ما بين الأردن والكويت خيط رفيع* مزيد مبارك المعوشرجي

النشرة الدولية –

محاولة انقلاب فاشلة «بتدخل من دول خارجية» هزت أركان الأردن الشقيق، عدت على خير ولله الحمد.. في مملكة تمتلك كتيبة استخبارات أمنية متينة تعد من أقوى استخبارات المنطقة، وعلى قولة المثل: «إذا ضربت الخشم.. أدمعت العين».

ونحن بالكويت لسنا ببعيدين عن الأردن، بل نحن مخترقون ومكشوفون من جميع الجهات، (بل نخاف أصلا إننا ندري شنو يدرون عنا !) ولم نتعظ سياسيا من تجربة الغزو عام 1990، ولم نحصن أنفسنا اقتصاديا بخلق موارد دخل جديدة خلاف بيع النفط، رغم توافر الدراسات والمشاريع الناجحة على الورق دون تجسيدها في الواقع، ولم نلحق بالركب العالمي، ولم نقرأ ببصيرة الملامح الواضحة للنظام العالمي الجديد.

يا ترى، ماذا حصل لدانة الشرق وعروس الخليج العربي؟ لماذا لم تصبح الكويت مركزا ماليا واقتصاديا كما كانت تخطط عام 2006؟ لماذا هربت الوكالات العالمية من الكويت، ولماذا هربت أيضا العديد من رؤوس الأموال الكويتية؟.. الإجابة: ابحث عن المستفيد من ذلك!

نعم مؤشر الكويت في الحريات تراجع عن السابق.. ونعم مؤشر الكويت في الفساد في تقدم وارتفاع رغم زيادة المؤسسات الرقابية في الكويت، لكن الكويت على خلاف الأردن ولو اتفقت معها في وجود برلمان منتخب.. إلا أنها دولة غنية وتمتلك صندوقا سياديا يعتبر من أكبر الصناديق السيادية بالعالم، ولها كما الأردن مواقف ثابتة تجاه القضايا العربية والإسلامية والإنسانية، وتملك قيادتها السياسية تأييدا شعبيا.. وهذا هو ما يخيف ويرعب محاربي التجارب الديموقراطية الناجحة في المنطقة، يرعبهم مشهد تتويج صاحب السمو الأمير وسمو ولي عهده الأمين بقيادة دفة الحكم في البلاد بكل بساطة ومرونة وحب وقبول من الشعب عبر برلمانه، من دون قوة أو إجبار، وقبل ذلك انتقال السلطة بنفس المرونة لأمير الإنسانية المرحوم الشيخ صباح الأحمد عام 2006.. بنفس النهج الأبوي منذ إمارة صباح الأول للبلاد.. الكويت الصغيرة بالحجم الكبيرة بالمواقف الثابتة.

هذه الأمور المرعبة لمن لا يستطيع العيش بها مع شعبه يحارب بكل الوسائل المتاحة لإفشال التجربة الديموقراطية الكويتية والعمل على ألا تهنأ الكويت باستقرار سياسي عبر شراء ذمم المرتزقة بمختلف مراكز صناعة القرار بالبلد، فالغاية عنده تبرر الوسيلة عبر «فرق تسد» وأشغل الكويت في نفسها وأشعل فيها الفتن لكي يقول كل من يشاهد الكويت من الخارج: الحمد لله ما عندنا برلمان مثل الكويت! ولتهرب إلى بلدان أخرى المنفعة، ولكي لا تمكن الكويت من الوقوف من جديد لتستغل موقعها الجغرافي وتنجز على سبيل المثال ميناء مبارك مما يضر بمصالح دول أخرى لو أنجز!

السكوت عن التدخلات الخارجية بداعي الخجل أو الخوف على استقرار العلاقات الخارجية قد يتسبب في ضياع البلد وليس فقط بعدم استقراره، وعلى الرغم من عدم وجود دليل ملموس لها لأفراد داخل البلد، لكن لنا في الحسابات الوهمية الموجهة من الخارج إلى جانب التي كانت تقود ما يسمى بمسيرة كرامة وطن الشهيرة، إلا أنني على يقين بأنها غير غائبة إن وجدت عن القيادة السياسية التي أتمنى أن تتعامل معها بحزم، وأن نستغل كما تستغل الدول العظمى الأزمات في تغيير الواقع السياسي الملتهب بحكمة ومن دون عواطف أو اعتبارات شخصية على حساب مصلحة الوطن العليا، والإسراع في سن قوانين وتشريعات باتجاه الإصلاحات السياسية الشاملة، فمازالت الكويت بخير ومازال هناك متسع للإصلاح منبعه الشعب الخيّر وقيادته السياسية الرشيدة التي نعرفها «لا حجت حجايجها».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى