواصلة تقديم المساعدات بقدر المستطاع فيما يتعلق بالتبرع باللقاحات وتصديرها، ويستعد الجانب الصيني لدفع إنشاء آلية دولية لتبادل الاعتراف بالشهادات الصحية، وذلك لتسهيل الزيارات المتبادلة في ظل الإجراءات الروتينية لمكافحة الجائحة، كما يستعد الجانب الصيني لمواصلة بلورة توافقات حول التضامن لمكافحة الجائحة ومنع تزايد أعمال تسييس الجائحة مرة أخرى، وجعل اللقاح «لقاحا شعبيا» متاحا في كافة الدول وبسعر معقول.

رابعا: تعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية والتعاون لبناء «الحزام والطريق» بجودة عالية. يتمتع الشرق الأوسط بمزايا بارزة من حيث موارده وموقعه الجغرافي، في حين أن المعادلة التنموية الجديدة للصين أتت بالمزيد من الفرص للتعاون بين الجانبين.

وقعت الصين مع 19 دولة في الشرق الأوسط على وثائق التعاون لبناء «الحزام والطريق»، وأجرى مدير مكتب اللجنة المركزية للشؤون الخارجية يانغ جي تشي ووزير الخارجية الصيني وانغ يي بحثا معمقا مع نظرائهم حول سبل المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية بين الصين ودول المنطقة.

كما توصل وزير الخارجية الصيني وانغ يي والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي د.نايف الحجرف إلى توافق على إنجاز مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي بشكل مبكر خلال اللقاء بينهما، ووقع وزير الخارجية الصيني على خطة التعاون الشامل مع نظيره الإيراني خلال الزيارة.

ويستعد الجانب الصيني للعمل مع دول الشرق الأوسط على توطيد التعاون في مجال الطاقة على كافة الأصعدة، وتوسيع التعاون في مجال الطاقة الجديدة والطاقة المتجددة، وتعميق التعاون في مشاريع البنية التحتية الكبرى، واستحداث أنماط جديدة للاستثمار والتمويل لرفع مستوى سهولة ممارسة التجارة البينية وتوسيع نطاق تبادل العملات، إضافة إلى تعزيز التعاون في مجال التقنيات المتطورة الحديثة بما فيها شبكة الجيل الخامس والبيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي، لفتح آفاق جديدة للتعاون في مرحلة ما بعد الجائحة.

خامسا: إقامة المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك. يضرب التبادل الودي بين الصين والدول العربية جذوره في أعماق التاريخ.

وفي وجه التغيرات والجائحة اللتين لم يسبق لهما مثيل خلال 100 عام، ظلت العلاقات بين الصين والدول العربية تتطور في الظروف الصعبة، وأظهرت حيويتها ونشاطها، مما شكل نموذجا يحتذى للعلاقات بين الدول.

وفي عام 2020، حافظت الصين على كونها أكبر شريك تجاري للدول العربية، وأصبحت الدول العربية أكبر مصدر للنفط الخام للصين، وتوافق الجانبان على إقامة القمة الصينية ـ العربية الأولى.

إننا حريصون على مواصلة دفع تنمية العلاقات الصينية – العربية، والسعي لإقامة المجتمع الصيني – العربي للمستقبل المشترك الذي يقوم على أساس المبادئ والمواقف المشتركة، ويساهم في صيانة الأمن والوئام ويتميز بالازدهار والتنمية، وبذل جهود مشتركة لجعل القمة الصينية – العربية حدثا عظيما في تاريخ العلاقات الصينية – العربية.

تعتبر الكويت دولة خليجية مهمة وشريك تعاون حميما للصين في المنطقة. ويصادف العام الحالي الذكرى الـ50 لتأسيس العلاقات الديبلوماسية بين الصين والكويت.

وفي العقود الخمسة الماضية، ظلت العلاقات بين البلدين تتطور على نحو سليم ومستقر، وظل البلدان يتبادلان الفهم والدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والهموم الكبرى لبعضهما البعض.

وتعتبر الكويت أول دولة في المنطقة وقعت على وثائق التعاون مع الصين في إطار بناء «الحزام والطريق»، وحقق التعاون بين البلدين نتائج مثمرة في مجالات الطاقة والتجارة والبنية التحتية والثقافة وإلخ.

إن الجانب الصيني دائما يهتم بالعلاقات مع الكويت ويطورها انطلاقا من الاعتبارات الاستراتيجية البعيدة المدى، ويستعد للعمل مع الجانب الكويتي على بذل جهود مشتركة لترجمة توافقات قيادتي البلدين على أرض الواقع بأبهى صورها، ومواصلة توطيد الثقة الاستراتيجية المتبادلة وتعميق التعاون لمكافحة الجائحة، ودفع البناء المشترك لـ«الحزام والطريق» بجودة عالية، بما يقوي علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ويعزز السلام والأمن في الشرق الأوسط لمزيد من التنمية والازدهار فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى