فاقد الشيء لا يعطيه .. والوطن بحاجة للعقلاء* صالح الراشد
النشرة الدولية –
مثل قديم يصاحبنا أينما حللنا “فاقد الشيء لا يعطيه”، فالفقير لا يمكن أن يعطيك مالاً والجاهل لا يمنحك علماً، والسارق لا يعطيك الأخلاق وكذلك الكاذب لا يعلمك الصدق، والباحث عن مصالحه الشخصية لا يمكن أن يُنقذ الوطن، هذه هو الحال ومن يقول غير ذلك فقد سفه نفسه، ففاقد الشيء لا يعطيه قولاً وفعلا، لذا نجد ان الأحزاب القائمة على الديكتاتورية المُطلقة بأبدية الأمين العام لا يمكن أن تصنع الديموقراطية إذا ما انتقل قادتها لمواقع حكومية، ومن يقولون عن أنفسهم معارضة خارجية وداخلية لا يستطيعون تولى الأمر وهم لا يملكون خطط لإنقاذ الوطن، وهذا يعني ان هؤلاء سيعتمدون على التجربة التي “قد تصيب وقد تخيب”، وبالتالي لن يشكلوا فارق في المحصلة عن الوزارات التي تم تشكيلها وتعمل بذات الطريقة “يا تصيب ويا تخيب”.
لذا وحتى نصبح مجتمعاً سليماً علينا البدء من نقطة الصفر في المحاسبة، وليس العمل كون حركة التنمية والنهضة تسيران جنباً إلى جنب منذ قرن من الزمن، لنجد أن المطلوب بيان المعرفة لمن يريد أن يتولى أمر عام ومعرفة ما يملك من علم ومعرفة في هذه الدنيا، وعند اختياره للمنصب العام أو الوزارة وحتى كرئيس للوزراء يتم تطبيق قانون “من أين لك هذا”، وعندها ستستطيع الدولة إيقاف الفساد المتغول في شتى مفاصلها وفي منظمات المجتمع المدني، كما على الدولة أن تُنظم المعارضة “وأعلم هذا أمر لن يعجب المعارضين” وعليهم الخضوع لقانون ” من أين لك هذا” حتى تضمن الدولة عدم وجود جهات خارجية داعمة للمعارضين، وحتى يتم التأكد أيضاً من سلامة نوايا المعارضة ومن قدرتها في خدمة الوطن، وهذا يعني المزيد من الإجتماعات مع رموزها لمعرفة إلى أين تريد الوصول وما هو هدفها الحقيقي.
ولزيادة الحرص على مستقبل الدولة يجب عدم ترخيص أي حزب أو تيار إذا لم يكن يملك خطة عمل واضحة المعالم والأهداف، ومرتبطة بفترات زمنية في حال تولي أي منهم منصب كبير، وبالتالي لن يتعلم أعضاء هذه الأحزاب والتيارات الإدارة من جيب المواطن كما يحصل حالياً، والغريب أنه لا يوجد حزب أو تكتل يملك خطة لإنقاذ الوطن من الصعوبات التي يمر بها، كما لم يتقدم أي منها بحلول ويقدمها للحكومة حتى يُشعرُنا بأنه شريك في إدارة الدولة، مع العلم ان قيام الأحزاب بوضع خطط شمولية وتطوريها سنوياً يعتبر تثقيف للأحزاب والتيارات وأفرادها ليكونوا جاهزين ومدربين، وهذه الخطوات تعتبر حق للوطن والمواطن دافع الضريبة وحتى لا يتولى المنصب فاقدٌ للشيء.
وحتى في حال أرهقت هذه الخطوات الأحزاب فإنها ستدرك ان الاعتراض على كل صغيرة وكبيرة ليس طريق للإصلاح السليم، حيث يرتبط كل برنامج بخطة عمل وجدول زمني ويكون الإعتراض خلال الإنتقال من مرحلة زمنية لأخرى، وليس في كل وقت وبالتالي تتوقف الأحزاب والمُعارضة “التي نبحث عن رموزها فلا نجدهم” عن الإعتراض لمجرد الإعتراض، وهذا يجعل الباحثين عن المناصب لا يعملون على طريقة “شوفيني يا بنت خالتي” ليفقدوا بهجتهم وخداعهم، لذا لا يجب أن يتولى أي منصب فاقد للشيء، والشيء هنا المعرفة وخطة العمل والبرنامج التنفيذي والمدة الزمنية لكل برنامج، ومن لا يملك هذه الأمور فليجلس في بيته، وليكف أذاه وحديثه الصاخب غير المجدي عن الاردنيين الحالمين ببناء الوطن بشكل سليم.
وللأسف فإن العديد من المعترضين على قرارات الحكومة لا يملكون حلولاً أخرى، وهذه إحدى أهم النقاط فمن لا يملك المعلومة والحلول لا يحق لا أن يعترض كونه فاقد للشيء بمجمله، لذا فإن أفضل الحلول تتمثل بإعتماد الأحزاب والتيارات والتكتلات على الخبراء لإجراء دراسات معمقة ومتكاملة قبل النطق بأي كلمة، وعندها يستطيعون الدفاع عن رايهم بقوة وبطرق علمية وعندها من حقهم تولي المناصب وتشكيل الحكومات، لذا نقول لهم جميعا اطلبوا العلم ولو في الصين، ولا تهرفوا بما لا تعرفوا وتذكروا دوماً بأن فاقد الشيء لا يعطيه.