هاشم غرايبة: أعكف على كتابة تاريخ »حوّارة« النسوي
النشرة الدولية –
الراي – أمل نصير
قال الكاتب والروائي هاشم غرايبة إن إقامة الفعاليات الثقافية عن بعد لها نواقصها، ولكنها أتاحت فرصا للتواصل مع جغرافيا واسعة وطيف واسع من الكفاءات لم نكن متنبهين له قبل أن تفرض علينا الجائحة اللجوء لها.
وأضاف غرايبة في حوار مع «الرأي»، أنه لا ينقطع عن الكتابة في شهر رمضان الفضيل، مشيرا إلى انشغاله راهنا بكتابة التاريخ النسويّ في بلدة حوّارة. موضحا أنه «عادة ما يجري الحديث عن شجرة نسب العائلة لجهة الذكور؛ من هنا أحاول التأصيل روائيا لشجرة نسب نسائية».
وتاليا نص الحوار:
* يتسم شهر رمضان الكريم بالأجواء الروحانية والشعائر التي لا تتكرر في بقية شهور السنة، لكن جائحة كورونا فرضت محددات وقيوداً على الحياة اليومية لا يستسيغها كثيرون. كيف توفّق بين هذين الأمرين؟
شهر رمضان تغيير للنهج المعتاد للحياة، وكسر للرتابة والتكرار في المأكل والمشرب والعبادات، يتبعه تغير السلوكيات والمزاج وردود الأفعال، خلافا لما اعتدنا عليه طيلة عام كامل.
وجاء الحظر الكوروني ليعزز المفارقة ويفرض تغييرات على المنهاج الرمضاني، بنوم نهاراته وإحياء ليله، بعياداته الخاصة وولائمه وصلاة تراويحه وطقوس سهراته وقمر الدين سحوره!
تبعثر ما كرسته الرمضانات من عادات وطقوس وعبادات، لا تجمعات، ولا كرم فائض على مفارق الطرقات. لا تراويح جماعية، ولا فطور خفيف في المسجد.
صار يومنا بكل تفاصيله مفارقا ومغايرا عما اعتدنا، لكن ميزة البشر أنهم قادرون على التكيف.
الحمد لله أننا حافظنا على الخطوط العامة للشهر الفضيل من حيث: الصوم والنوم والتراويح.
* برأيك، ما مدى تأثّر الطقوس العائلية والاجتماعية خلال الشهر الفضيل بالتدابير الحكومية للحدّ من انتشار الجائحة؟
هذا السؤال ليس بحاجة لجواب. لأن التجمع والتجول والتلاقي على الموائد والطاعات هي أساس الطقوس العائلية والاجتماعية، فكيف سيكون رمضان شهر التواصل والتكاتف والكرم والجود في ظل أحكام التباعد وحظر التجوال ومنع التجمعات التي فرضتها جائحة كورونا قبل أن تقوننها التدابير الحكومية المحقة في صرامتها للحد من انتشار الوباء وتسطيح منحنى الاصابات والوفيات وحماية المجتمع.
بالنسبة لي ولأسرتي، فنحن نلتزم بالتعليمات الرسمية ذات الصلة بمواجهة الجائحة، وإن كنت أعارض السياسات الحكومية على المستويين الاقتصادي والسياسي وما يتفرع عنهما.
* هل تضع برنامجاً محدداً للقراءة في الشهر الفضيل، أم إن الأمر متروك للصدفة؟
البرنامج أم الصدفة؟ كلاهما، برنامج القراءة عندي مرتبط بمشروعي الخاص. طبيعة البحث أو الرواية أو الاهتمام الذي يشغلني وأشتغل عليه. أما الصدفة فتحدث عندما يقع بين يدي كتاب لصديق أو دعاية لكتاب يثير فضولي.
ويمتد وقت القراءة في رمضان من المغرب وحتى مطلع الفجر، يتخلله ملاعبة الأحفاد والجلوس على الشرفة للاستمتاع بالهدوء والموسيقا، وقد يفرض فيلم جيد نفسه على وقت القراءة.
* ما نوع الكتب التي تقرؤها أو تفضّل قراءتها خلاله، مع أمثلة عليها؟
أنا مشغول بعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا هذه الأيام، أقرأ لإبراهيم غرايبة وأحمد أبو خليل ومحمود شقير. وبين يدي الأن كتاب «تلك الأمكنة» لمحمود شقير، وفيه سيرة ذاتية تتسم بالبساطة والعمق والجمال والنضال.
* هل تواصل مشاريعك الإبداعية في شهر رمضان، أم تنقطع عنها لخصوصيةِ هذا الشهر؟ وما آخر المشاريع التي اشتغلت/ تشتغل عليها؟
لا أنقطع عن الكتابة في رمضان، ومنشغل الآن بكتابة تاريخ حوارة النسوي.. عادة ما يجري الحديث عن شجرة نسب العائلة لجهة الذكور؛ ولكني هنا أحاول التأصيل روائيا لشجرة نسب نسائية.
* هل ترى أن إقامة الفعاليات الثقافية والفنية افتراضياً وعن بعد، يمكنه أن يغْني عن الصيغة التقليدية لإقامة الفعاليات التي يكون فيها المشاركون والجمهور وجهاً لوجه، وفي مساحة واقعية محددة؟
إقامة الفعاليات الثقافية عن بعد لها نواقصها، ولكنها أتاحت فرصا للتواصل مع جغرافيا واسعة وطيف واسع من الكفاءات لم نكن متنبهين له قبل أن نفرض علينا الجائحة اللجوء لها. لكل تغيير منافعه ومضاره، ولكل جديد ثماره اليانعه وحطبه اليابس.
* إلى أيّ مدى ساهمت الجائحة في منحك فرصة للتأمُّل ومراجعة الذات، وإعادة ترتيب أوراقك في علاقتك مع نفسك ومع الآخرين عموماً؟
الجائحة نفسها هي موضوع تأمل ومراجعة. فما الحال مع مخرجاتها. الحياة مفاجآت ومتغيرات. ومن لا يعيد ترتيب أوراقه وعلاقاته وفقا للمتغيرات سيتحول إلى صنم ملح كما تقول الأسطورة القديمة.